في إطلالته الجديدة مساء الثلاثاء، عاد نصرالله إلى تكرار مسلسل أكاذيبه المتعلقة بشؤون المنطقة، ولعل البعد الأهم الذي لم يعد حاضرا في أحاديث نصرالله هو البعد الأخلاقي، ذلك أن الوقوف إلى جانب طاغية يقتل شعبه لا يمت إلى الأخلاق بصلة، ولا إلى تراث الحسين الذي يحتفل به أيضا، لأن الشعب السوري لم يثر ضد المقاومة ولا كي يرضي الصهاينة، بل ثار ضد طاغية فاسد.
في إطلالته الجديدة مساء الثلاثاء، عاد نصرالله إلى تكرار مسلسل أكاذيبه المتعلقة بشؤون المنطقة، ولعل البعد الأهم الذي لم يعد حاضرا في أحاديث نصرالله هو البعد الأخلاقي، ذلك أن الوقوف إلى جانب طاغية يقتل شعبه لا يمت إلى الأخلاق بصلة، ولا إلى تراث الحسين الذي يحتفل به أيضا، لأن الشعب السوري لم يثر ضد المقاومة ولا كي يرضي الصهاينة، بل ثار ضد طاغية فاسد.
أضف إلى ذلك غياب الأخلاق في ذكر نصرالله لـ «الشهيد رفيق الحريري» في مناسبة الحديث عن «ذكرى الشهداء»، فيما يعلم تمام العلم من هم قتلته بالاسم، وهو من يحميهم، وهو أيضا كان شريكا في جريمة قتله، تلك التي لم يعد خافيا على أحد من دبرها ومن نفذها.
الأكذوبة الأكبر التي رددها نصرالله في الخطاب هي قوله إن الموقف الصهيوني قد حسم تماما بأنه يجب إسقاط نظام بشار، وأنه يفضل جبهة النصرة وتنظيم الدولة عليه.
هل هناك من يتابع الإعلام الصهيوني والسياسة الصهيونية ويقول ذلك غير نصرالله ومريديه؟ كلا بكل تأكيد، فالسياسة الصهيونية الراسخة هي الحرص على بقاء النظام، وإن فضلت إطالة أمد الصراع لاستنزاف الجميع، وما الموقف الأميركي الرافض لسقوط النظام سوى صدى لذلك، وما موافقة الصهاينة على التدخل الروسي إلا تأكيدا على ذلك.
البعد الآخر في الأكاذيب يتمثل في حكاية الانتصارات، وقد كان قديما يبرر صمود النظام باحتضان الشعب له، وحين لم يفلح ذلك في تحقيق المطلوب، ومعه الدعم الإيراني ومشاركة الحزب وميليشيات جلبت من أصقاع الأرض، تم الاستنجاد بروسيا رغم حساسية الأمر بالنسبة لإيران. فأي انتصار ساقط ذلك الذي تحققه دولة كبرى، ودولة إقليمية كبيرة، وميليشيات من كل الأرض على فصائل محاصرة ومعزولة حرمت من السلاح النوعي بضغط أميركي، وتجري محاربتها بسياسة الأرض المحروقة عبر طيران بوتن؟! هذا مع أن أحدا لا يقول إن انتصارا قد تحقق، بل هو تقدم لا أكثر (%75 من سوريا خارج سيطرته)، والقصة لا تزال طويلة حتى لو سيطر النظام على الأرض بالكامل، لأن سوريا لن تستقر تحت حكم أقلية لا تتعدى %10 من السكان مهما طال النزاع.
أما حكاية الدعم الصهيوني للحلف السني، وهي الجانب الآخر المهم في خطاب نصرالله، فهو كلام بالغ السخف، ويكفي أن نشير هنا إلى تركيز نصرالله على تركيا والسعودية، وتجاهل مصر، فقط لأن نظامها يقف إلى جانب بشار، وتغدو مصافحة (نرفضها دون تردد) بين أمير خارج السلطة وبين مسؤول إسرائيلي هي الأهم، بينما العناق مع نتنياهو وحصار غزة هامشي، لأن من يقترفه يقف في معسكر بشار (إنه غياب الأخلاق!!).
أين هو التهديد الذي تشكله إيران، وهي تعانق أميركا والغرب، وأين هو التهديد الذي يشكله الحزب وقد ترك المقاومة منذ 2006، وصار سلاحه مخصصا للداخل (حكاية القنبلة النووية كانت الأكثر إثارة للسخرية لأن الحرب قرار وليست مجرد سلاح)؟ تلك بضاعة فاسدة، لم تعد تشتريها سوى العقول المغيبة بالحشد المذهبي، وقد بات واضحا أن إيران تركت شعار الممانعة، وصارت دولة مذهب، فيما نصرالله مجرد تابع «لولي أمر المسلمين» خامنئي، حسب تعبيره، وبندقية بيده يوجهها أنى يشاء.
كل مساعي لإخفاء البعد الطائفي للصراع تبوء بالفشل، وإلا ما صلة إيران باليمن، وكيف يغدو التدخل لصالح حكومة شرعية بعد ثورة «غزوا»، فيما التدخل ضد ثورة شعب، ولصالح نظام جاء بقوة الأمن تدخلا شرعيا؟ إنه غياب الأخلاق من جديد.
لا يحتمل المقال المزيد، وإلا لنقلنا فقرات من هرطقات زعيم مأزوم، لا يمكن إخفاء أزمته، وأزمة أسياده في طهران عبر الصراخ والتهديد والوعيد.
نقلا عن العرب القطرية