ميديا

العودة إلى بدايات الكون… ممكنة، كيف ذلك؟

يمن مونيتور/قسم الأخبار

أرسل تلسكوب الفضاء جيمس ويب مجموعة من الصور المذهلة عن أقاصي الكون (ناسا)

وجد عدد من علماء الفلك طريقة تسمح لهم برؤية البدايات الباكرة جداً للكون، فقد اكتشف بحث جديد وسيلة تتيح النظر من خلال الضباب الذي رافق اللحظات الأولى من بداية الكون، عبر رؤية الضوء الآتي من النجوم والمجرات الأولى في الفضاء الكوني.

وتذكيراً، يتيح النظر إلى أعماق الكون السفر إلى الوراء في الزمن [وفق نظرية النسبية عند آينشتاين يكون الزمن والمسافة مترابطان، ومثلاً تعبر السنة الضوئية، وهي زمن، عن المسافة التي يقطعها الضوء في سنة كاملة، وإذا استطعت النظر عبر تلك المسافة فيكون الأمر كأنك فعلياً نظرت إلى الوراء سنة كاملة، وعرفت ما كانه حال الشيء الذي تنظر إليه قبل سنة]، وعند النظر إلى أبعد أجزاء الكون يكون من المستطاع مشاهدة الضوء الذي جاء من البدايات الباكرة جداً لهذا الكون، مما يتيح لنا رؤيته أثناء بداياته.

لكن ليست هذه مهمة سهلة، إذ يغمر الضباب المشهد ويتكون ذلك الضباب من سحب كثيفة من غاز الهيدروجين [يعتقد العلماء أن الهيدروجين هو المادة الأولى التي تشكلت حينما بدأت الطاقة الهائلة للـ “بيغ بانغ” في الابتراد والتحول إلى ذرات ومادة، ويرجع ذلك إلى أن الهيدروجين أبسط ذرة معروفة في الكون]. ويضاف إلى تلك السحب صعوبة أخرى تتمثل في التشوه الناتج من إشارات أخرى من شأنها أن تعترض طريق الإشارات البعيدة [أي خيوط الضوء] التي يبحث عنها العلماء الآن.

وبالتالي يعني ذلك أنه على الرغم من امتلاك العلماء قدراً كبيراً من المعلومات حول ما يسمى الـ “بيغ بانغ” أو “الانفجار العظيم” والبداية الباكرة جداً من عمر الكون وكيفية تطور النجوم لاحقاً في حياتها، إلا أن الفترة الزمنية الفاصلة بين الحدثين لا تزال محاطة بألغاز كثيرة، وليس في متناول العلماء سوى معلومات قليلة نسبياً حول “الضوء الأول” الذي ظهر في الكون، حينما أخذت النجوم والمجرات تشع بالضوء.

الآن، يرى باحثون من “جامعة كامبريدج” البريطانية إنهم اكتشفوا طريقة جديدة ستسمح لهم بالنظر عبر تلك الفوضى كلها، والعثور على الأشياء التي يبحثون عنها في الحقيقة، وبواسطة هذه التقنية المبتكرة سيتمكن علماء الفلك من رصد النجوم الأولى في الكون أثناء تفاعلها مع تلك السحب الهيدروجينية، وتشبه هذه العملية، وفق توصيف العلماء، تصميم مشهد طبيعي عبر النظر في الشكل الذي تبدو عليه ظلال ذلك المشهد في الضباب.

وقد تطلب ابتكار هذه المنهجية الجديدة من العلماء الجمع بين باقة من التقنيات من مجالات مختلفة، وتتيح لهم هذه الطريقة بفصل الإشارات الكونية عن التشويش الذي يشوبها وعزل الاثنين عن بعضهما بعضاً، من ثم فإنها تتيح للباحثين تحليل الأجسام الفضائية بصورة محددة. [تُطلق تسمية تشويش على كل ما يعكر صفو عملية ما، وفي حال رصد الأضواء الباكرة التي بثتها النجوم الأولى في الكون يأتي التشوش من سحب الهيدروجين ومجموعة من الإشارات الكونية التي تداخلت مع تلك الأضواء].

كذلك يأمل العلماء النهوض بعمليات رصد فلكية أفضل حينما يحصلون على النتائج الأولى من عملية “التجربة الراديوية لتحليل الهيدروجين الكوني” أو “ريتش” REACH.

ووفق الباحث الرئيس في الورقة العلمية الصادرة من “مختبر كافنديش” في “جامعة كامبريدج” إيلوي دي ليرا أسيدو، “في الوقت الذي تشكلت فيه النجوم الأولى كان الكون في معظمه فارغاً وتكون في معظمه من الهيدروجين والهيليوم”. [تتألف ذرة الهيليوم من اندماج ذرتين من الهيدروجين ولذا تعتبر من الذرات التي تشكلت باكراً في الكون].

ووفق شرح قدمه الدكتور دي ليرا أسيدو، فإنه “نتيجة للجاذبية اجتمعت العناصر الكونية مع بعضها في نهاية المطاف، وكانت الظروف ملائمة للاندماج النووي مما أفضى إلى تشكل النجوم الأولى، لكن الأخيرة كانت محاطة بسحب مما يوصف بأنه الهيدروجين المحايد الذي يمتص الضوء بشدة، لذا يبدو عسيراً اكتشاف الضوء أو رصده خلف الغيوم مباشرة”. [الهيدروجين المحايد وصف يطلق على ذرة الهيدروجين الخالية من أية شحنات كهربائية].

وتذكيراً، فلقد شُرحت تلك الصعوبات حينما أفاد علماء عام 2018 أنه بات في مقدورهم رؤية الضوء الأول الذي اشتعل في الكون، لكن علماء الفلك وجدوا صعوبة في تكرار النتيجة نفسها وظنوا أن النتائج ربما تعزى إلى تشويش في التلسكوب.

لكن الآن بفضل الطريقة الجديدة ربما ينجح العلماء من العثور على الإجابة الشافية بشكل نهائي، وبحسب الدكتور دي ليرا أسيدو “إذا استطعنا أن نثبت أن الإشارة الموجودة في تلك التجربة السابقة كانت آتية فعلاً من النجوم الأولى في الكون، فستكون النتائج المترتبة عن ذلك مذهلة”.

 

يبقى أن التفاصيل في شأن هذه الطريقة الجديدة يعرضها بحث بعنوان “ريتش، التجربة الراديوية لتحليل الهيدروجين الكوني”REACH: Radio Experiment for the Analysis of Cosmic Hydrogen نشرته مجلة “نيتشر أسترونومي” Nature Astronomy اليوم.

المصدر: اندبندنت عربية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى