كتابات خاصة

اليمن والشرعية المنكوبة

أحمد ناصر حميدان

الرومانسية المشهودة اليوم بين اطراف الاختلاف السياسي , او بالأصح اطرف العنف السياسي , هي نتيجة تعبر عن المتاجرة السياسية لقضايا الوطن , فاجتمعوا اليوم دون منغصات , بعد ان ربح كل منهم نصيبه بالقسمة , محتفظا  بوسائل العنف والضغط ليحصل على المزيد .

اليوم يحتفل البعض انه صار ضمن مراكز القوى والنفوذ السياسي , ودخل ضمن العملية السياسية , واعتقد انه صار في قمة صناعة القرار السياسي .

وهذا ليس عيبا , العيب في العملية بذاتها , التي لم تترك الثورة الشعبية ان تتمخض لتصنع نفوذها السياسي دون تدخل خارجي , بما يلبي تطلعات الناس .

كان للتدخل الخارجي اثره الواضح في العملية برمتها , بدأ يقتل روح الثورة , ويستهدف أركانها , ويعيد تموضع الثورة المضادة , بأدواتها العسكرية والسياسية التي ترفع شعارات الحلم الثوري , وهي تتخلص شيئا فشيئا من قيم واخلاقيات الثورة , ومن ثم تجرف واقعها , وتهد اعمدتها , وتشوهها إعلاميا , وتقضي على الفكرة بذاتها من عقول ونفوس الناس , وتصور كل من التحق بها شيطان رجيم , وكل من تصدى لها ملاك رحيم , حتى اوصلوا الناس ليأس يرددون شعار سلام الله على النظام السابق , الذي بدأ يتبجح في وجه الثورة والثوار .

الرومانسية التي نشاهدها هي احتفال بالقضاء على آخر معاقل الثورة , وهو الشرعية الثورية التي تمثلت بفخامة الرئيس المنتخب , والذي ظل مطاردا من قلاع الثورة في الداخل , إلى ان استلمه  الخارج واستفرد به , مع رفضه التنازل عن ذرة رمل من أرضنا الحبيبة , رغم ما مورس ضده من وسائل الضغط , وتعطيل دوره نهائيا , بإفساد كل من حوله , من الأبناء الى البطانة السياسية والإدارية والعسكرية , بسياسة القرش يلعب بحمران العيون , والجوع كافر , ونعترف لهم انه استطاعوا ان يجوعوا شعبا إذلال ومهانة  , حتى كفر بأحلامه وتطلعاته  .

المحتفلون من الساسة ومناصريهم , ينظرون لما تم تعبئته في الكأس ما بعد التدخل السافر للتحالف , ومسحورين بأعلام مدعوم من التحالف , تائهون في مكونات أسسها التحالف , ينعمون بالمال والجاه والنفوذ الذي مكنهم التحالف , ولا يرون الرئيس والشرعية من منظار مبدئي وقيمي , بل هم كانوا أدوات التحالف في إيصال الشرعية لما وصلت اليه .

السؤال أين تلك الجماهير التي خرجت تؤيد مخرجات الحوار الوطني؟ ,و رسمت مستقبل أفضل لوطن امن وشعب متعايش , حاولت ان تحييد العنف , و داهمها , وبدعم من الإقليم والعالم المنافق , ورئيس توافقي كان يحاول ان ينتزع فتيل العنف والمتفجرات , و وقع ضحية تخلت عنه تلك الجماهير في صنعاء , وعاد لعدن , وطرد من عدن , وقاد المعركة متمسكا بالتوافق , و اعيد انعاش الإرهاب المدعوم خارجيا يستهدف ادوات الشرعيه على الأرض , وتوافقها , ويوجه البوصلة لإعادة تموضع أدوات الثورة المضادة , في الجنوب والوسط والشمال , دقق بحيادية لكل المكونات المدعومة من التحالف , ولائها غير ,و مصروفاتها غير , لا تخضع لسلطته بل تخضع لأجندات التحالف , ولم يبخل الرئيس معهم سلمهم عدن , وقال لهم اثبتوا انكم دولة , وثبتوا له انهم مرتهنون لأعداء الدولة , منعوا طائرته بنزول لمطار عدن , عاد مكسورا مقهور , واستلمه التحالف , واشتغل على بطانته , إعلاميا على تشويه شرعيته , التحريض والحشد ضد كل مناصريه , ومشروعه الوطني , و مارسو الضغط للتخلص من الشرفاء الرافضين المشاركة في المؤامرة , قتل منهم من قتل واقصي من اقصي , وينتظرون دورهم الوطني على استعداد للدفاع عن الوطن وسيادته وإرادته .

نعم ضعف الرئيس , وانهارت قوته بالتدريج شعبيا وسياسيا , خذله الجنوب والشمال , وتقاطر ضده العملاء , منتقمون , او ببلادة باحثين عن سلطة , او اغراء مالي ونفوذ , بشطط وتهور وصبيانية .

اليوم جمعهم التحالف يحتفلون بالانتصار المفخخ بالتناقضات , التي تنتظر عود ثقاب للتفجر في وجوهنا , وبقى الشرفاء يشاهدون تلك المسرحية السمجة , وهم على استعداد لحماية وطن , وإعادة البوصلة لثورة شعب , في الوقت المناسب , وان غدا لناظره لقريب .

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى