ضم أربع مناطق بأوكرانيا.. بوتين يتعهد بالنصر وتحذيرات من حرب عالمية ثالثة ومخاوف “النووي”
يمن مونيتور+ اسوشيتد برس+ رويتر+ أ.ف.ب+ صحف
أعلنت روسيا ضم أربعة مناطق أوكرانية اليوم الجمعة خلال مراسم بالكرملين. وجاء ذلك بعد انتهاء استفتاءات زعمت موسكو أنها أسفرت عن تأييد غالبية سكان تلك المناطق للانضمام لموسكو، فيما اعتبر الغرب أنها “غير شرعية”.
وتشكل الأقاليم الأربعة معًا حوالي 15% من الأراضي الأوكرانية، وفق تقديرات معهد دراسات الحرب “إنستيتيوت فور ذا ستادي أوف وور”. في أكبر عملية ضم في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية.
قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الجمعة، عقب الإعلان عن الضم، إن “النصر سيكون لروسيا”، فيما أكد الرئيس الأميركي جو بايدن أنه “لا يمكن لـ(الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين الاستيلاء على أراضٍ مجاورة والنجاة بفعلته”.
وشدد بوتين خلال احتفال في الميدان الأحمر، بعد انضمام مناطق زابوروجيا وخيرسون ودونيتسك ولوغانسك الأوكرانية إلى الاتحاد الروسي، على أن “موسكو ستعمل كل شيء لدعم المناطق الجديدة وحماية أمنها”.
ورحّب بوتين بسكان الأقاليم التي انضمت إلى الاتحاد الروسي قائلاً: “مرحباً بكم في وطنكم”، وتابع: “سنفعل كل ما في وسعنا لدعم أشقائنا وأخواتنا في الأقاليم الجديدة”.
وأضاف بوتين من على منصة أقيمت خصيصاً للمناسبة عند جدار الكرملين، أن “لا أحد سأل الملايين من الناس البسطاء حين انهار الاتحاد السوفيتي، أين يريدون العيش، أو أين يريدون أن يحققوا مصير أولادهم”.
وقال: “وحدها روسيا المعاصرة من قدمت للناس الذين يعيشون في جمهورية دونيتسك ولوغانسك وخيرسون وزابوروجيا الحق في اختيار وتقرير المصير”.
ولفت إلى أن “الناس أتوا إلى الاستفتاء واختاروا الانضمام إلى وطنهم التاريخي روسيا”، وكان بوتين يشير هنا إلى الاستفتاءات التي جرت في الأقاليم الأربعة، والتي رفض الغرب الاعتراف بها، ووصفها بأنها استفتاءات زائفة أقيمت تحت تهديد السلاح.
Thousands of war supporters sing "We won't care about the price" on Red Square in Moscow pic.twitter.com/IwzQZlffOz
— Anton Gerashchenko (@Gerashchenko_en) September 30, 2022
“نحن من أنشأنا أوكرانيا”
وقال بوتين خلال كلمته إن روسيا “هي من أنشأت أوكرانيا كدولة مستقلة عبر منحها أراضيها”، كما اتهم جهات في كييف بالتخطيط خلال عشرات السنين الماضية بمحاولة منع سكان مناطق في أوكرانيا “التحدث بلغتهم الروسية، لكنهم لم ينجحوا في ذلك”.
وتابع: “نعرف من بذل جهوداً ليتحقق هذا الاحتفال وهذه المراسم، من خلال بطولات مقاتلينا في دونباس، والجنود الروس الذين يحاربون ويدافعون ببسالة عن خيار الناس”.
وتعهد بوتين بفعل كل ما في وسع روسيا لـ”رفع مستوى الأمن في هذه الأراضي، ومن أجل هؤلاء الناس سنبذل كل ما في وسعنا لإعادة النهوض بالاقتصاد وبناء مدارس وجامعات جديدة”.
واختتم كلمته قائلاً: “لقد أصبحنا أقوى لأننا متحدون وراء الحقيقة، والحقيقة تولد القوة… سيكون النصر لنا”.
حرب عالمية ثالثة
وفي وقت سابق الجمعة، أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، تقديم طلب عاجل ومفاجئ للانضمام إلى حلف “الناتو”، فيما اعتبره نائب رئيس مجلس الأمن الروسي ديمتري ميدفيديف بمثابة “توسل لبدء حرب عالمية ثالثة”.
وقال ميدفيديف، في بيان عبر “تليجرام” إن هذه “فكرة ممتازة لأوكرانيا أن تنضم إلى الناتو.. ييدو أنهم يتوسلون إلى تسريع اندلاع حرب عالمية ثالثة”، حسبما نقلت وكالة “ريا نوفوستي” الروسية.
وكان زيلينسكي أعلن الجمعة، بعد بضع دقائق من إعلان روسيا رسمياً انضمام 4 مناطق أوكرانية، أن أوكرانيا وقعت طلب انضمام عاجل إلى حلف الناتو، مشدداً في الوقت ذاته على أن كييف لن تفاوض روسيا “ما دام فلاديمير بوتين رئيساً”.
ووقع الرئيس الأوكراني أوراق طلب الانضمام إلى الحلف العسكري الغربي في مقطع فيديو كان من الواضح أنه يقصد به الرد على الاحتفالات الروسية في موسكو بإعلان المناطق الأوكرانية المحتلة جزئياً أراضي روسية جديدة.
موقف الناتو
من جهته قال أمين عام حلف شمال الأطلسي “الناتو” ينس ستولنبرج، الجمعة، إن خطوات روسيا الأخيرة، بما في ذلك “قرار التعبئة الجزئية، والتهديد بالسلاح النووي، وضم أراضٍ أوكرانية، يمثل أخطر تصعيد منذ بداية الحرب”، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن “الحلف ليس طرفاً في الصراع بأوكرانيا”.
ولدى سؤاله عن طلب ترشح أوكرانيا لعضوية الأطلسي “في شكل عاجل” قال: “لكلّ ديموقراطية في أوروبا الحقّ في الانضمام إلى الناتو وقد كررنا أن الباب سيبقى مفتوحًا”، لكنه ذكّر بأن قرار الموافقة على العضوية يتطلّب إجماع الدول الأعضاء الثلاثين.
وندد ستولنبرج خلال مؤتمر صحافي في مقر الحلف في بروكسل، بـ”ضم روسيا غير القانوني وغير الشرعي للمناطق الأوكرانية”، مؤكداً أن “الحلفاء لن يعترفوا أبداً بأن هذه الأراضي تشكل جزءاً من روسيا”.
وقال ستولنبرج، بعدما وقّع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين رسمياً على انضمام مناطق دونيتسك ولوغانسك (شرق) وزابوريجيا وخيرسون (جنوب) إلى الاتحاد الروسي: “من حق أوكرانيا استعادة هذه الأراضي التي تم احتلالها بالقوة، وسندعمها لتواصل تحرير هذه الأراضي”.
“لن يهابوا بوتين”
وفي المقابل، قال الرئيس الأمريكي جو بايدن خلال تصريح للصحافيين في البيت الأبيض، إن واشنطن “لن تعترف بالاستفتاءات الزائفة” التي أجرتها موسكو في أوكرانيا.
وأضاف بايدن أن الولايات المتحدة وحلفائها “لن يهابوا بوتين وتصريحاته.. وأفعاله دليل على أنه يعاني”، مشدداً على أن واشنطن ستواصل تقديم الدعم العسكري لـ”كييف”.
وتابع الرئيس الأميركي قائلاً: “لا تخطئ فهم تصريحاتي (بوتين).. حلف (شمال الأطلسي) الناتو سيدافع عن كل شبر من أراضيه”.
وأدان وزراء خارجية مجموعة السبع الإعلان الروسي.
وقال بيان صادر عن وزراء خارجية كندا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان والمملكة المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي: “لن نعترف أبدا بعمليات الضم المعلنة، ولا بـ”الاستفتاءات” الصورية التي أجريت تحت تهديد السلاح”.
