آراء ومواقف

المقاومة والمليشيا.. قطبان متناقضان

نصر الاغبس

المقاومة لا تشبه المليشيا في شيء، ومن الحمق الصرف أيضا، الاجتهاد والمحاولة لاستخلاص فروقات فيما بينهما، إذ لا يوجد مجال لإحداث مقارنة بين قطبين متناقضين بشكل حاد. مع تصاعد وتيرة الانتصارات التي يحققها الجيش الوطني والمقاومة الشعبية، تصاعدت نبرات أصوات مشبوهة تشتغل تارة على وتر أن المقاومة عبارة عن جماعة مسلحة، وتارة على أنها مليشيا طائفية، لا تختلف عن مليشيا الحوثي من حيث الممارسات والأفعال، بل من حيث الأيديولوجيات والأفكار.
وأمام هذا التزوير والتحامل الجائر على المقاومة، أتساءل عن الكيفية التي يحاول البعض من خلالها المساواة بين مليشيا الحوثي والمقاومة؟!
وقبل البت في إجابة لهذا السؤال، سأضع أمامكم جملة من الحقائق، والتي يستشعر معها المرء ثقل السؤال آنف الذكر، وقرف الإجابة عليه! إذ لا يوجد ما يسوغ أن تضع المقاومة والمليشيا الانقلابية بمنزلة واحدة.
فكلنا نعلم، أن المقاومة حتى اللحظة لم تستهدف أياً من المنازل والقرى، والمدن، التي يتحصن فيها الانقلابيون، (كانت مأهولة أو خالية من السكان) بقذائف الهاون والهوزر وصواريخ الكاتيوشا، كما تفعل المليشيا.
المقاومة حتى اللحظة، لم تقدم على تفجير المنازل ودور العبادة أو المقار الحزبية، سواء في المناطق التي احتفظت بها، وبقت تحت سيطرتها، أو تلك التي استطاعت تحريرها من قبضة الانقلابيين وأخرجتهم منها، وهو عكس ما كانت تقوم به المليشيا في المناطق التي تدخلها وتفرض سيطرتها عليها.
المقاومة انسحبت من مناطق عديدة في الشمال والجنوب، ولم تقم بزراعة لغم واحد، خلاف للمليشيا التي ما أن تصل إلى أية بقعة، تلة أو جبل، وادي أو صحراء، شارع أو حارة، إلا وحولتها إلى حقول من الألغام، كموت ناجز ينتظر أرواح الأطفال والنساء والعجزة لحصدها.
المقاومة، لم تختطف السياسيين والناشطين والصحافيين والإعلاميين، بالجملة، وتقوم برميهم في السجون والأقبية، دون سبب أو تهمة، وتمنع عنهم الزيارة، وهو ما تقوم المليشيا به في أكثر من منطقة يمنية وعلى رأسها العاصمة صنعاء.
المقاومة لم ترتكب الفظائع والجرائم التي يتمزق لها الضمير، ويتصدع أمامها الوجدان الإنساني، من قنص للنساء والأطفال والمختلين عقليا كما فعلت في تعز، أو تفخيخ لفصول مدارس الابتدائية كما في عدن، وهو ما قامت بها المليشيا.
المقاومة لم تجلد الناشطين بشكل وحشي في مؤخراتهم، وتعذيبيهم في بقية أنحاء أجسادهم حتى فارقوا الحياة، كما فعل الحوثيون مع الناشط “البشري”.
المقاومة الشعبية لم تقتحم منزل رجال الأعمال “الشميري” أو قامت بترويع نسائه وأطفاله قبل أن تقتله بدم بارد في غرفة نومه، وهو ما فعلته المليشيا.
المقاومة لم تقم بتفخيخ جثث مقاتليها، كما فعلت المليشيا بجثث مسلحيها في منطقتي السد والجفينة غربي مأرب.
المقاومة لم تفرض الحصار على المناطق الخاضعة لسيطرة الانقلابيين، وتمنع عنهم الغذاء والدواء والماء، والأكسجين، وهو ما مارسته المليشيا – دون رحمة أو شفقة – بحق سكان تعز تحت ذريعة أنها تخضع لسيطرة المقاومة.
والأهم من ذلك، أننا، جميعا، نعلم أن المقاومة لا تشبه المليشيا في شيء، ومن الحمق الصرف أيضا، الاجتهاد والمحاولة لاستخلاص فروقات فيما بينهما، إذ لا يوجد مجال لإحداث مقارنة بين قطبين متناقضين بشكل حاد.
إذاً، أي منطق يدعم إمكانية المقارنة بين المليشيا التي مارست بحق شعبنا صنوف الإجرام والتنكيل، وبين المقاومة التي تخلقت وأتت لإيقاف العجرفة والغطرسة المليشياوية دون الوقوع في مزالق وسخط الإنتقام؟
وأخيراً، من أين واتت البعض الجرأة حتى يسعى لتقزيم المقاومة، وينزعوا عنها طابعها الوطني ويستبدلونه بطابع طائفي لا وجود له بالشكل الذي يصورونه ويضخمونه ويتمنونه؟
 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى