(اليمن) عنوان للبلاد التي تقع جنوب الجزيرة العربية، وكان معظم سكانها من القحطانيين، ولأنها كانت تمثل حالة حضارية منذ زمن بعيد، فان الهجرة إليها من مختلف البلدان المجاورة لم تتوقف، وظلت محل أطماع الإمبراطوريات المهيمنة في الجوار العربي.
علاقة اليمن ببلاد فارس قبل الإسلام
(اليمن) عنوان للبلاد التي تقع جنوب الجزيرة العربية، وكان معظم سكانها من القحطانيين، ولأنها كانت تمثل حالة حضارية منذ زمن بعيد، فان الهجرة إليها من مختلف البلدان المجاورة لم تتوقف، وظلت محل أطماع الإمبراطوريات المهيمنة في الجوار العربي.
(فارس) عنوان للبلاد التي تقع في الجزء الجنوبي الغربي مما يعرف اليوم بـ(إيران) الاسم الذي أطلق عليها عام 1935م، ففارس جزء صغير من إيران اليوم وليست كلها، ويتكلم سكان إيران اليوم بعدة لغات أشهرها: الفارسية والكردية والعربية والبلوشية والأذرية.
وقد بدأت علاقة اليمن ببلاد فارس – فيما يذكر التاريخ – إبان الغزو الحبشي لليمن، حيث كانت الثورات اليمنية غير قادرة على إخراج الأحباش؛ بسبب ضعفها وتفرقها من جهة، وقوة الاحباش وشدة سطوتهم من جهة أخرى، مما دفع «آل ذي يزن الحميري» إلى اللجوء إلى الاستعانة بالقوى الكبرى – آنذاك «الروم والفرس» – وفشلت المحاولة مع الروم، ونجحت مع الفرس، فبعث كسرى فارس جيشاً مع «سيف بن ذي يزن» إلى شواطئ عدن، ومنها توجه نحو صنعاء حيث هزم الأحباش، ثم نصَّب أهل اليمن سيف بن ذي يزن ملكاً عليهم، وأتت وفود العرب وزعاماتهم مهنئة له، وعاد أكثر الفرس إلى بلادهم، ومنهم استوطن اليمن وتزوج وخَلّف شانهم شأن الاحباش والقادمين من مختلف أرجاء جزيرة العرب.
ولم تمض فترة حتى تم اغتيال سيف بن ذي يزن، فبعث كسرى القائد «وهرز الديلمي»، حاكما لليمن، فلم يلبث أن ثار عليه اليمنيون، فبعث كسرى القائد «باذام أو باذان» فواجه معارضة واحتجاجات كثيرة، حتى عقد اتفاقاً مع كبرى القبائل اليمنية حول تنظيم الحكم وتقاسم السلطات، وصاهر اليمنيين، واختلط ذووه بالمجتمع حتى صاروا جزءا منه (أنظر: جواد علي، المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام 6/217 – 218)
ومع مرور الأيام انتشر المنحدرون من أصول فارسية في البلاد اليمنية، وتماهوا في المجتمع كغيرهم من الأصول القادمة من مناطق مختلفة من الجزيرة العربية، وأفريقيا، والهند، والشمال، ومن أشهر مواطنهم في اليمن قرية «الفرس» في وادي رجام، وقرية «الأبناء» في وادي السِّر في قبيلة بني حشيش، وقرية «بني بهلول» جنوب صنعاء و«بيت بوس» غرب صنعاء وقرى أخرى في خولان الطيال شرق صنعاء (أنظر: إبراهيم المقحفي، معجم البلدان والقبائل اليمنية 1/18).
وفي إيران محافظة واسعة تسمى (همدان) قد يكون لها صلة بـ(همدان) اليمن، كما يوجد ألقاب قبائل إيرانية تتطابق مع ألقاب أسر يمنية قديمة.
اليمن وإيران بعد الإسلام
جاءت دعوة الاسلام لأهل اليمن أيام «باذام أو باذان» فدخل الاسلام مع أهل اليمن – في قصة معروفة ترويها كتب التاريخ – وبدأ فصل جديد دخل فيه اليمانيون تحت لواء رسالة الاسلام، ومضت عليهم نظمه وأحكامه، وتعافى من أسوأ الانقسامات الحادة التي كان يعاني منها، حيث قدم (الدين) هوية بديلة لكثير من المفارقات العرقية والفئوية التي كانت تفتك بجزيرة العرب عموماً، وهنالك استغنى الناس عن الهويات العرقية بالهوية الاسلامية، التي أعلنت: أن هذه الأمة أمة واحدة، وأن الله ما جعل الناس شعوبا وقبائل إلا ليتعارفوا، وأن الاعراق والأنساب لا تمنحهم الخيرية، ولكن أكرمهم عند الله اتقاهم.
وفي ظل الدولة الإسلامية كانت الهجرة المتبادلة بين الفرس واليمن متاحة دون قيود أو شروط مما مكن هؤلاء وأولئك من التنقل والاستيطان بدوافع شتى منها التجارة والاستقرار الذي كانت تشهده البلاد تارة هنا وأخرى هناك.
ويذكر المؤرخون أن بعض الأسر اليمنية استقرت في بلاد فارس وما جاورها، خصوصاً أسر الأشخاص الذين كان يذهبون إلى تلك البلدان كولاة أو قضاة أو دعاة لنشر الإسلام.
يتبع في الأسبوع القادم: (التاريخ المشترك للإمامة الزيدية في اليمن وإيران).