كتابات خاصة

اليمن بلد الصفقات والمساومات

محمد صلاح

في اليمن كل شئ يمكن التفاوض حوله والسؤال عن ثمنه، حتى في الحب الذي لا يباع ويشترى، فالموروث الشعبي يعج بالشواهد المؤيدة لذلك، وتظهر بوضوح سافر في الأغاني الشعبية، ومنها على سبيل المثال أغنية الفنان الراحل (أبو نصار) :

في اليمن كل شئ يمكن التفاوض حوله والسؤال عن ثمنه، حتى في الحب الذي لا يباع ويشترى، فالموروث الشعبي يعج بالشواهد المؤيدة لذلك، وتظهر بوضوح سافر في الأغاني الشعبية، ومنها على سبيل المثال أغنية الفنان الراحل (أبو نصار) :
 ألا من كم الحب بالله من كم
هذا ما تفصح عنه شخصية المجتمع اليمني في جانبها الوجداني الذي لا يخضع للمصالح، فكيف في القضايا والأمور التي تحكمها المنافع المتبادلة، كالقضايا السياسية وغيرها. نستطيع أن نستشف من الأغاني الشعبية اليمنية المتداولة والسائرة، بعض سمات المجتمع وجانب من شخصيته، وسلوكه إزاء المواقف التي تواجهه في الحياة.
تظهر العديد من الأغاني الشعبية بأن اليمني لا يقبل التضحية بدون مقابل، ويصعب عليه تَقَبُّل دور الضحية والمظلوم، فاليمنيون بطبيعتهم ميالون إلى اللين في التعاطي مع القضايا التي يواجهونها، وكل مشكلة لديهم قابلة للحل على شريطة أن تعطي لكي تأخذ، وحين يختلفون فإن قاعدة الكسب للجميع هي المقبولة والسائدة في تصفية الخصومات.
أما وأن ينال طرف ما يريده دونا عن البقية، فالنتيجة هي تركه وصرم حباله، والبدء بالبحث عن شريك جديد قد يكون أفضل، هكذا تعاملوا مع الأئمة، وفي علاقاتهم الشخصية أيضا، وتشير ابيات الأغنية التالية إلى ذلك :
 ألا ما هذه القسوة وقلة الخير
        أبزيك من جهلك وتشبح الغير
من أجل مه شغثى عليك واحزن
        قد ربما غيرك يصادف أحسن
أموت عطش والساقيه ملان ما
       ألا للمه تماطلني جعلت تعمى
ما اعزني شبكي عليك واندم
       الروح شحيح والقلب قطرتين دم
وهو أيضا يرفض التذلل والخضوع حتى في حياته العاطفية، فإذا صدَّ الحبيبُ حبيبَه، فهو لا يحاول التقرُّب منه بل يُهدِّده بالبيع في أكبر أسواق المدينة، وأبيات الشاعر السعدي “العدني” الذي غناها الكثيرون تفصح عن ذلك  :

 لمه لمه يا منى قلبي لمه       ترد بابك على عابر سبيل
 
ذا كبر منكم وإلا هنجمه       وإلا معاكم على هذا دليل
 
والله يا ناس لولا المحكمه    لادلَّ به عبد في السوق الطويل
 
أيضا البيت التالي  :
 
ياذا الحبيب ياذا الحبيب إرفق بخلك إرفق
وإلا شدي حـبيب غيـرك وأفعل بك إنذق
 
في الأبيات السابقة – كمثال – يمكن القول إن اليمني في حياته العاطفيه مستعد للإستغناء عن حبيبه، وإستبداله بغيره إذا وجد منه الإصرار على مواقفه وتعنته في عدم مراعاة الخل لخليله!!
ترى إذا كان هذا حال الحبيب مع حبيبه، فكيف حال الفرد مع حزبه أو تنظيمه، أو جماعته أو …….الخ .
أخيراً هذه السمة في الشخصية اليمنية، كما يقول محمد عبده غانم “لا تدل على الانتهازية والارتزاق”، لكنها تعبر عن شخصية واقعية لا رومانسية، عمليه لا نظرية.
كما نجد أن طبيعة الإنسان اليمني سريعة الاستجابة للتغيير، فحين تشح السماء بمائها، أو يتوقف هطول الأمطار، يبادر الفلاح اليمني سريعاً لاقتلاع المحصول من الأرض ويستبدله بآخر، فقد اكسبته طبيعة الحياة من حوله مرونة علمته البحث عن البدائل المناسبة حين يدرك أن نتيجة ما قام به في السابق غير ذي جدوى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى