اليمن .. أبرز محطات “عاصفة الحزم” بعد عام على انطلاقها ( إطار)
تُكمل “عاصفة الحزم” التي أطلقتها دول التحالف العربي بقيادة السعودية لدعم شرعية الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، غدًا السبت، عامها الأول، في وقت ما زالت المعارك متصاعدة في عدد من المحافظات بين القوات الموالية للأخير من جهة، والحوثيين وقوات الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح من جهة أخرى، وسط ترقب لمفاوضات سلام قريبة يأمل اليمنيون أن تضع حداً لسيل الدماء الجاري.
يمن مونيتور/ صنعاء / الأناضول
تُكمل “عاصفة الحزم” التي أطلقتها دول التحالف العربي بقيادة السعودية لدعم شرعية الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، غدًا السبت، عامها الأول، في وقت ما زالت المعارك متصاعدة في عدد من المحافظات بين القوات الموالية للأخير من جهة، والحوثيين وقوات الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح من جهة أخرى، وسط ترقب لمفاوضات سلام قريبة يأمل اليمنيون أن تضع حداً لسيل الدماء الجاري.
واستطاعت “عاصفة الحزم” التي دشنت أولى ضرباتها الجوية فجر 26 مارس/آذار 2015، وسيطرت على المجال الجوي لليمن في دقائق، تأمين محافظات الجنوب، وأجزاء من أخرى في الشمال الشرقي.
وتقول الحكومة الشرعية وحلفاؤها في التحالف العربي، إن 75% من الأراضي اليمنية باتت تحت سيطرتها، لكن الرقعة الأهم، وهي صنعاء، ما زالت في قبضة الحوثيين.
ومع إكمال العملية العسكرية عامها الأول، وقرب انطلاق جولة جديدة من مباحثات وقف إطلاق النار بين أطراف الصراع، تُسلط “الأناضول” الضوء على أبرز المحطات التي شهدتها تلك الفترة.
– تحرير (عدن)، من الحوثيين وبدء مواجهة تنظيم القاعدة
استطاعت قوات التحالف العربي، تحرير العاصمة المؤقتة للبلاد، عدن، في فترة قياسية، وترميم القصر الرئاسي الذي تم تدميره عقب سيطرة الحوثيين عليه، ليعود إليه هادي، ومن بعده نائبه رئيس الحكومة خالد بحاح، من أجل إدارة شؤون الدولة من المدينة الجنوبية.
ففي منتصف يوليو/ تموز الماضي، أعلنت الحكومة تحرير عدن رسمياً من الحوثيين وقوات صالح، في عملية مشتركة قادتها قوات الجيش والمقاومة الشعبية، مسنودين بغطاء جوي لمقاتلات التحالف، لكن المدينة شهدت سلسلة اضطرابات أمنية أجبرت الحكومة أكثر من مره على مغادرتها.
ومطلع العام الجاري، دشّنت قوات التحالف المرحلة الثانية من تحرير عدن، ولكن هذه المرة من عناصر القاعدة التي سيطرت على مناطق في المدينة، وشنت عدة عمليات ضد قوات الجيش والأمن.
ونفذت مقاتلات التحالف غارات مكثفة على مواقع للقاعدة في مديريتي المنصورة والبريقة، وهو ما ساهم في الحد من العمليات الانتحارية التي استهدفت معسكرات وحواجز أمنية.
ويوجد في عدن إلى جانب بحاح، مسؤولون حكوميون، وقيادات عسكرية، لكن غالبية الحكومة ما زالت تمارس مهامها من مقر إقامتها المؤقت في العاصمة السعودية الرياض، ومعها الرئيس هادي.
– تحرير 4 محافظات جنوبية
عقب نجاحها في تأمين عدن، تمكنت القوات الموالية لهادي، مدعومة من التحالف، من تحرير محافظات لحج، والضالع، وأبين، وشبوة، من الحوثيين وقوات صالح، لتصبح بذلك المحافظات الجنوبية الثمانية في قبضة الحكومة، وهي الخمسة المحررة سالفة الذكر، بالإضافة إلى حضرموت وسقطرى والمهرة، التي لم يستولي عليها الحوثيون من الأساس.
ولم يتسثن من التحرير سوى جيوب صغيرة لمسلحي الحوثي في نقاط التماس مع المحافظات الشمالية، وتحديداً، حدود شبوة والضالع ولحج ، وعاد اليها الآف النازحين، كما تكفلت دول خليجية بإعمار منشآت حكومية ومدارس.
– عودة القيادة الشرعية
رفعت “عاصفة الحزم” عودة الشرعية إلى العاصمة المؤقتة عدن، على رأس أهدافها، رغم الاضطرابات الأمنية المتواصلة.
وكانت العودة الأولى لرئيس الحكومة، خالد بحاح، يوم 16سبتمبر/أيلول الماضي، من أبرز المكاسب التي تحققت وشكلت ضربة قاصمة لتحالف الحرب الداخلي (الحوثيين وصالح) وأعقبها عودة هادي، بعد غياب دام ستة أشهر في العاصمة السعودية الرياض.
وعلى الرغم من موجة الاغتيالات المتواصلة التي أجبرت الرئيس ونائبه على المغادرة مجدداً، إلا أنهما في النهاية عادا بشكل دائم وإن كان بنظام التناوب.
مكث هادي عدة أشهر في العاصمة عدن، يدير شؤون الدولة منها ويلتقي قيادات المدن المحررة، وعندما بدأ زيارة خارجية لعدد من البلدان، الشهر الماضي، كان بحاح ينوبه في إدارة شؤون الدولة من قصر معاشيق الرئاسي، الذي تعرض لهجمات متكررة بالقرب من حواجزه الأمنية.
– استعادة منابع النفط والغاز في مأرب والجوف
خلافا لمعركة استعادة مدن الجنوب الخمسة في فترة قياسية، احتاجت القوات الحكومية مسنودة بقوات من التحالف العربي، لعدة أشهر من أجل دحر الحوثيين وقوات صالح من محافظتي مأرب والجوف، الغنيتان بالنفط والغاز، شمالي شرق البلاد.
وعلى الرغم من تأمين غالبية مناطقها، وآخرها مدينة “حريب” التابعة لمأرب، و”المتون” التابعة للجوف، في مناطقها الحدودية، إلا أن الحوثيين يستميتون من أجل استعادتها ومهاجمتها بالصواريخ .
ومنذ الهجمات الدامية التي أسفرت عن مقتل نحو 90 جندياً، بينهم 55 اماراتياً و10 سعوديين في سبتمبر/أيلول الماضي، قام التحالف العربي بتزويد مواقع المعسكرات المحررة بمنطومة دفاع أرضية تمكنت من التصدي لجميع الصواريخ الباليستية للحوثيين وقوات صالح فيما بعد.
– الوصول إلى مشارف صنعاء
مطلع العام الجاري، تمكنت كتائب من الجيش الوطني تم تدريبها في السعودية، مسنودة بمقاتلين قبليين من المقاومة، وغطاء جوي مكثف، من التوغل إلى تخوم العاصمة صنعاء، بعد معارك اجتازت فيها سلاسل جبلية بالغة الصعوبة ومفخخة بالألغام الحوثية.
في الأسبوع الأول من فبراير/شباط الماضي، استطاعت تلك القوات من السيطرة على معسكر “فَرضْة نهم”، شمالي شرق العاصمة، والتوغل نحو سلاسل جبلية لا يفصلها سوى 50 كيلومترا عن مطار صنعاء الدولي.
وخلال الأسابيع الماضية، وتحديداً منذ 11 فبراير/شباط، هدأت حدّة المعارك عند تخوم صنعاء، في حين استمرت الضربات الجوية.
– فك الحصار الجزئي عن تعز
مطلع الشهر الجاري، تمكنت القوات اليمنية بإسناد جوي من مقاتلات التحالف، من كسر حصار جزئي فرضه الحوثيون وقوات صالح على مدينة تعز، وسط البلاد، استمر نحو 10 أشهر.
وعلى الرغم من استماتة الحوثيين في استعادة المنفذ الجنوبي الغربي، الذي يصل المدينة بمحافظات لحج وعدن (جنوب)، وتوقف الحركة فيه، إلا أن المواد الإغاثية استطاعت دخول المدينة عبر مديريات المسراخ ومشرعة وحدنان التي تم تأمينها .
– مضيق باب المندب وميناء ميدي
كان استعادة وتأمين مضيق باب المندب الاستراتيجي، غربي البلاد، من أبرز المكاسب التي حققها التحالف العربي، في أكتوبر/تشرين أول الماضي، ومعه جزر حنيش و زقر، بعد تهديد الحوثيين باستهداف ممر التجارة العالمي.
ومطلع العام الجاري، تمكنت القوات الحكومية بدعم من التحالف من استعادة ميناء ميدي وأجزاء واسعة من المدينة الواقعة شمال غربي البلاد، والذي كان الحوثيون يستخدمونه لاستقبال أسلحتهم لقربه من معاقلهم الرئيسية في صعدة، في وقت ما زالوا يسيطرون فيه على ميناء الحديدة الدولي، وموانىء الصليف والمخا (غرب).
