يبدو أن تصاعد وتيرة القتال على أطراف صنعاء وتحقيق الجيش الوطني والمقاومة الشعبية تقدما مهما باتجاه العاصمة يبدو أن تصاعد وتيرة القتال على أطراف صنعاء وتحقيق الجيش الوطني والمقاومة الشعبية تقدما مهما باتجاه العاصمة، جعل خيوط فشل التحالف بين الحوثيين والرئيس المخلوع تظهر للعلن كاشفة حالة من التخبط وتربص كل طرف بالآخر تجلى ذلك من خلال سيطرة الحوثيين على قوات الحرس الجمهوري التي يتكئ عليها صالح حيث أصبحت قوات النخبة تتلقى الأوامر من قادة مليشيات غير مؤهلة الأمر الذي دفع بعدد من القادة إلى رفض الأوامر بحجة أن الحوثيين يسوقونهم دون خبرة عسكرية إلى المحرقة، وقد كان لهذا الرفض تداعيات خطيرة أبرزها اعتقال الحوثيين لنحو 130 ضابطا وانشقاق عدد من الجنود والضباط والتحاقهم بمعسكرات الجيش الوطني، وانتقلت حمى الخلاف إلى الوزارات والمؤسسات التي يسيطر عليها الحوثيون الذين يستميتون لتنصيب شخصيات موالية لهم وإزاحة عناصر من حزب المؤتمر الشعبي العام تسبح بحمد الرئيس المخلوع بغية إحداث تغيرات جذرية للاستئثار بإمكانات الدولة وتكوين طبقة أرستقراطية يمنحها المال المنهوب قدرة على الحركة والتأثير بعد تبدد غبار المعركة بهزيمة أي من الأطراف المتصارعة أو ربما وفق تسوية سياسية.
كثيرون يرون أن الوضع الحرج في جبهة الرئيس المخلوع والحوثيين كفيل بأن يرحل هذه الخلافات إلى وقت لاحق خاصة أن الدائرة تضيق شيئا فشيئا على معاقلهم ومخابئهم، لكن تناقض المصالح الأنانية والمشاريع التي يريد كل منهما تحقيقها على أشلاء بلد منهك ومثخن بالجراح، ربما ينعكس سلبا لأن منطلقات تحالفهما قامت على استخدام كل طرف للآخر كبطاقة مرور تنتهي صلاحيتها بمجرد الوصول إلى الهدف، ولأن الحوثيين يعرفون جيدا تاريخ صالح السيئ في التحالفات التي تنتهي عادة بخروجه منتصرا وحرق بطاقات حلفائه، فإن التيار الرديكالي في جماعة أنصار الله يصر على حرق بطاقات صالح الذي قتل مؤسس الجماعة وإخراجه من المشهد بأي طريقة مهما كانت التضحيات لأن التخلص من صالح لن تكون أهم من إسقاط الدولة وإشعال حرب أهلكت النسل والحرث لتنفيذ مشروع إيران وجماعة “أنصار الله” الكبير بأجزائه الثلاثة: السياسي القائم على ولاية الفقيه والاقتصادي القائم على طرق جديدة في جباية الأموال تحت مسميات مختلفة أبرزها دعم المجهود الحربي، والعسكري القائم على اعتبار حراس “المسيرة القرآنية” فوق أي جيش، وهو مشروع يختلف كليا عن مشروع صالح الذي يرتكز على عنصرين رئيسين يتمثلان في الانتقام السياسي من خصومه وعودته إلى المشهد السياسي أو تهيئة الظروف لنجله أحمد علي عبد الله صالح.
يعزز التيار الراديكالي في الحركة الحوثية موقفه من صالح بأنه رجل شرير يريد أن ينقلب على كل المنجزات التي حققتها ما يسمونها بثورة 21 سبتمبر 2014 ومنها اللجنة الثورية التي تمثل أعلى هرم السلطة الحاكمة والإعلان الدستوري الذي وضع مجلس النواب على الرف، ويقولون إن الرئيس المخلوع يهدف من إلحاحه على تشكيل حكومة لسد الفراغ التنفيذي والتشريعي إلغاء الإعلان الدستوري وعودة مجلس النواب، وهذه بالنسبة إليهم رغبات شيطانية لا يمكن بأي حال تحقيقها.. والسؤال الذي يطرحه كثير من المراقبين هل سيؤدي هذا الخلاف إلى صدام مسلح ينهي زواج المتعة ويمهد الطريق لعودة الحكومة الشرعية إلى صنعاء؟ وهل اشتداد الضربات الجوية لطائرات التحالف العربي وزحف الجيش الوطني والمقاومة الشعبية كفيل بوقوف الحليفين صفا واحدا للحفاظ على بقائهما أم أن مآلات سوء الخاتمة قد يكون لها رأي آخر؟
رغم تفاقم الخلافات بعد مؤتمر جنيف 2 فإن صالح أظهر قدرا كبيرا من القدرة على تحمل استفزازات الحوثيين لأنصاره وله شخصيا في وسائل إعلامهم، ولذلك يبدو الصدام المسلح بين الطرفين نوعا من الانتحار الذي سيعجل بهزيمة أحدهما وتسهيل الطريق لإجهاز قوات الشرعية على الطرف المنتصر وحسم المعركة، ولذلك يبدو أنهما سيعملان تحت ضغط التطورات العسكرية على بقاء هذا التحالف الهش إلى حين، وربما تشهد الأيام المقبلة تطورات مفاجئة قد تتجلى من خلال تسوية عسكرية وسياسية تقودها السعودية تضمن توفير خروج علي عبد الله صالح من البلاد أو بتغير الولاءات داخل معسكرات الحرس الجمهوري التي عانت من الإذلال النفسي وتمريغ كبريائها العسكري، أو من خلال تهاوي دفاعات الحليفين بشكل تراجيدي وعودة صنعاء مدينة للسلام والتعايش.
نقلا عن الشرق القطرية