استطاعت المرأة في اليمن خلال السنوات الماضية أن تنتزع بعض الحقوق؛ وحصلت بعد جهد جهيد على مكتسبات بغض النظر عن حجمها لكنها تمثل أساسا يمكن البناء عليها مستقبلا في طريق حصول المرأة على حقوقها المشروعة.
استطاعت المرأة في اليمن خلال السنوات الماضية أن تنتزع بعض الحقوق؛ وحصلت بعد جهد جهيد على مكتسبات بغض النظر عن حجمها لكنها تمثل أساسا يمكن البناء عليها مستقبلا في طريق حصول المرأة على حقوقها المشروعة.
جاءت ثورة ١١ فبراير ٢٠١١م كبارقة أمل للمرأة اليمنية؛ واستبشرت المرأة خيرا بمؤتمر الحوار الوطني الذي تضمنت مخرجاته جملة من القرارات والتوصيات من شأنها انصاف المرأة اليمنية ومنحها حقوقها المسلوبة؛ ولو أن مخرجات الحوار رأت النور لكانت أحدثت نقلة نوعية في مجال حقوق المرأة؛ لكن الانقلاب الحوثي المظلم أعاد الأمور إلى مربع الصفر!
جاءت جماعة الحوثي لتنسف ما حققته المرأة في اليمن خلال عقود بمبررات واهية ووسط صمت المنظمات التي تقول إنها معنية بحقوق المرأة؛ والناشطات اللواتي لطالما سافرن وتجولن من دولة إلى أخرى ومن مؤتمر دولي إلى آخر باسم المرأة؛ وحصلن على دولارات وهدايا ثمينة وبدلات سفر باعتبارهن ناشطات مدافعات عن حقوق المرأة اليمنية!
خلال فترة وجيزة من حكم جماعة الحوثية المسلحة تم إقصاء الكثير من القيادات الإدارية النسوية في الوزارات والمصالح الحكومية واستبدالهن بذكور من شلة “الصرخة” إلى درجة أن وزارات لم يعد فيها امرأة بمنصب مدير عام رغم أن عددهن في السابق كان ضئيل؛ ومع هذا تريد جماعة الحوثي القضاء على هذه النسبة الضئيلة أصلا!
ناضلت المرأة اليمنية طويلا للدخول إلى سلك الوظيفة العامة في الدولة؛ واليوم وبكل برود يتم إيقاف رواتب كثير من الموظفات بدعوى مضحكة جدا وهي نزوحهن من الحرب وعدم التزامهن بالدوام الرسمي!
لم تستوعب ما تعرف باللجان الحوثية في الوزارات والمؤسسات الرسمية أن للموظفات خصوصيات يجب مراعاتها وبالذات أثناء الحروب؛ ولا يمكن مقارنة موظف بموظفة في هذا الظرف ناهيك أنه لا يوجد مهام تستدعي حضور جميع الموظفين في أغلب المؤسسات والوزارات بسبب الحرب حيث تجمدت الأنشطة والمهام في الغالب؛ ومعظم الدوائر الحكومية لا تحتاج لنصف كادرها على أقل تقدير؛ وما إيقاف المرتبات بدعوى الانضباط الوظيفي إلا شماعة لإزاحة الخصوم ومنها المرأة بلا شك.
في إحدى المؤسسات الهامة تم إيقاف راتب موظفة تنتمي إلى محافظة لحج ونزحت إلى قريتها بسبب الحرب؛ ولا ندري كيف يمكن لامرأة الخروج من محافظة تعيش انفلاتا أمنيا وحدودها محاصرة بالمليشيات المنفلتة كلحج أو حتى تعز والضالع؛ وكيف بمقدورها الوصول إلى أمانة العاصمة فضلا عن الإقامة فيها في هذا الظرف الصعب?!
وعندما احتجت زميلاتها في العمل على توقيف راتب هذه الموظفة التي تعيل أسرة؛ وطالبن بمعاملتها أسوة بأبناء القيادات الحوثية والموظفين الموالين لجماعة الحوثي الذين لم يعرفوا بوابة المؤسسة منذ شهور ورواتبهم وكافة مستحقاتهم تصرف إلى آخر ريال؛ استدعى المسؤول المعين من الحوثيين الموظفين وقال لهم بالحرف الواحد: “من سيأخذ سلاحه وينضم للجان الشعبية في جبهات القتال والشرف فأنا التزم له بإيصال راتبه وكافة مستحقاته إلى بيته بنفسي وإلا اسكتوا ما لم سنعلمكم العين الحمراء”!
جماعة الحوثي تنطلق من موروث عنصري ومذهبي يزدري المرأة وينظر إليها باحتقار مثلها مثل الجماعات الدينية المنغلقة المتشددة؛ ومهما حاولت الجماعة الظهور بمظهر مختلف إلا أن الواقع يؤكد أنها تنظر للمرأة بنظرة دونية بشكل عام وللنساء اللواتي لا ينتسبن لسلالة معينة بشكل خاص.
لعلكم تذكرون عندما اصطحب الصحفي الراحل عبدالكريم الخيواني إحدى الناشطات إلى مخيم حوثي خارج صنعاء قبيل اقتحامها؛ وكيف غضب المسؤول الحوثي عن المخيم من حضور الناشطة وجلوسها على المنصة وخاطب الخيواني قائلا: “نحن لم نتفق على هذا الكلام” بحسب الرواية المنشورة في صحيفة حوثية حينها.
وشخصيا لا أستبعد أن القيادات الحوثية بحكم تدني مستواها العلمي والثقافي تعتقد أن حقوق المرأة تعني امرأة واحدة فقط؛ وهذه المرأة هي أمل الباشا لا غير!
طرد المرأة من الوظائف العامة تبدو سياسة حوثية ممنهجة؛ وإلا كيف نفسر إيقاف رواتب موظفات نازحات من نار الحرب?!
وللأسف الشديد أن القيادات النسوية المشهورة يلتزمن الصمت تجاه هذه الانتهاكات الحوثية الصارخة؛ ويبحثن عن قشور لا تسمن ولا تغني من جوع كحضور المرأة في مفاوضات جنيف التي لا تهش ولا تنش بينما يتجاهلن مئات الموظفات دخلن سلك الدولة بعد معركة حقوقية طويلة؛ واليوم يتم توقيف رواتبهن ومصادرة مستحقاتهن وإقالتهن من مناصبهن وغيرها من الانتهاكات تمارس ضد الموظفات اليمنيات بدون أدنى اعتبار لظروفهن والظرف العام في البلد.
* غمزة:
لماذا لا تصدر ما تسمى باللجنة الثورية العليا قرارا ثوريا بقانون تحديد سن الزواج في اليمن?!