– خسائر التحالف
لم تعلن قوات التحالف العربي رقماً دقيقاً لحجم خسائرها في العمليات العسكرية، أو عدد الغارات التي نفذتها، لكن إحصائيات غير رسمية تقول إن عدد قتلى الجنود السعوديين، داخل الأراضي اليمنية وعلى الشريط الحدودي، يصل نحو 90 جندياً، تليها الإمارات بنحو 80 أغلبهم سقطوا داخل اليمن.
وخسرت البحرين ثمانية من جنودها في معارك على الشريط الحدودي، فيما خسرت قطر والسودان، جندياً واحداً لكل منهما، أما المغرب فخسرت طياراً حربياً.
وفي مجال الخسائر المادية، فقدت السعودية طائرة “f15” تحطمت داخل أراضيها وكذلك مقاتلة أباتشي، فيما خسرت الإمارات مقاتلة من طراز “ميراج” سقطت في عدن يوم 14 مارس/آذار الجاري وقُتل طيارَيها، وفقا لبيانات رسمية.
فيما خسرت البحرين مقاتلة “f16” سقطت بخلل فني داخل الأراضي السعودية أواخر ديسمبر/كانون أول الماضي، ونجا الطيار، خلافاً للمغرب التي فقدت مقاتلة “f16″ داخل معاقل الحوثيين في صعدة (شمال)، منتصف العام الماضي، وقُتل الطيار، الذي تم تسليم جثته فيما بعد بوساطة قادها المبعوث الأممي السابق إلى اليمن آنذاك، جمال بنعمر.
– ضريبة الحرب على اليمنيين حتى الآن
دفع اليمنيون ثمناً فادحاً في الحرب، بسبب اجتياح الحوثيين لمدن الجنوب (تعز، لحج، عدن) وما تبعها من عمليات جوية للتحالف العربي، دعما للشرعية.
ووفقاً لآخر إحصائيات أممية، صدرت قبل أيام بمناسبة ذكرى عام من الصراع، فقد تسببت الحرب بوقوع 35 ألف ضحية، بينهم 6100 قتيل منذ منتصف مارس/آذار 2015 وحتى أواخر يناير/كانون ثان الماضي، أي بمتوسط 113 ضحية كل يوم.
وقال تقرير لمكتب الشؤون الإنسانية الأممي، اطلعت عليه الأناضول، إن 8 أطفال يُقتلون أو يُصابون أو يُشوهون كل يوم، وأن 1.8 مليون طفل باتوا خارج المدارس.
وأضاف التقرير، أن 1170 مدرسة باتت غير صالحة للاستخدام، لتضررها من الحرب، أو تحولها لملاجىء للنازحين، أو بسبب سيطرة الجماعات المسلحة عليها وتحويلها إلى معتقلات أو ثكنات عسكرية.
وفي الجانب الإنساني، خلقت الحرب ملايين من الفقراء الجدد في البلد المصنف بأنه من أفقر دول العالم، حيث بات 21.2 مليون شخص في حاجة إلى شكل من أشكال المساعدات الإنسانية، وفقاً للأمم المتحدة .
وطبقا للتقرير، فإن 14.4 مليون شخص غير قادرين على تلبية احتياجاتهم الغذائية، منهم 7.6 ملايين يعانون من انعدام الأمن الغذائي الشديد.
وبحسب المصدر نفسه، فإن 19.4 مليون شخص يفتقرون للمياة النظيفة وخدمات الصرف الصحي، و9.8 ملايين لا يستطيعون الوصول إلى المياة بسبب النزاع .
– بوادر حلول
عقب الوساطة التي قادها زعماء قبليون بعيداً عن الأمم المتحدة وأثمرت عن تهدئة على الشريط الحدودي بين اليمن والسعودية منذ مطلع مارس/آذار الجاري، تتجه أنظار اليمنيين إلى المفاوضات المرتقبة في الكويت، خلال الشهر المقبل.
وتأتي المشاورات التي وصفها المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، بأنها” مشاورات الفرصة الأخيرة”، مع ضغوط دولية مكثفة على الأطراف اليمنية للعودة للحل السياسي، وأحاديث الأول أن الحوثيين وصالح وافقوا على تنفيذ القرار الأممي 2216 والذي ينص على انسحابهم من المدن وتسليم السلاح للدولة.