أطفالُ اليمن.. تعددت الأعمالُ والعناءُ واحدُ!
افتخار عبده
هاهو شهرُ رمضان يطرق الأبواب ليحل ضيفًا ثقيلًا على الكثير من أبناء الشعب اليمني، هذا الشعب الذي دمرته الحرب وأنهكه الغلاء المعيشي حتى أصبح غير قادر على توفير لقمة العيش الضرورية التي تبقيه على قيد الحياة.
أسرٌ كثيرة تشكو الوضع المأساوي الذي نزل عليها كالصاعقة فجعلها تعيش في الهاوية لا هي قادرة على النهوض ولا الواقع يشجعها على ذلك، وخصوصًا في هذه السنة التي زاد فيها العناء بشكل كبير.
فبعدما دمرت الحرب الاقتصاد في البلد وارتفعت أسعار السلع الغذائية إلى الحد الذي لم يكن متوقعًا لدى المواطنين على الإطلاق، وفي ظل توقف الأعمال والمرتبات، وكذلك انعدام الدخل للكثير من الأسر المعدمة، كل هذا كان دافعًا لغالبية الأسر اليمنية بأن تزج بأطفالها للانخراط في سوق العمل على الرغم من صغر سنهم ومعرفتهم القليلة بأسواق العمل وما يوجد فيها من أتعاب.
لم يمتلك أولئك الأطفال المعرفة التي تؤهلهم ليكونوا عمالًا في تلك الأسواق، ولكن الضرورة هي من دفعت بالكثير من الأسر إلى ذلك؛ فقط لأجل توفير لقمة العيش أو على الأقل -إن استطاعوا- توفير أبسط احتياجات شهر رمضان الذي هو مقبل علي اليمنيين وهم يعيشون حالةً هي الأسوأ والأشد وجعًا في تأريخهم.
الملاحظ للجميع أنه في الآونة الأخيرة، وتحديدًا بهذا الشهر الذي يسبق شهر رمضان امتلأت الأسواق بالأطفال الذين يعملون بكل جهد ليوفروا لأسرهم قوت يومهم.
فأنت عندما تمر في الشارع العام بلا شك يستوقفك طفلٌ صغير يبيع الماء وهو بالكاد يقدر على حمل تلك المجموعة من قوارير المياه، وآخر يحمل في يديه كرتونًا صغيرًا فيه بعض أدوات التنظيف، وثالث يبيع لك العلكة ليكسب القليل من المال، وآخرون يحملون بعضًا من أواني المطبخ على ظهورهم ويتجولون بها بحثًا عمن يشتري منهم تلك الأواني القلية والتي تعني لهم الكثير؛ فهي مصدر دخل ووسيلة لطرد الاكتآب الذي خيم على الكثير من الأسر بسبب الحرب ولم يسلم منه حتى الأطفال.
أعمال مختلفة يشغلها الأطفال القُصَّر داخل الأسواق، لكنك لو حدقت قليلًا في وجوههم البريئة لوجدت أن الأعمال تختلف لكن العناء واحد، فجميعهم يعانون قسوة الحياة وشظف العيش، جميعهم خرجوا من منازلهم ومن في المنزل منتظر لعودتهم بفارغ الصبر، فقط ليحصل على ما يسد به جوعه.
ماذا لو نبشت في حياة هؤلاء العزيزين الذين
رمت بهم الحرب في هذه الظروف القاسية؟، لا شك أنك ستجد صفحات من الوجع الكبير الذي لا تسعه القلوب ولا يتحمله الناظرون، ستجد المعنى الحقيقي للعناء والفقد والحرمان.
لا شك أن وراء كل طفل من هؤلاء الذين يقبعون تحت حرارة الشمس القاسية دون مبالاة بما تفعله بهم، لا شك أن وارء كل واحد منهم قصة هي أكبر من أن تُحكى، وأقسى من هذا العناء الذي هم به الآن.