مصرع 77 مهاجراً غير شرعي في كارثة غرق مركب قبالة السواحل السورية
يمن مونيتور/ (أ ف ب)
لقي 77 شخصاً على الأقل مصرعهم في كارثة غرق مركب يقلّ مهاجرين غير شرعيين قبالة السواحل السورية، في حصيلة تُعدّ الأعلى منذ بدء ظاهرة الهجرة غير الشرعية انطلاقاً من لبنان الغارق في أزماته.
وليست الهجرة غير الشرعية ظاهرة جديدة في لبنان الذي شكّل منصة انطلاق للاجئين خصوصاً السوريين باتجاه دول الاتحاد الأوروبي. لكن وتيرتها ازدادت على وقع الانهيار الاقتصادي الذي يعصف بالبلاد منذ نحو ثلاث سنوات والذي دفع لبنانيين كثر الى المخاطرة بأرواحهم بحثاً عن بدايات جديدة.
وعثرت السلطات السورية الخميس على عشرات الجثث قبالة مدينة طرطوس الساحلية، بينما تم إنقاذ عشرين شخصاً، من ركاب المركب الذي أبحر من شمال لبنان، وراوحت التقديرات بشأن عدد ركابه بين 100 و150 شخصاً من اللبنانيين واللاجئين السوريين والفلسطينيين، من دون أن تتضح بعد ملابسات غرقه.
وأعلن وزير الصحة السوري حسن الغباش في تصريحات للصحافيين نقلها التلفزيون السوري أن الحصيلة ارتفعت إلى 77 حالة وفاة، فيما يتلقى 20 شخصاً، بينهم ثمانية في العناية الفائقة، العلاج في مستشفى الباسل في طرطوس.
وترتفع حصيلة الضحايا تباعاً منذ الإعلان عن غرق الزورق عصر الخميس. وكان المركب يقل، وفق التلفزيون السوري الرسمي، ما لا يقلّ عن 150 شخصاً، ما يعني أن العشرات ما زالوا في عداد المفقودين.
ولا تزال عمليات البحث عن مفقودين مستمرة، وقد شارك فيها عناصر من البحرية الروسية إلى جانب البحرية السورية، وفق الغباش.
وقال المسؤول في وزارة النقل السورية سليمان خليل لوكالة فرانس برس “نتعامل مع إحدى أكبر عمليات الإنقاذ، على مساحة تمتد على كامل الساحل السوري”، مشيراً إلى أن عمليات البحث مستمرة لكنها “تصبح أصعب مع مرور الوقت بسبب ارتفاع الأمواج”.
وعصر الخميس، عثر على شاب قرب السفن الراسية قبالة ميناء جزيرة أرواد السورية، فتم إرسال زورق إلى المكان، ليتم العثور بعدها على جثة طفل، قبل أن تبدأ “جثث الضحايا بالظهور”، وفق ما قال المدير العام للموانئ السورية سامر قبرصلي في بيان الخميس.
وعُثر على غالبية الضحايا قبالة جزيرة أرواد وشواطئ طرطوس.
تشييع الضحايا
وبدأت عائلات في لبنان الجمعة تشييع الضحايا، بينها عائلة التلاوي، التي تمّ إنقاذ ابنها وسام وهو يتلقى العلاج حالياً في أحد مشافي طرطوس، فيما توفيت ابنتاه (خمس وتسع سنوات) ولا تزال زوجته مع طفلين آخرين في عداد المفقودين.
وتسلمت العائلة، وفق ما روى أحمد، شقيق وسام، جثة الطفلتين وجرى تشييعهما في مسقط رأسيهما في منطقة عكار (شمال).
وقال أحمد لفرانس برس عبر الهاتف “استيقظنا ولم نجد شقيقي، العامل في شركة تنظيفات”، مضيفاً “لم يقو على تأمين قوت يومه”، فذهب بحثاً عن حياة أخرى.
ولم يتم التعرف بعد، وفق وزير الأشغال اللبناني علي حمية، على هوية غالبية الجثث لعدم العثور على أوراق ثبوتية.
وبالإضافة إلى اللبنانيين واللاجئين السوريين، تبين أن بين الركاب لاجئين فلسطينيين من مخيم نهر البارد في شمال لبنان، يتجاوز عددهم وفق مسؤولين في المخيم، عشرين شخصاً.
وتوجه وفد من أهالي الضحايا إلى سوريا برفقة بعثة من الصليب الأحمر اللبناني للتعرف على أقربائهم، فيما تجمع العشرات عند معبر العريضة الحدودي مع سيارات إسعاف بانتظار وصول جثث الضحايا.
“هجرة منظمة”
ونشطت ظاهرة الهجرة غير الشرعية من شمال لبنان خلال السنوات الأخيرة. وغالباً ما تكون وجهة الزوارق قبرص، الدولة الأوروبية الواقعة قبالة السواحل اللبنانية.
وقد بدأ الأمر مع لاجئين سوريين وفلسطينيين لا يترددون في القيام بهذه الرحلة الخطيرة بحثاً عن بدايات جديدة، قبل أن ينضم إليهم لبنانيون على وقع الأزمة الاقتصادية التي تشهدها البلاد منذ نحو ثلاث سنوات وصنفها البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم.
وتكرر خلال العام الحالي غرق زوارق في عرض البحر بعد انطلاقها من شمال لبنان، ما أودى بعشرات الأشخاص. وأثار غرق مركب يقل العشرات في نيسان/أبريل استياء واسعاً في لبنان. وتم العثور في مرحلة أولى على ستة قتلى بينما لا تزال جثث آخرين في عمق البحر ولم تنجح محاولات انتشالها.
ولم تثمر التدابير التي اتخذتها القوى الأمنية في الحد من الظاهرة التي باتت وفق حمية “هجرة غير شرعية منظمة”. وتُعلن الأجهزة الأمنية والعسكرية اللبنانية مراراً إحباط محاولات هجرة غير شرعية خصوصاً من منطقتي طرابلس وعكار شمالاً، الأكثر فقراً في لبنان، وكذلك توقيف ضالعين في عملية التهريب.
ووفقاً للأمم المتحدة، غادر أو حاول ما لا يقلّ عن 38 زورقاً يحمل أكثر من 1500 شخص مغادرة لبنان من طريق البحر في الفترة الممتدة بين كانون الثاني/يناير وتشرين الثاني/نوفمبر 2021.
خلال انتظاره عند معبر العريضة وصول سيارات إسعاف تقل جثث الضحايا من سوريا، قال أحد اللاجئين الفلسطينيين بينما يعتريه القلق على مصير ابنتي شقيقه “أنا رجل مسنّ، وإذا تسنت لي الفرصة لأن أذهب وأموت في البحر، سأفعل ذلك بدلاً من أن أعيش حياة الذل في هذا البلد”.