وأضاف: “سنفرض تكاليف اقتصادية إضافية على روسيا وعلى أفراد وكيانات، داخل روسيا وخارجها، يقدمون الدعم السياسي أو الاقتصادي لهذه الانتهاكات للقانون الدولي”.
لا مؤشر على استخدام وشيك للسلاح النووي
وقالت الولايات المتحدة، إنها لا ترى مؤشراً روسياً لـ”استخدام وشيك للسلاح النووي في أوكرانيا”، فيما اعتبرت موسكو توقيع كييف طلباً بالانضمام إلى حلف شمال الأطلسي “الناتو”، بمثابة “توسل لبدء حرب عالمية ثالثة”.
وأفاد مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان في مؤتمر صحافي بالبيت الأبيض، بأن واشنطن تتعامل مع تهديدات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين “بجدية”.
وقال سوليفان إن “واشنطن تتواصل بخصوص هذا الشأن (الأسلحة النووية) بشكل مباشر مع روسيا”، مضيفاً: “نتواصل أيضاً بشأن ردود الفعل الحاسمة التي ستتخذها الولايات المتحدة إذا ما سلكت موسكو هذا الطريق المظلم”.
وجاءت تصريحات سوليفان بعد ساعات من تأكيد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، أن الولايات المتحدة لم ترصد أي تحرك من جانب روسيا يشير إلى أنها تفكر في استخدام أسلحة نووية، رغم ما وصفه بأن “حديث (بوتين) فضفاضاً” بشأن احتمال استخدامها.
وقال بلينكن في مؤتمر صحافي في واشنطن: “نترقب بيقظة شديدة لمعرفة ما إذا كانت روسيا تتخذ فعلاً أي إجراء يشير إلى أنها تفكر في استخدام أسلحة نووية. ولكن لا دليل على ذلك حتى الآن”.
عقوبات أمريكية
إلى ذلك فرضت الولايات المتحدة، يوم الجمعة، حزمة جديدة من العقوبات تستهدف مئات الشخصيات والشركات الروسية، بما يشمل أعضاء في الهيئة التشريعية الروسية، والجيش والبنك المركزي، وذلك في أول رد على إعلان موسكو ضم المناطق الأربع.
وأكدت وزارة الخزانة الأميركية، أنها فرضت عقوبات على 14 مسؤولًا في المجمع الصناعي العسكري الروسي.
وشملت العقوبات أيضًا، اثنين من قادة البنك المركزي في روسيا، فضلًا عن أقارب لكبار المسؤولين و278 عضوًا في الهيئة التشريعية الروسية؛ وذلك بسبب ضلوعهم في “تنظيم الاستفتاءات الروسية الصورية ومحاولة ضم أراض أوكرانية ذات سيادة”.
ومن بين المستهدفين بالعقوبات الأميركية، نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك، و109 من أعضاء مجلس الدوما، و169 من أعضاء مجلس الاتحاد “الشيوخ” ومحافظة البنك المركزي الروسي إلفيرا نابيولينا.
كما قالت وزارة الخارجية الأميركية في بيان منفصل إنها فرضت قيودًا على منح التأشيرات لأكثر من 900 شخص، بمن فيهم أفراد من الجيش الروسي وجيش بيلاروسيا والفصائل التي تعمل بالوكالة لصالح روسيا “لانتهاكهم سيادة أوكرانيا ووحدة أراضيها واستقلالها السياسي”.
ولم تكتف واشنطن بجرعة العقوبات الجديدة على موسكو، بل أصدرت وزارة الخزانة، توجيهات تحذر فيها من فرض عقوبات على أشخاص خارج روسيا، إذا قدموا دعمًا سياسيًا أو اقتصاديًا لموسكو.
وقالت وزيرة الخزانة جانيت يلين في بيان: “لن نقف مكتوفي الأيدي بينما يحاول بوتين عن طريق الاحتيال ضم أجزاء من أوكرانيا”.