عدن واتفاق الرياض
مر عام وكم شهر منذ أن أعلنت السعودية اتفاق الرياض، يوقف كل اشكال التصعيد السياسي والعسكري بين الحكومة الشرعية المعترف بها دوليا، والمجلس الانتقالي المدعوم إماراتيا .
تعشمنا خيرا في عدن، بعودة مؤسسات الدولة، وتطبيع الحياة العامة، وإخراج المعسكرات المتعددة الولاءات، التي تتقاسم مربعات عدن، وتعكر صفو الحياة فيها والسكينة العامة، وتفرض الجبايات، وتنهب الإيرادات، حينما تختلف ثكنتين عسكريتين، تتعرض عدن لوابل من الاشتباكات والقصف العشوائي، ويصاب الناس بالهلع، وتسقط أرواح بريئة، وتدمر ممتلكات، ولازالت اثار اشتباكات كريتر والشيخ عثمان ودار سعد ماثله في الذاكرة، وضحاياها نازحون فقدوا مساكنهم و اروح بريئة سقطت، دون ان يقدم لهم التحالف والدولة اليمنية أي تعويض يذكر .
كل هذا وعدن لازالت مستثناة من تنفيذ اتفاق الرياض، لا شق سياسي ولا عسكري، بل ذهب بالاتفاق بعيدا عن عدن، و إعادة تموضع أدوات التحالف في المناطق الشرقية، للتخلص من ما تبقى من أدوات الدولة، والأمن والاستقرار، ليقدم نموذج عدن السيئ وسقطرى الأسوأ في تلك المناطق .
عدن تنتظر من سعادة السفير السعودي، المسؤول عن تنفيذ اتفاق الرياض، الذي اتحفنا أخيرا باكتشافه العظيم، بان عائلة صالح الحليف القديم والجديد هم وحدهم القادرين على تحرير صنعاء، وهو مشغول في رسم هذا السيناريو، وإعادة تموضع ادواته، وتاركا عدن العاصمة المؤقتة تحت سلطة غير مسؤولة لا لاتفاق الرياض ولا لسلطة حكومة المناصفة، الغير قادرة على العمل و تنفذ قراراتها المهمة على الأرض، او حتى إعادة ترتيب مؤسسات الدولة، وتنظيم مهامها بما يتناسب والاتفاق، والتخلص التدريجي من أدوات الحرب وسلطة البندقية الجاثمة على عدن ومؤسساتها الحيوية والإرادية، ومنظمات المجتمع المدني من نقابات وغيرها، غير قادرة على تطبيع الحياة العامة، وفرض ضوابط ضمان إصلاحات اقتصادية وسياسية، وتحسين المستوى المعيشي للمواطن، الذي وصل لحد لم يعد يطاق تحمل تبعاته، بسبب الفوضى القائمة في عدن، وتعدد السلطات .
الا يكفيكم عدن مثال سيئ و مسيئ، يجنب تجنبها في مناطق هي اليوم اكثر امان واستقرار، وما فائدة اتفاق الرياض، الذي نص على وقف التصعيد، وفرض استقرار عام في مناطق غير مستقرة .
لكن يبدو ان المزاج يطغى على الأهداف والاستراتيجيات، ومزاج التحالف اليوم مختلف، يدفع نحو زعزعت الامن والاستقرار في محافظة المهرة وحضرموت، وكانت البداية من شبوة، لهدف إزاحة قوى الرفض والممانعة للوصاية، والمساس بالسيادة وإرادة الناس، وعادة تموضع عملاء، ينتقيهم السفير من لجنته الخاصة، والذين باعوا انفسهم للتحالف، ومستعدين ينفذون ما يملي عليهم.
سقطرى سلمت للأمارات، وتعبث اليوم بها تحت حماية ادواتها، يتم إنشاء قواعد عسكرية، والاستخبارات الصهيونية تجول بها بحرية، تحت مسمى سواح لم تصرح لهم الدولة اليمنية المعترف بها دوليا بدخول أراضيها، في انتهاك صارخ للسيادة والبروتكولات الدولية، ويعيش الناس أوضاع معيشية صعبة، هي نسخة من عدن، المسيطر واحد، وهي الامارات وادواتها، واتفاق الرياض ذهب بعيدا عن أهدافه، علينا ان ننسى تنفيذ الشق العسكري، وما يفسر ذلك هو مزاج التحالف وسعادة السفير الذي يلعب بين بلده السعودية واجندات الامارات، والمال يلعب بالعقول، وليست أي عقول، بل عقول متفسخة انانية نفعيه، مستعدة العمل مع الشيطان من اجل مصالح ضيقة وأطماع الدنيا .