تأثير التدخل البري السعودي في “سوريا” على الملف اليمني
تتسارع وتيرة الخلافات بين السعودية وإيران في ملفات الشرق الأوسط، بعد محاولات طهران الحثيثة الهيمنة فيما تحاول الرياض السعي الدائم من أجل إيقاف مثل هذه المحاولات في اليمن وسوريا والعراق ولبنان. يمن مونيتور/ تقدير موقف/ من وئام عبدالملك
تتسارع وتيرة الخلافات بين السعودية وإيران في ملفات الشرق الأوسط، بعد محاولات طهران الحثيثة الهيمنة فيما تحاول الرياض السعي الدائم من أجل إيقاف مثل هذه المحاولات في اليمن وسوريا والعراق ولبنان.
وكان أخر تلك المؤشرات إعلان المملكة استعدادها للتدخل بقوات برية في سوريا لمواجهة تنظيم الدولة “داعش”، كانت الرياض قد شكلت تحالفين اثنين خلال العام الماضي الأول في اليمن والذي بدأ مارس/آذار، مكون من عشر دول عربية، وأعلنت تحالف إسلامي من 32 دولة لمواجهة الإرهاب والتطرف، فيما ما زالت إحدى أبرز الدول المساندة للتحالف الدولي الذي يشن ضربات جوية على “داعش” منذ سبتمبر/أيلول 2014م.
القدرة على التدخل
أعلنت السعودية على لسان المستشار في مكتب وزير الدفاع السعودي، العميد الركن أحمد عسيري، على استعدادها للمشاركة في أي عملية برية في سوريا لمواجهة تنظيم الدولة، فيما يراه آخرون إحدى نتاج التقارب مع تركيا.
تحدث عسيري، الخميس لتلفزيون “الجزيرة” عن وجود خطط جاهزة للتدخل في سوريا، وذكرت صحيفة الغارديان البريطانية، الجمعة، عن مصادر سعودية أن الرياض سترسل الآلاف من القوات البرية بالتحالف مع تركيا، لكن أن تكون هناك عمليات برية واسعة غير محتمل ذلك، وربما تكون فقط عمليات نوعية لمواجهة تنظيم الدولة وسيذهب بعيداً باتجاه دعم الفصائل المعارضة لنظام الأسد، بعد تعليق حوار “جنيف” هذا الشهر، مما زاد من تعقيد الأمور.
ويتوقع البعض بأن يكون هناك تدخلا بريا في سوريا، خاصة مع تكرار الحديث حول ذلك الأمر، وإعلان الإمارات أواخر نوفمبر/ تشرين الثاني عن استعدادها لأي تدخل بري في سوريا، بقيادة التحالف العربي، لكن حتى الآن والمواقف الغربية تجاه التدخل البري في سوريا غير محسومة، إذ تميل بعض الدول إلى عدم حدوث التدخل البري، “السعودية”، بعض المحللين يشيرون إلى نقيض ذلك فقد سبق أن خالفت التوجه الغربي بإنشاء تحالف في “اليمن” وإنشاء “التحالف الإسلامي”.”
التأثير على اليمن
يدفع التدخل السعودي البري في سوريا إلى زيادة التصعيد الإيراني في اليمن، وربما الروسي في وقت لاحق في دعم الجماعات المسلحة، وعلقت الناطقة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا على خطط الرياض في القتال في سوريا، بسخرية، وكتبت على صفحتها على فيس بوك: “أخاف أن أسأل… هل غلبتم الجميع في اليمن”؟ ما يبدو أن موسكو ستدعم فصيل يمني قد يكون الرئيس اليمني السابق من أجل التأثير على مواقف “الرياض” في “سوريا”.
وطالما أن العمليات العسكرية في سوريا قد تقتصر على العمليات الخاطفة بالتحالف مع “أنقرة” وتركيزها بشكل كافِ -على الأقل في الأيام الأولى- ومستمر على ضرب روابط تنظيم الدولة فإن “موسكو” قد لا تستمر في عملية الضغط على “الرياض” باتفاق أن “روسيا” تنظر إلى تواجد “داعش”-ولو سياسياً- الوجهة الأولى لضرباتها الجوية.
في اليمن تبدو السعودية أكثر حزماً من قبل، ويأتي هذا الإعلان مع حديث “عسيري” -في ذات المقابلة- أن صنعاء هي الهدف القادم حيث تدور الاشتباكات اليوم على أقرب نقطة للعاصمة من الجهة الشرقية؛ وهو ما يعطي تفاؤلاً للرياض بسرعة الحسم وإعادة الحكومة، قبل الشروع في العملية الجديدة في “سوريا” ما لم يحدث ذلك فإن الوضع سيزداد تدهوراً في تكاليف العمليتين على الاقتصاد السعودي في ظل وصول سعر النفط إلى 20 دولاراً.
في الجهة المقابلة ترى طهران أنه لا حل جذري للأزمة اليمنية بدون نظيرتها السورية، ويبدو أن التحركات الدولية تسير في هذا المسار، حيث يجد الأمريكيون أنفسهم في صف الروس و الإيرانيين، بشكل أو بآخر ما يعني تخليهم عن “ثوار سوريا” لصالح “الأسد” من أجل مواجهة تنظيم الدولة، وبالرغبة “السعودية” فإن واشنطن ستجد نفسها تعود إلى الحلف السعودي-التركي، ما يعني أن الأمريكيين سيضغطون أكثر على الرياض من أجل انتهاء أزمة اليمن ليتفرغ الجميع لـ”تنظيم الدولة” ومعه “نظام الأسد”، لذلك ستسعى “طهران” لتخفيف الضغط على الحوثيين في “المحافظات الشمالية” بتقوية “جماعات وكيانات” موالية لها “في المحافظات الجنوبية” كان أبرز تلك إعلان “جنوبيين” في صنعاء، يوم الخميس، عن الملتقى الأول لأبناء الجنوب لمواجهة “الغزو والاحتلال” في المحافظات الجنوبية يقصدون التحالف العربي، وستنقل طهران بذلك المعركة إلى المحافظات الجنوبية حيث تتواجد الحكومة في العاصمة المؤقتة عدن، ما يعني دعوة مفتوحة لاستمرار الصراع في البلاد حتى يتم حل “الأزمة السورية”.
ولن يتحقق المسعى الإيراني ما لم يقم التحالف والحكومة اليمنية ببدء مواجهة فعلية مع “تنظيم القاعدة” في المحافظات الجنوبية، وفرض الأمن بالقوة في بقية المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، ومعنى الفشل في ذلك إعطاء “مليشيات إيران” المزيد من المساحة للتوغل أكثر في البلاد، إلى جانب الإسراع في عمليات التحرير وبدءا من “تعز” سيعطي إشارات للحوثيين و “صالح” بالإسراع في “الحل السياسي”، وسيفاقم الخلافات بين المتحالفين في “صنعاء” من أجل الحصول على أكبر قدر ممكن من مصالحهم.