كان عبدالله الطويل رجلا متعاطفا مع عفاش والحوثي ويحمل المقاومة المسؤولية. له نشاط غير عسكري في حارته ضد المقاومة، واستطاع بشكل ما أن يحيد الكثير من أبناء الحارة في بداية المقاومة وهو تحييد لصالح الحوثة. المتحوث “عبدالله التعزي”
كان عبدالله الطويل رجلا متعاطفا مع عفاش والحوثي ويحمل المقاومة المسؤولية.
له نشاط غير عسكري في حارته ضد المقاومة، واستطاع بشكل ما أن يحيد الكثير من أبناء الحارة في بداية المقاومة وهو تحييد لصالح الحوثة.
ومع هذا يعيش آمنا مثله مثل الكثير من الذين يعيشون بأمان في مناطق المقاومة طالما وهو لم يحمل السلاح.
تضرر عبدالله من الحصار كغيره من السكان، فالحصار مثل القذائف لا تفرق.
نفد عنده الغاز المنزلي، رفض أن يشتريها بسعر غال من سوق التهريب، فذهب بنفسه للحوبان لجلب الغاز بعد أن اتفق مع أحد قادة المتحوثين من أبناء تعز بالتسهيل له في المعبر.
عند العودة خضعت السيارة لتفتيش تعسفي إضافة إلى سب وشتم للنساء، صدم “عبدالله الطويل”، فالصورة عنده للحوثيين كما يقال له ناس دين وأخلاق، وعندما زادت الإهانات قال عبد الله: يا أخ كلنا أنصار الله ومع أنصار الله، لكن هذه الأخلاق تجعلنا نعيد النظر، أنتم تشوهون اللجان والجيش والصراحة هذه ليست أخلاق الإسلام.
كان عبدالله يتحدث بحرقة بينما المسلح مستمر في رمي ما يجده مع الناس، بيض، طماطم، رز، وسكر.
وقف عند كرتون طماطم..
– حق من هذا؟ يقول المسلح.
– إحدى النساء:
هذا حقي وبني حقي.
– وإيش معك شركة يا حجة؟ هذا كثير؛ يسحبه ويرميه في الشارع وزيادة في النكاية يعيد ثلاث حبات طماطم: وهذه لك مني، ويعطيها للمرأة التي ترمي بها إلى الشارع وهي تقول: قو لك شنفعك؛ الله يحرق قلوبكن يا قادر ياكريم.
تحول التفتيش إلى خانة السيارة وجدوا فيها ثلاث دبب غاز
– وهذ الغاز حق من؟
عبدالله الطويل: حقي أنا صاحبك.
– ها..
هو أنت المتفيصح علينا؟
اخرج يا صاحبنا اخرج، يخرج عبد الله محاولا إنقاذ الغاز الذي يحتاجها. يقترب من المسلح: اسمع هذه حقي وحق فلان (أورد اسم قيادي متحوث).
— شوف ما حد يستطيع ينفعك إلا (السيد) والسيد يقول ممنوع. ثم يبدأ في فتج الغاز وتفريغها مصحوبة بشتم مقذع.
أظلمت الدنيا بوجه عبد الله وشعر بقهر ومهانة وندم، انتابته نوبة غضب غير مسبوقة، وبحركة سريعة وغير إرادية التقط جنبية من أحدهم وغرسها ببطن المسلح الذي كان ما زال يرغي بالشتائم.
ولم يتأخر زملاء المسلح الحوثي الذين وجهوا عدة طلقات إلى عبد الله وهو يصرخ مجرمين.
أسعف إلى المستشفى وتقاطر إليه أقاربه وأهل الحارة، ومعهم الغضب والمرارة على عبدالله، فهو شخص محترم يحبه الناس ويحبهم.
وعندما حضر (حسن أحمد) أحد قيادة المتحوثين يخبر القائد الحوثي كيف خسرنا أسرة (عبد الله الطويل) بسبب تصرفات البعض التفت إليه القائد (ابو علوه) وهو يقول:
اسمع يا (حسن)، هم مش معانا مش معانا، اسمع أسألك سؤال يدور في رأسي جاوبني بصراحة ليش أنتم أصحاب تعز عندما تكونوا معانا تكونوا سلبيين خوافين ولو أجبرتم على القتال معنا تفروا عند أول طلقة، وعندما تحاربوا ضدنا تتحولوا إلى وحوش ومحاربين شرسين، أنا اشهد لكم بس ليش معانا تتحولوا إلى (كسب) ليش؟
– الناس يعتبرون أنهم يدافعون على المدينة والصراحة.
– أيوه قل الصراحة يا حسن قل؟
— الصراحة الحصار والقضف العشوائي عزز المقاومة بأن الحرب على المدينة بدون استثناء، الحصار ما لوش مبرر والقصف يجعلنا نخسر ولا نعرف نتحرك بين الناس. تصور أمس صاروخ ضرب أسرة كاملة من أصحابنا، وقبلها قتل قيادياً من أصحابنا أيضاً وأنت تعرفه.
– بس قل ما فعلتم احنا نحاصر وأنتم تحرضوا المدينة على المظاهرات، قالوا أصحاب الزعيم خيرات وين هم؟ عليكم أن تستغلوا الحصار والقصف لتأليب الناس على المقاومة مش علينا هم السبب إيش عملتوا؟ إين المظاهرات؟
– احنا أرسلنا لكم مجموعة للمعابر والقتال نحن ما قصرنا.
– أيوه كم أرسلتم؟ بقي منهم
كم مستعدين للفرار، نحن الآن نحتاج لتحريك مظاهرات استغلوا الحالة والإغاثة لا تغالطوناش إيش عملتوا؟
– أمس أخرجنا مجموعة نزلت للشارع مستغلة الإغاثة والتحريض على أن المقاومة تسرق الإغاثة بحسب أمركم لكن الناس ما تفاعلوا معهم بل على العكس نظروا لهم نظرة ارتياب وزاد الأمر سوء ظهور بعض أصحابنا المعروفين وهو ما جعلهم يخافون على أنفسهم.
– يعني ما فيش فائدة إلا الحصار والقصف وكل المدينة هدف وعدو هذا الصدق خلاص انتهت المقابلة يا حسن.
وعندما تحرك حسن متجهماً، ناداه (أبو عليوه):
…اجزع شل لك من أبو(رائد) مصروف.
تهلل وجه حسن وهو يقول شكرا سيدي حاضر سيدي؟
في المستشفى ورغم جراحه أخذ عبد الله الطويل يتحدث لأولاده وأخيه بصعوبة أول كلمة كان سؤاله عن المقاومة.
– إيش أخبار المقاومة؟
– أول مرة تتحدث عن المقاومة يا عبدالله، إيش صرت مقاومة؟ يقول أخوه (علي).
– نحن غلطنا يا (علي) وكنا مغيبين، الأصل نلتحق بالمقاومة من أول يوم مش جالسين نتفرج وننافق.
المقاومة هي الوسيلة الوحيدة لإنقاذ الكرامة والوطن.
والطرق الفردية وتدبير الحال هي مذلة ومجبانة. لو شفتم ما شفتوه بالمعبر لعرفتم كم نحن بعيدين عن الصواب وجبناء. لو عشت سألتحق بالمقاومة، ولومت أنتم مقاومة وستنتصر حتما.. يلتفت إلى أولاده الذين أشاروا له بالإيجاب خاصة ونظرتهم للمقاومة إيجابية لولا أنه حاول إبعادهم بحجة كلهم غلطانين وملناش دخل.
نطق عبدالله بالشهادتين، وقبلها كان يردد كلنا مقاومة كلنا مقاومة.
كانت أشبه بوصية واستدراك أيقظ الأسرة والأولاد ومعاريفه في الحارة.
بدأ الابن الأصغر يكتب على جدران الحي شعار (كلنا مقاومة).
بعد شهر كان أغلب الحي وأولاد عبدالله الطويل (مقاومة)، ويرفعون الشعار الأبرز بتعز (كلنا مقاومة).