بضرب المعلمين وفصل الطلاب.. الحوثيون يواصلون تجريف التعليم ونشر العنف والطائفية (تقرير خاص)
يمن مونيتور / وحدة التقارير/ خاص
لم يكتفي الحوثيون بحرمان مئات الآلاف من المعلمين من رواتبهم ومصدر رزقهم، وتسرب الملايين من الأطفال من المدارس بفعل انهيار المنظومة التعليمية، يواصل الحوثيون تجريف ما تبقى من المنظومة التعليمية في مناطق سيطرتهم، من خلال نشر الثقافة الطائفية في المدارس وتحريف المناهج الدراسية، والاعتداء على المعلمين إلى مقار عملهم.
وقد أدت التغيرات التي أجراها الحوثيون بنظام التعليم في اليمن، إلى شلل في العملية التعليمية، وباتت معظم الأرياف في المحافظات الشمالية تتراجع نحو الأمية بعد توقف معظم المدارس الحكومية عن مواصلة التعليم، بسبب تريح المعلمين نتيجة لانقطاع المرتبات لأكثر من سبع سنوات، ما دفع بالكثير من المعلمين إلى البحث عن فرض أخرى تعيلهم وتعيل أسرهم.
وبين حرمان المعلم من راتبه الأساسي، وتسرب الملايين من الطلاب من مقاعد الدراسة وتفشي ظاهرة الأمية بشكل مخيف، تظهر أشكال أخرى ومفزعة من الانتهاكات الحوثية اليومية بحق المعلم والطالب معاً، في مخطط يؤكد سعي الجماعة إلى الانحراف بالعملية التعليمية إلى مستوى أخطر وأبعد مما حدث ويحدث ال
انتهاكات مروعة ضد المعلمين
تكشف واقعة الاعتداء على المعلم الأربعيني “صلاح المجيدي”، يوم الأربعاء الماضي، في مدرسة الشعب بمحافظة إب (وسط اليمن) حجم الانتهاكات المروعة التي لا تزال تمس كرامة وقيم المعلم اليمني على الرغم من حرمانه طوال السنوات السبع الماضية من أبسط حقوقه الأساسية، أن الجماعة المسلحة لا تكترث للتعليم أي اهتام بقدر اهتمامها بتحشيد المقاتلين من الطلاب وصغار السن منها”.
إذ لم تشفع للمدرس صلاح الذي قضى عمره يوجه ويربي ويعلم المئات من الأجيال، من قيام مسلحين مدججين بالأسلحة باقتحام المدرسة وضربه وسط طلابه ورفقاه من المعلمين في المدرسة بأعقاب البنادق، ولم يكتفوا بهذا الفعل بل قاموا بالإمساك بالمدرس وجعل الطالب يصفعه على الوجه أمام الطلاب داخل حرم المدرسة في واقعة هزت مشاعر اليمنيين وأثارت موجة من الغضب والاستنكار لهذه الأعمال التي تتنافى من القيم الحضارية التي تقدس المعلم وتحترم مكانته العلمية.
موقع “يمن مونيتور” حاول التعرف على الأسباب التي دفعت المسلحين إلى إهانة المعلم والتعليم في اليمن بشكل عام، ليؤكد أحد الطلاب أن السبب كان إجراء إدراء للمدرس تمثل في إخراج الطالب من وسط ملعب المدرسية لكي يترك الفرق الأخرى تلعب وفقاً لنظام المدرسة، ليستدعي الطالب مجموعة من المسلحين للانتقام من معلمه دون أي رادع عرفي أو قيمي.
“أيعقل ان يصبح مربى الأجيال ومعلمك والذي يعمل بدون رواتب ولا حوافز وغياب البدلات يضرب ويلطم أمام الطلاب أليس هذا موجع ومقزز للغاية” بهذه الكلمات وصف المدرس الضحية ما حدث له بمرارة وحرقة ألم.
يضيف المعلم صلاح المجيدي قائلاً: ” كان لدينا مباراة ضمن مباريات دوري المدرسة في ساحة المدرسة فدخل علينا أحد الطلاب إلى أرضية الملعب فقمت بإخراجه من مكان لعب الطلاب”.
وتابع حديثه “لم تمر سوى نصف ساعة حتى أتى الطالب بخمسة مسلحين، وقاموا بالاعتداء علي وانهالوا علي بالضرب الشديد من أمام ومن خلف ولم أستطيع المقاومة، ثم جعلوا الطالب يقوم بصفعي بالوجه بقوة أمام الطلاب والزملاء المعلمين”.
لم يتمكن المعلم الضحية، من تقديم شكوى إلى إدارة المدرسة أو إلى قسم الشرطة الواقع في نطاق المدرسة، لكنه عاد مكسور وموجوع وبحالة ونفسية متعبة إلى المنزل يتأمل حاله وكيف أوصلت أحوال البلاد حالة إلى هذا المستوى من الانهيار القيمي والأخلاقي لدى المجتمع”.
واختتم المعلم حديثة قائلاً: “نعمل من دون مرتبات نتحمل تبعات هذا التدريس لأكثر من ثمان سنوت.. لكن أن نتعرض فوق هذا كله إلى الإهانة بهذا الشكل لقهر ووجع لا يمكن وصفه أو تحمله”.
حادثة الاعتداء على المعلم المجيدي، ليست الأولى ولن تكون الأخيرة، ، فقد سبقها حوادث مماثلة أهما وفاة أحد المعلمين في محافظة ريمة بسبب مرضه الذي لم يستطع علاجه نتيجة انقطاع المرتبات.
