عدنان هاشم، عندما كان موكب من سيارات الدفع الرباعي الأمريكية، تشق الطريق من صعدة نحو الحدود السعودية، تحمل على متنها مفاوضين حوثيين، كان علي عبدالله صالح يكافح من أجل أن يكسب ودّ القبائل المحيطة بصنعاء؛ لم يعلم “صالح” إلا من وسائل الإعلام بخبر لقاء حليفه بالمسؤولين السعوديين، كان قد أرسل ياسر العواضي ويحيى دويد اثنين من أبرز القيادات في حزبه إلى “برلين” وعاصمتين أوروبيتين في نفس تلك الليلة. عندما كان موكب من سيارات الدفع الرباعي الأمريكية، تشق الطريق من صعدة نحو الحدود السعودية، تحمل على متنها مفاوضين حوثيين، كان علي عبدالله صالح يكافح من أجل أن يكسب ودّ القبائل المحيطة بصنعاء؛ لم يعلم “صالح” إلا من وسائل الإعلام بخبر لقاء حليفه بالمسؤولين السعوديين، كان قد أرسل ياسر العواضي ويحيى دويد اثنين من أبرز القيادات في حزبه إلى “برلين” وعاصمتين أوروبيتين في نفس تلك الليلة.
غالباً ما كانت تحدث لقاءات سعودية مع الحوثيين، كلها سرية، في مسقط، وأخرى في “عمّان”، سفراء الدول العشر الأوروبيون كانوا أكثر الضاغطين على تلك المباحثات، كان السفراء يطلقون عليها “المفاوضات الخلفية” أو “الخط الثاني” للمفاوضات؛ الحوثيون كانوا يشكون دائماً أن ممثلي السعودية لا يرقون إلى اتخاذ القرار، طوال تلك الفترات؛ سلطنة عُمان بذلت جهداً مضنياً في سياستها الصامتة، وقد ربما يوصل إلى اتفاق سيبدأ على الحدود الجنوبية للسعودية والشمالية لليمن، لكن في بقية الجبهات ستؤكد السعودية أنها مسألة متعلقة بالحكومة اليمنية.
تسربت رسالة سرية بين “ولد الشيخ” المبعوث الأممي إلى اليمن و”جيفري فيلتمان” مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية، مؤرخة بمنتصف فبراير أوضح فيها أن السعودية دخلت في مفاوضات سرية مباشرة مع الحوثيين، وأنها وافقت مؤخرا على استئنافها في العاصمة الأردنية. التقى ولد الشيخ بوزير الدولة السعودي مساعد العبيان، أحد القريبين من أصحاب القرار السعودي، وشخص آخر يعتقد “ولد الشيخ” أنه مسؤول بجهاز المخابرات السعودي، وأبلغ الرجلين بـ”استعداد الحوثيين لاستئناف المفاوضات السرية المباشرة مع ممثلي الرياض”، وأنهما “رحبا بهذا التقدم المحرَز، وأعربا عن التزامهما المضي قدما في هذا المسار”، رغم أنهما أبديا بعض الملاحظات. في منتصف فبراير كان “ولد الشيخ” متفائلاً بعقد جولة ثالثة من المفاوضات بين الحوثيين والحكومة منتصف مارس الحالي.
كان الحديث عن “الحوثيين” كطرف، فيما “صالح” لم يعد طرفاً حليفاً للحوثيين، الحوثيون أكثر من مره أكدوا أن بقاء “صالح” في أي مرحلة قادمة يعني نهاياتهم، الرجل الثعلب الذي يجيد المكر ويستخدم الحيّل والأفخاخ للإيقاع بخصومه، يجتمع مع قيادات حزبه لبحث خطة تأمينه، يرسل شخصين إلى أوروبا لقبوله، وإلى الإمارات من أجل عائلته، يفقد الكثير من ذلك “الدهاء” لكنه يبقى خطراً، فطالما كان “الثعلب” يدعيّ الموت حتى يزول الخطر، ثم يعاود مكره من جديد، الحوثيون يمكرون بالفطرة، وكان تحالفهم ماكراً لم ينجب سوء القتل والتدمير والإرهاب.
كتحالف الأعداء وقت الضرورة أظهر تحالفهما الكثير من الغطرسة والمكر المتبادل. يبدو أن كليهما يعتقد أن بإمكانه الاستغناء عن الآخر بكل سهولة بمجرد انتهاء الحملة التي تقودها السعودية، أو أن ينقلب على الآخر بمجرد تحسين شروط بقاءه.
يسعى الحوثيون إلى استكشاف مستقبلهم بدون “صالح”، تشاركهم السعودية التي ترى أن “صالح” لا يمكن أن يكون جزءاً من مستقبل اليمن. فيما ترى الحوثيين جزءاً من هذا المستقبل، وهو ما أكده عبدالله المعلمي، مندوب السعودية في الأمم المتحدة، في تصريح هذا الأسبوع.
يمكن أن نتصور شكل هذا الاتفاق لثقة مهزوزة بين “السعوديين” و”الحوثيين” وثقة مفقودة بين الجماعة و “الحكومة اليمنية”، سيقدم الحوثيون ضمانات لتحجيم علاقتهم مع إيران، فيما سيتخلون عن السلاح الثقيل المنهوب من معسكرات الدولة، إلى السلطة القادمة، لن يكون “هادي” ضمن حلّ، فيما “بحاح” جرى تعيينه بإرادة الحوثيين بعد اسقاط حكومة “باسندوة”، مقابل منحهم دوراً في المستقبل، بل ودور محوري.
رغبة متبادلة بين الحوثيين والسعوديين للإطاحة بـ”صالح” إما بمصير “بن علي” التونسي، أو يتشابه مصير “الزعيم”، بمصير “العقيد القذافي”، خياريّ “النفي” أو “الإعدام”.
يبدو أن تحالف “الحوثي- صالح” ليس على وشك هزيمة عسكرية “كاملة”، كما يتمنى الكثيرين، لكن المحادثات الجارية ستخلق أرضية جديدة تجعل من “صالح” كبش فداء لتعاون طويل الأمد بين “السعودية” و “الحوثيين”؛ وهكذا هي الحروب، المتداخلة بين كثير من العداوات والصداقات.