أخبار محليةاخترنا لكمالأخبار الرئيسيةتقارير

تبعات الحرب الصعبة تعترض طريق المقبلين على الزواج في اليمن (تقرير خاص)

يمن مونيتور/ وحدة التقارير/ خاص

بدأت قصة أسامة سعيد وسمية منذ عام 2012 عندما تخرجا من الثانوية العامة، وتمت خطبتهما في أغسطس/آب 2019، بسبب الصعوبات الكثيرة وتحديدا المادية منها، التي اعترضت طريقهما، فلم يتكمنا من القيام بتلك الخطوة إلا متأخرا.

يقول أسامة إن أهلنا معا كانوا على علم بمعرفتنا لبعضنا، ورغبتي في خطبة سمية بشكل رسمي، لكن ما واجهته كان صعبا للغاية، فأنا المُعيل لأسرتي، حتى أني لم أستطع إكمال دراستي الجامعية، فراتبي الشهري من عملي في أحد المطاعم بالعاصمة المؤقتة عدن 45 ألف ريال (قرابة 33 دولارا إن كان سعر صرف الدولار الواحد 1054ريال).

تتضاعف في اليمن صعوبات الزواج كلما طال أمد الحرب، فمنذ اندلاعها، واجهت البلاد أزمات عديدة، وكان الانهيار الاقتصادي أبرز المشكلات التي واجهت المواطنين وعانوا منها، بخاصة مع الغلاء المعيشي وارتفاع الأسعار بشكل دائم، فقد خسر الريال اليمني قرابة ستة أضعاف قيمته منذ 2014 وحتى اليوم.

وطالبت فترة خطوبة عديد من اليمنيين، وآخرين تأخروا بالزواج حتى بعد عمر الثلاثين عاما بسبب عدم قدرتهم على توفير متطلباته، وفقدان كثير منهم لوظائفهم، وعدم قدرة آخرين على مواجهة الانهيار الاقتصادي، الذي تقل خلاله قيمة رواتبهم يوما بعد آخر.

يوضح أسامة لـ” يمن مونيتور ” كنت أقوم باجتزاء مبلغ بسيط من راتبي، وأحرم نفسي من أشياء كثيرة أريدها حتى أستطيع توفير متطلبات خطبة سمية التي تسكن في تعز، لكن ذلك ضاعف مخاوفي، وجعلني أشعر بإحباط أكبر، كلما تخيلت المدة التي سأحتاجها لأتمكن من جمع المهر وتجهيزات الزواج الأخرى.

 

خيار صعب

بعد تخرج سمية (اسم مستعار حسب طلبها) من الجامعة، تضاعفت هموم أسامة الذي كان يشعر بأنه قد طالت فترة معرفته بها، وهو يقف عاجزا أمام الزواج بها، فاضطر للتوجه إلى جبهات القتال على الحدود مع السعودية، أملا بأن يتمكن من تحقيق ما يحلم به.

يذكر أسامه: بعد مرور شهرين استملت أول راتب لي وكان راتب ثلاثة أشهر، فشعرت بسعادة وظننت أني اقتربت من أحلامي وسأتزوج وأشتري حافلة أجرة أعمل عليه، لكني اصطدمت بخيبات أمل كثيرة، أولها أني لم أحصل على أي مبلغ طوال عشرة أشهر، ثم استلمت عقبها راتب شهرين، بعد معاناة طويلة، فقررت العودة إلى تعز وتم ترحيلي، وكان بحوزتي فقط 250 ألف ريال، لم تكفني حتى لشراء دراجة نارية يمكن أن اشتغل عليها.

وتبدي سمية التي تحدثت لـ”يمن مونيتور” استعدادها للتنازل عن أشياء كثيرة مطلوبة ومتعارف عليها في الزواج كونها ضمن عادات وتقاليد المجتمع اليمني، لكنها تجد نفسها في بعض الأحيان غير قادرة على مواجهة أهلها وإخبارهم بذلك، حين تجدهم متمسكين ببعضها ومصرين على أن يقوم بها العريس.

 

آخر اهتماماتي

أصبح الزواج أيضا بالنسبة لخالد شمسان أمرا ثانويا لا يفكر فيه برغم تخرجه من الجامعة قبل أربعة أعوام، ويرجع ذلك كما أفاد إلى فشله بالحصول على عمل جيد يجعله يستقر ماديا، ويعتمد على نفسه.

بحسب خالد الذي تحدث لـ”يمن مونيتور” فهو اليوم أصبح عمره 28 عاما، فقد توقفت الدراسة بالجامعة لفترات طويلة بسبب ظروف مختلفة مرت بها البلاد، وحين تخرج منها، وجد أهله يعانون كثيرا بسبب الانهيار الاقتصادي.

وتابع: الوضع الذي تعاني منه أسرتي، جعلني بكل تأكيد، أثق بأنهم لن يكونوا قادرين على مساعدتي إن أقدمت على الزواج كما فعلوا مع أخي قبل الحرب، حتى إن أصبح لدي عملا، وبالتالي عليَّ أن اعتمد على نفسي بشكل كلي حين أقرر الإقدام على خطوة كتلك.

واستطرد: حاليا لا أفكر بالزواج فأنا غير ثابت بعمل معين، إلا إن استطعت السفر إلى أي بلد آخر للعمل، حينها سأتعامل مع الأمر بجدية، فأنا لا أريد أن أؤسس لأسرة أظلمها، وأفشل في توفير أبسط متطلباتها.

واستغرب شمسان من إقدام بعض الشباب الصغار بالسن على الزواج، بعد أن يتوجهوا إلى الحدود للقتال وامتلاكهم بعض المال، مشيرا إلى أنهم يعيشون في مغامرة حقيقة، وبعضهم يقتلون، وتصبح زوجاتهم أرامل، وأبناءهم أيتام، هذا إن لم ينفصلا عن بعضهما بسبب عدم وعيهما بمسئولية العلاقة التي تربطهما.

 

انعكاس للواقع

يُشكل المهر وتجهيزات منزل الزوجين عقبة تثقل كاهل العريس بخاصة بالوقت الراهن. محمد عبد الرحمن وهو أمين شرعي أكد أنه لاحظ ارتفاعا لافتا وغير مسبوق بالمهور خلال فترة الحرب، تحديدا منذ 2020.

يأتي ذلك كما ذكر لـ”يمن مونيتور” انعكاسا للوضع الاقتصادي المنهار، ومطالبة أهل الزوجة بمهر لا يقل عن مليون، واشتراطهم على العريس تأثيث جيد للمنزل، وطلبهم مؤخرا كبيرا سواء مال أو ذهب خوفا على ابنتهم.

عبد الرحمن يطالب بتسهيل زواج الشباب الذي أًصبح صعبا على كثير منهم بالوقت الراهن؛ نظرا لظروف الحياة الصعبة. مشيرا بالوقت ذاته إلى عدم قدرة عديد منهم على تحمل مسئولية بناء أسرة وحدوث الطلاق مبكرا.

وتعاني اليمن من أزمات كثيرة منذ اندلاع انقلاب جماعة الحوثي على الدولة عام 2014، كان أسوأها الانهيار الاقتصادي الذي أثر على ملايين اليمنيين، فأكثر من 80% بحاجة إلى مساعدات إنسانية، فيما يوجد قرابة 400 ألف طفل يعانون من سوء تغذية حاد ووخيم.

وما تزال سمية حتى اليوم وفي كل عام، تحتفل بذكرى خطبتها وأسامة بكل حب وكأنها المرة الأولى التي يقومان بها بذلك، وبانتظار أن يتحقق حلمهما الذي يعملان معا لأجله الآن، ويكوِّنا أسرة سعيدة، لا تخشى ماذا ستأكل في يومها التالي، ولا كيف ستتمكن من سداد إيجار المنزل، فهموم المقبل على الزواج لم تعد تقتصر على ما قبله فقط حتى ما بعده أصبح هما، في ظل الحرب والغلاء المعيشي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى