تقاريرغير مصنف

“حرب الميديا”.. ثورة أخرى بوجه “الحوثي” في اليمن

مثّلت وسائل التواصل الاجتماعي ثورة أخرى في وجه الحوثي، وباتت المتنفس الوحيد، على الرغم من قطع كل خدمات الاتصالات، أو تضييقها على مدن بعينها، استفاد منها الإعلاميون والناشطون كثيراً من أجل إيصال رسالة المقاومة، وفضح الحوثيين ونقل جرائمهم إلى العالم. يمن مونتيور/ وحدة التقارير/ من عمار زعبل
في مارس من العام الماضي بدأ زحف جماعة الحوثي المسلحة المتحالفة مع الرئيس السابق صالح على المدن اليمنية في الجنوب والوسط، يتساقط القتلى وهم يحاولون التصدي لقوة وهجمة وصفت حينها بالمغولية والتتار والهمجية، على مواقع التواصل الاجتماعي، وفي المواقع الإخبارية الإلكترونية وغيرها.
بدأ الجنوبيون ليلحق بعدهم أهالي تعز والبيضاء ومأرب والجوف ومحافظات أخرى لتنظيم أنفسهم عسكرياً، لمواجهة الحرب التي فرضت عليهم، وكانت في غير حسبانهم، متزامنة مع حرب أخرى، الجندي فيها المواطن العادي والناشط والإعلامي بل والقائد الميداني في المعركة، شملت كل المناطق والمدن في الشمال والجنوب، حتى تلك الواقعة في سيطرة الحوثيين كالعاصمة صنعاء وربما في صعدة (معقل الحوثيين)، هي حرب افتراضية، ميدانها مواقع التواصل الاجتماعي والشبكات الإلكترونية.
امتدت أيضاً إلى خارج اليمن، بعد لجوء الكثير من الناشطين والإعلاميين إلى دول كثيرة في العالم؛ فالحوثيون وشركاؤهم الذين انقلبوا هيمنوا على السلطة، حاولوا إسكات الصوت الآخر، صوت المقاومة والرفض، بعد أن جوبه انقلابهم وحربهم بحملة شبابية بدأت في “الفيس بوك” كونه الأكثر انتشاراً في اليمن، حملة سميت “رفض” لتترجم بعدها واقعاً في حملات شملت عدداً من المناطق ومنها صنعاء، لكنها أسكتت بعدها بصوت الرصاص، الذي لا صوت يعلو عليه في عرف الحوثيين.
 
فضح الحوثيين
حجبت المواقع الإلكترونية وأغلقت الصحف الورقية، والإذاعات المحلية، ليبقى الرأي الواحد فقط، المعبر عن روح الانقلاب، وصورته البشعة في تكميم الأفواه، وحتى لا تنقل فظائعه ومآسيه إلى الرأي العام، والعالم أيضاً، عمل الحوثيون وحلفاؤهم في صنعاء وغيرها على مطاردة الناشطين والإعلاميين والحقوقيين، اضطر كثير منهم إلى الهجرة بحثاً عن وطن بديل، وعن وسائل أخرى للتعبير.
مثّلت وسائل التواصل الاجتماعي ثورة أخرى في وجه الحوثي، وباتت المتنفس الوحيد، على الرغم من قطع كل خدمات الاتصالات، أو تضييقها على مدن بعينها، ناهيك عن قطع التيار الكهربائي، وما زال منقطعاً إلى اللحظة، ليستعيض عنه أي التيار الكهربائي بوسائل أخرى للطاقة، استفاد منها الإعلاميون والناشطون كثيراً من أجل إيصال رسالة المقاومة، وفضح الحوثيين ونقل جرائمهم إلى العالم.
يقول الصحفي والمصور “طه صالح”، وهو من المصورين الميدانيين في مدينة تعز، التي شهدت حصاراً وتشهد حرباً مستمرة منذ قرابة عام، إن “وسائل التواصل الاجتماعي خدمت المقاومة بشكل كبير، وخدمت تعز وإنسان تعز بشكل أكبر، حيث استطعنا كناشطين من خلال وسائل التواصل الاجتماعي أن نوصل حصار تعز لكل العالم، واستطعنا بالصورة توثيق هذا الحصار؛ وبعد أن كثفنا الحملة في وسائل التواصل الاجتماعي حتى التفت العالم إلى تعز وزارها الكثير من المنظمات العالمية، التي كانت تجهل ما يدور في المدينة إلى أن قمنا بحملات إلكترونية واسعة.
 
هاشتاجات وحملات
أطلق الناشطون العديد من الحملات والهاشتاجات مثل “#صنعاء_تلفظ_الحوثي”، #ارفعوا_الحصار_عن_تعز”، واستطاعت كسر الجمود، وتقديم قضية اليمن ككل، وتعز على وجه الخصوص إلى العالم، وبدأت منظمات إغاثية تتحرك، بعد أن عجزت الأمم نفسها في إدخال أية مساعدات للمدينة المحاصرة، والتي تتعرض لقصف عشوائي وممنهج على الأحياء السكنية.
يضيف “طه صالح” في حديثه لـ”يمن مونتيور”، أن “ناشطي تعز وكل المتضامنين معهم في اليمن وخارجها استطاعوا إجبار التحالف العربي على إنزال أدوية إلى تعز، وعمل إغاثات أولية كانت تحتاجها مشافي المدينة التي خلت تماماً من العلاج أثناء الحصار الجائر على المدينة”.
 
إعلام وإعلام مضاد
استطاعت وسائل التواصل الاجتماعي خدمة المقاومة وتوجهاتها في ظل غياب أية وسائل إعلامية تنقل الأحداث أولاً، نظراً لنقص الإمكانات وشحتها في بعض جبهات القتال، خصوصاً وأن الآخر، أي الحوثيين، يملك ترسانة إعلامية كبيرة وظفها لنشر الشائعات والفبركات المضادة، فهو كما يرى ناشطون يمتلك أجهزة دولة سخرها من أجل تمرير انقلابه، والتغطية على جرائمه وانتهاكاته اليومية على المواطنين.
ووفقاً لـ”صالح”، فقد خدمت وسائل التواصل المقاومة، فقد كان الصحفي والمصور هو جندي من جنودها، حيث استطعنا أن نوصل إنجازات المقاومة، واستطعنا أن نوثق لحظات تقدمها، وعكسنا الوجه الإيجابي لها، كما نعمل أيضا كجهة رقابية على السلبيات، التي يقوم بها بعض افراد المقاومة حتى تعالج”.
 
الوصول إلى المعلومة
بدوره يرى الناشط “محمود الصالحي” أن “مواقع التواصل الاجتماعي لها دور فعال في خدمة المقاومة، كونها أظهرت الكثير من الوقائع والأحداث، التي كان يجهلها العامة ونزعت القناع عن الكثير من الأشخاص، الذين كانوا يتسترون ويمارسون آلاعيبهم من وراء الكواليس”.
ويضيف “الصالحي” لـ”يمن مونتيور”، “تكمن أهمية التواصل في نشر قيم المقاومين وأخلاقهم مقارنة بما يمارسه الانقلابيون من أساليب وجرائم بشعة بحق المواطنين والعزل في الكثير من المحافظات”.
ويرى الصحفي “صلاح حسن” أن “الصحفي وجد البديل، بعد التضييق عليه، فظهور ما نسميه بصحافة المواطن سهلت على الصحفيين نقل المعلومة والصورة عبر الطرق المتاحة والمتوفرة إلكترونيا، فهناك صور وفيديوهات كشفت وتكشف حقيقة ما ترتكبه المليشيات من مجازر، فهنالك نجاح نسبي كون بعض المواقع الافتراضية لا تنقل الحقيقة كما هي، بل كانت تعتمد على الفبركات حتى أصبحنا نشعر وكأن الحرب افتراضية أيضاً، وليس المساحة على النت فقط”.
 
المواطن الصحفي
حتّم غياب القنوات العالمية ومراسليها في كثير من الجبهات، على الناشطين إيجاد البديل، وكانت “الميديا” بكل أنواعها، فهي جعلت من المواطن العادي صحفياً وناشطاً في العديد من الجبهات، فهو من ينقل الواقع حتى أن القنوات والوكالات تأخذ أغلب مصادرها من صفحات الناشطين في وسائل التواصل الاجتماعي.
وتميزت تعز عن غيرها من المحافظات بوجود كتلة كبيرة وضخمة من الناشطين، مما جعل حضور تعز إعلامياً وعالمياً أكثر من غيرها من المحافظات، التي لا نسمع عنها أو عما يدور بداخلها بسب غياب الناشطين بوسائل التواصل الاجتماعي.
 
استهجان
ورغم كل هذا النشاط، والنقل للصورة ومن الميادين، إلا أنه يقابل أحياناً بالاستهجان والاستنكار والعتب، بل وتحميل جزء من الهزيمة على الناشطين، فأحد القادة العسكريين في تعز، رفض أن يذكر اسمه قال لـ”يمن مونتيور”، إن “إحدى الانسحابات والهزائم للجيش الوطني في الضباب قبل أشهر جاءت بعد تسريب أحد الجنود، لأخيه الناشط المشهور وهو ينتمي للمنطقة نفسها، ويعيش في دولة أوروبية، أخبره بأن الذخيرة التي معهم نفدت، وأن الإمداد توقف عنهم، فنشر الناشط هذه المعلومات في “الفيس” فحدث هجوم كبير على المكان، وقتل بعض المقاومين وخسروا الموقع، الذي له أهمية استراتيجية في ذلك الوقت”.
وفي هذا الصدد، يقول “طه صالح”، إن “حملات الاستهجان على الإعلاميين والناشطين لا تمت للواقع بصله، ومن يقودوها هم من يحاولون تغييب دور الإعلام في المعركة وخصوصاً تعز، من أجل التستر على جرائم الحوثيين وأيضاً المتعاطفين مع تعز، الذي لا يعلمون عن الواقع شيء، فقيادة المقاومة ومقاتليها يشيدون بدور الإعلاميين والناشطين، ولا يقولون عن دورهم بأنه كشف لأسرار المقاومة، بالعكس الحملات التي يقودها الناشطون في تعز ساهمت في انهيار الحوثيين”.
 
سند للمقاومة
ويرى “صلاح حسن” أنه منذ بداية الحرب والاقتتال كانت بعض وسائل الإعلام الالكترونية وغيرها مسانده للدور الذي تقوم به المقاومة الشعبية على الأرض، وكثير من الناشطين على وسائل التواصل الاجتماعية كانوا سنداً للمقاومة في تناقلهم كل ما يجري على الأرض، فدورهم كان مطلوباً ولا حقيقة لكل ما يقال عنهم، إلا من البعض، وهم لهم دور مشبوه في تثبيط المقاومة، وإيصال رسائل عكسية عن المقاومة وهم معروفون. حسب قوله.
 
إعلام الحوثيين الحربي
نشط الحوثيون وشركاؤهم أثناء الحرب وقبلها إعلامياً، فحربهم كانت شائعات، قبل أن تكون على الأرض كما يقول متابعون.
ولقد كان ما أسموه بالإعلام الحربي مرافقاً لهم، إضافة إلى تجنيد كتائب كثيرة في وسائل التواصل الاجتماعي وعمل “هاشتاجات” أيضاً لإيصال صوتهم ومظلوميتهم جراء العدوان كما زعموا، كما عملوا على الترويج لحرب أخرى، بأنهم يواجهون الإرهاب ومن هذا القبيل.
متابعون يرون أن الحوثيين وحلفاءهم استطاعوا تشكيل جبهة إعلامية في وسائل التواصل الاجتماعي، وكان أثرها كبيراً جداً، حيث أثرت على الرأي العالمي لأنهم يمتلكون ناشطين يتحدثون أكثر من لغة، ويخاطبون أكثر من جهة.
وأكبر دليل على قوتهم في وسائل التواصل الاجتماعي كما يرى صحفيون أنهم يستطيعون استغلال صور الضحايا الذين يسقطون من جراء قصف المليشيا وقناصاتهم، فيحولها لصالحهم وينشرون هذه الصور على أنها لضحايا المقاومة أو التحالف العربي؛ فهم استخدموا الفضاء الافتراضي للترويج والفبركات ونقل الأكاذيب.
 
قيادات
قيادات ميدانية تشارك في القتال وجدت نفسها أيضاً تنشط فيسبوكياً، أو على التويتر، هناك صفحات للمقاومة والجيش الوطني، وأخرى لمكاتب إعلامية تتبع قادة كبار، أما القيادات المتوسطة اكتفت بحسابات شخصية لها متابعون بلغوا آلاف، كما هو في تعز، حيث صفحة “الحسين بن علي”، قائد كتيبة الصعاليك، التي لها صولات في مقاومة المليشيا، إضافة إلى حساب القائد الميداني “عبده حمود الصغير”، وغيرهم كثير.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى