كتابات خاصة

الحزم وضرورة سرعة الحسم

وئام عبدالملك

كان تدخل التحالف ضروريا، إذ تبين أن صالح أسس قوة عسكرية، على أساس مناطقي وعقائدي، بما يضمن ولاء القوة العسكرية تلك له، ونجح في هذا؛ واستمرت الدولة بمؤسساتها تحت سيطرته، فتمكن من خوض حرب في العديد من المدن اليمنية. بعيداً عن النظر إلى حجم ما خلفته الحرب التي بدأت قبل سنة، يجب أن نتساءل من تسبب بكل هذا الدمار، ولا إجابة لهذا السؤال غير: “جماعة الحوثي وصالح”، الذين بدأوا بالنيل من الدولة منذ سقوط الجوف وعمران، ورأينا وجههم البشع، وحرصهم على تمزيق الوطن، وإثخانه بالجراحات، متجاهلين كل تلك الدماء التي تسيل بأيديهم وبسببهم.
سقطت صنعاء في سبتمبر/ أيلول 2014، بالقوة وبالتضليل والمتاجرة بأحلام الناس البسيطة، لتسقط معها الدولة المدنية التي خرج الملايين لأجلها، في ثورة فبراير 2011.
وبدأت استعادة الدولة مع إعلان التحالف العربي، بدء عملياته العسكرية في اليمن، للإطاحة بالانقلاب، وتم دعم ذلك القرار دولياً فيما بعد، ومرت أيام عصيبة طوال الفترة الماضية، كلّفتنا الكثير.
كان تدخل التحالف ضروريا، إذ تبين أن صالح أسس قوة عسكرية، على أساس مناطقي وعقائدي، بما يضمن ولاء القوة العسكرية تلك له، ونجح في هذا؛ واستمرت الدولة بمؤسساتها تحت سيطرته، فتمكن من خوض حرب في العديد من المدن اليمنية، بينما لم ينجح الرئيس هادي في إدارة القوة العسكرية التي وقفت إلى جانب الشرعية، والتي كان من شأنها أن تقلل من كلفة الحرب.
ومما لا شك فيه أن التحالف العربي تمكن من تحقيق أهدافه الاستراتيجية، فدعم الشرعية، ودمّر الكثير من القوة العسكرية، التي استولت عليها جماعة الحوثي وصالح، وكانت تقتل بها الشعب اليمني، كما أفشل مشروع جماعة الحوثي، الذي يرتبط بمصالح مشتركة بينه وحليفه صالح، ومنع توريث صالح السلطة لنجله أحمد، وقطع الطريق أمام طموحات إيران، بالتمدد في العمق العربي، وهي التهديد الأكبر للسعودية، وللخليج عموما.
صحيح أن منع التحالف إيران من دعمها لوكلائها في اليمن جاء متأخراً بعض الشيء، إلا أن تحرك التحالف الأخير، كان مهما وضروريا، فمن خلال ردع إيران، بدأت تقلص من طموحاتها.
وبعد محاصرة الحوثيين وحلفائهم ومنع وصول أي إمدادات لهم، من قبل إيران، أصبحوا في وضع حرج، وبات الحديث في تزايد عن قرب التوصل إلى تسوية سياسية، بعد أن أصبح الحوثيون جماعة ضعيفة، وهو ما أراد التحالف أن يفعله منذ البداية، ليتم التفاوض معهم عقب ذلك.
هذه الحرب هي الدرس الأبرز، الذي علمنا أنه يجب درء الخطر منذ بدايته، قبل استفحاله.
والأمر الذي يجب أن لا نغفله هو ضرورة سرعة الحسم، فاستمرار الحرب أكثر، سيعمق من النزعة المناطقية والطائفية، وقد يتسبب ذلك بحرب أهلية، طويلة المدى.
أخيرا تبقى” تعز” المدينة التي ذاقت الوجع مرتين، بسبب استخدامها كورقة للضغط، على حساب الجانب الإنساني، وهذا هو مالا نقبله، وكلفته باهظة، فالأرواح تزهق هناك يوميا، ومرحلة ما بعد الحرب هي المرحلة الأكثر تعقيدا، كوننا بحاجة لتكاتف الجميع لبناء اليمن كدولة مدنية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى