(عبده حمود الصغير) من معلّم الرياضيات إلى بطل للمقاومة في تعز اليمنية (بروفايل)
لم يُخيّل إلى “عبده حمود الصغير” معلم الرياضيات في مدينة تعز، وسط اليمن، أن الأقدار ستقوده إلى أن يصبح قائداً عسكرياً، واسماً لامعاً لأحد أشهر قيادات المقاومة الشعبية التي تخوض حرباً ضد الحوثيين وقوات موالية للرئيس السابق علي عبدالله صالح.
يمن مونيتور/ خاص/ من أحمد الصهيبي ومحمد الشبيري
لم يُخيّل إلى “عبده حمود الصغير” معلم الرياضيات في مدينة تعز، وسط اليمن، أن الأقدار ستقوده إلى أن يصبح قائداً عسكرياً، واسماً لامعاً لأحد أشهر قيادات المقاومة الشعبية التي تخوض حرباً ضد الحوثيين وقوات موالية للرئيس السابق علي عبدالله صالح.
فالرجل الأربعيني، الذي قضى معظم سنون عمره متنقلاً بين مدارس تعز، مدرساً لمادة الرياضيات، ثم وكيلاً لمدرسة “باكثير” كبرى مدارس مدينة تعز، قبل أن يحصل على درجة البكالوريوس في مادة الرياضيات من جامعة تـعز الحكومية، بات اليوم يعرف بـ”بطل تعز الجديد”، لدوره الكبير في قيادة المقاومة الشعبية، خصوصاً الجبهة الغربية.
ينحدر “عبده حمود الصغير” من منطقة الزيلـعي، مديرية خدير جنوبي تعز، التي أكمل فيها دراسة الإعدادية بمدرسة “الثـورة”، وانتقل بعد ذلك إلى تعز المدينة ليكمل فيها دراسة الثانوية، حيث كان يدرس ويعمل لسداد مصاريفه اليومية.
ووفقاً لشهادات مقربين منه، فقد كان معروفاً بحزمه الشديد، وحبه للانضباط، وكان مجرد ذكر اسمه أمام طلاب مدرسة باكثير كافيـاً ليستقيم زهاء 2000 طالباً كالبنيان في طابور الصباح، لكن رغم ذلك لم يكن يوماً ميالاً للعنف، غير أن الأحداث التي عصفت بالبلاد فيما بعد ستقوده من مهنة التعليم إلى ساحة الحرب.
فاز “الصغير” بعضوية المجالس المحلية لدورتين ممثلاً لمديرية “القاهرة”، نـظراً لشعـبيته، وللكاريزما التي يمتلكها، وأواخر العام 2013 عمل مديراً لمكتب وكيل محافظة تعز “أنس النهاري”.
عند اندلاع شرارة الثورة الشبابية في الـ 11 من فبراير 2011 ضد نظام الرئيس السابق “علي عبدالله صالح”، كان “الصغير” من أوائل المحتجين الذين خرجوا إلى ساحات الاعتصام بتعز، وتولى إدارة الخدمـات والأمـن في ساحة الحرية في تـلك الأثـناء.
ارتكب نظام صالح مجزرة دامية في الـ 29 من مايو 2011، وهي ما عرفت بـ”محرقة تـعز” التي راح ضحيتها أكثر من 50 شخصاً من المعتصمين؛ وكان ذلك يوماً مفصلياً في حياة “الصغير”، فقد تحول أستاذ الرياضيات إلى العمل المسلح، وأصبح أحد قادة المجموعات الثـورية التـي واجهت ألوية الحرس الجمـهوري الموالي لـ”صالح” آنذاك، في جـبل جرة والحصب والمرور، ورغم قلة خبـرته العسكرية حيـنها، إلا أنه حقق انتصارات عديدة.
تعرض “الصغير” لعدة محاولات اغتيال نفذها مجهولون ضده، بينها انفجار عـبوة ناسفـة بسيـارته في العام 2012، نجى منها دون أن يصاب بسوء.
قبيل دخـول الحوثيين إلى تـعز، حاول ومعه الكثيرون تجنـيب المدينة ويلات الحـرب، وعمل كثيراً مع رفيقه “شهيد السـلم”، صادق منـصور الحيدري، لكن محاولاتهم في ابعاد شبح الحرب عن تعز لم تلقَ آذاناً صاغية لدى الحوثيين وحلفائهم الذين قرروا غزو المدينة وفرض حصار عليها.
بعد اندلاع المواجهات في تعز بين الجيش الوطني والمقاومة الشعبية من جهة، والحوثيين وقوات موالية لـ”صالح” من جهة أخرى، مطلع أبريل/ نيسان من العام الماضي، أعلن ورفاقه المقـاومة المسلحة، وبدأوا في تشكيل “لواء الطلاب” نسبة إلى أن معظم منتسبيه هم من طلاب الجامعات، وتـولى زمام الجـبهة الغربية، وأذاق فيها الحوثيين الويلات، وأصبح اسمه كابوساً لدى خصومه، وقد كان دائماً في مقدمة الصفوف في كل المـعارك، وهذا هو سر الانتـصارات التي تحققت في تلك الجبهة.
فَقَدَ “الصغير” خمسة من مرافقيه الشخصيين أثناء خوض المعارك غربي تعز، فيما كتبت له النجـاة، ليقود في الأيام القليلة الماضية، وبالتنسيق مع قيادات كل الجـبهات، معركة منظمة ومدروسة، تم فيـها تحرير الجبهة الغربية كاملةً، وفك الحـصار الأبشع في تاريخ المدينة.
بعد انتهاء معركة فك الحصار عن الجبهة الغربية للمدينة، انتقل مع بقية القادة في المقاومة الشعبية إلى تحرير المناطق الشمالية من تعز، وأبرزها معركة تطهير تلة الدفاع الجوي، إحدى أهم التلال المحصنة التي يتمركز فيها الحوثيون وقوات موالية لصالح، ويقصفون المدينة منها.