واضطر بعض المعلمين اليمنيين في مناطق سيطرة الحوثيين إلى التغيب عن المدارس الحكومية والبحث عم عمل لإعالة أسرهم، جراء عدم حصولهم على رواتبهم منذ أكثر من4 سنوات، لكن البعض آثر مواصلة التعليم في تلك المناطق، إما بفعل ضغوط الجماعة، أو لعدم وجود فرص أخرى.
ويتعرص التعليم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثين، إلى جملة من الانتهاكات، تتمثل في اختطاف المعلمين المناهضين للجماعة والزج بهم في السجون والمعتقلات، فضلاً عن استمرا قطع المرتبات، وإحلال عناصر موالية للجماعة مكان المعلمين الغائبين، وتغيير المناهج التعليمية بصبغة طائفية تخدم سياسة الجماعة.
معاقبة الطلاب لرفضهم ترديد شعار “الصرخة”
وقبل حادثة المعلم بأيام، أقدم الحوثيون على فصل الطالبة رغد فاروق جابر بسبب رفضها ترديد “الصرخة” (شعار الجماعة) بالمدرسة، ما أثار غضب اليمنيين وسط مطالبات للمجتمع الدولي بوقف جماح هذه الجماعة في مواصلة تجريف التعليم في مناطق سيطرتها وملشنته وفقاً لأجندات الجماعة أهدافها الطائفية.
وحول تفاصيل القصة، أوضح أحد المقربين من أسرة الطالبة، أن الطالبة رغد رفضت ترديد ما يعرف لدى جماعة الحوثي بشعار الصرخة، وهو ما أغضب مديرة المدرسة التي قررت فصلها من المدرسة.
وكتب والد الطالبة، عبر صفحته بموقع التواصل فيسبوك، قائلا: “هذه المديرة تتخذ اليوم قرارا بفصل ابنتي رغد، وهي التي كانت تقف بجانبها قبل عام لأخذ الصور التذكارية معها، عند تكريمها لتفوقها في الصف التاسع، بسبب رفض طالبات الثانوية ترديد الصرخة؛ لكنها اختارت رغد بسبب تفوقها طوال مراحل دراستها لثني الطالبات عن موقفهن”.
وتابع والد رغد قائلا: “رغم أنني جلست مع رغد قبل أسبوعين وكان قلبي حاسس عما بلغني من تهديد للطالبات في ذكرى الإمام زيد والحسين، وطرحت عليها رأي أن تجامل المديرة عندما تكون وجها لوجه معها وتصرخ لها حبتين، فقالت أنا غير مقتنعة ولن أصرخ ولو منعوني من الدراسة”.
إلزام الطلاب بترديد شعارات طائفية
لم يتوقف الحوثيون عن محاولتهم الحثيثة في طمس هوية المجتمع اليمني، وصبغه بصبغة طائفية بحتة تنسجم مع مشروع الجماعة الطائفي، فقد فرضت الجماعة على طلاب المدارس بمحافظة عمران شمالي اليمن، ترديد الصرخة الخمينية بشكل إجباري في الطابور المدرسي.
وحصل “يمن مونيتور” على نسخة من الأمر الإداري الصادر من مدير عام التربية والتعليم بمحافظة عمران موجها إلى مدراء الإدارات التعليمية ومدراء المدارس الحكومية والأهلية يتضمن تفعيـل الصرخة الخمينية فـي الطابور المدرسي.
يأتي هذا في إطار توجه جماعة الحوثي في تجريف الهوية الوطنية لليمنيين خصوصا للأطفال، واستبدالها بالهوية الإيرانية الدخيلة على المجتمع اليمني
وكان قطاع التعليم يضم أكثر من 4 ملايين طالب، وفق تقديرات غير رسمية، إضافة إلى النسبة الأكبر من موظفي الدولة، ما بين مدرّسين وعاملين في الإدارات التعليمية المركزية وعلى مستوى المحافظات.
تنديد حقوقي بنشر ثقافة العنف والطائفية
على الصعيد الحقوقي، اعتبر المركز الأمريكي للعدالة (ACJ)، إجبار الحوثيين طلاب المدارس على ترديد “الصرخة” في طابور الصباح، “انحرافاً خطيرا في العملية التعليمية.
وقال المركز إن فرض الصرخة على طلاب المدارس “يأتي في سياق نهج الجماعة لتحويل المدارس إلى منصات لنشر الطائفية والمذهبية، وغسل أدمغة الطلاب والناشئة بمفاهيم وتعاليم مذهبية متطرفة”.
وأكد المركز الحقوقي أن “هذه التوجيهات تحريفا لمهام وزراه التربية والتعليم، وانحرافا خطيرا بالعملية التعليمية واستخدامها لنشر ثقافة الكراهية والعداء للآخر، ونسفا لثقافة التعايش والسلام، والسعي لاستقطاب الطلاب وصغار السن في مضاعفة الانقسام المجتمعي”.
ويواجه المعلمون في المناطق الواقعة تحت سلطة الحوثيين، خيارات صعبة بعد دخول العام الثامن للحرب، وراتبهم لا تزال متوقفة، مما دفع عدد كبير منهم للبحث عن عمل بالأجر اليومي أو النزوح أو الالتحاق بجبهات القتال.
ويبغ عدد العاملين في القطاع التعليمي باليمن 290 ألف، وأكثر من 9 آلاف تربوي من المعلمين النازحين لا يتقاضون مرتباتهم شهريا، ما جعلهم عاجزين عن تلبية احتياجاتهم الأساسية في المعيشة والحياة، بحسب بيان سابق لنقابة المعلمين اليمنيين.