لا يمكن احتساب ما يحدث في عدن بأنه منطقيٌ أبدًا، “إيران تكمن في التفاصيل” هذه الاستماتة في إظهار عدن مدينة منفلتة أمنياً وغير صالحة للعيش ناهيك عن أن تكون عاصمة سياسية يندرج ضمن مخطط لاستدامة العنف في هذه المدينة وخلق امتدادات للمعركة التي خسرها الانقلابيون. لا يمكن احتساب ما يحدث في عدن بأنه منطقيٌ أبدًا، “إيران تكمن في التفاصيل” هذه الاستماتة في إظهار عدن مدينة منفلتة أمنياً وغير صالحة للعيش ناهيك عن أن تكون عاصمة سياسية يندرج ضمن مخطط لاستدامة العنف في هذه المدينة وخلق امتدادات للمعركة التي خسرها الانقلابيون.
في أكثر من جبهة يعاني الانقلابيون من تدهور واضح، هناك خسارة للمواقع واستسلام وانهيارات متواصلة، لكن في عدن ثمة من يمتلك السلاح ويواصل القتل والتخريب، وإلا لماذا يقتل رجل مسالم مثل محمد عوض التميمي؟
لا يمكن للانقلابيين أن يحصلوا على هذه الفرصة الثمينة ما لم يكن لديهم حليف قوي جداً في عدن والمحافظات الجنوبية، هذا الحليف تلقى التدريبات نفسها والتعليمات نفسها، وسلك الخط نفسه وهو خط صنعاء- بيروت- طهران.
ما أن تتحدث عن الانفلات الأمني وأسبابه في عدن إلا وينبري لك البعض من المحسوبين على الحراك الجنوبي بالشتائم والنقد، وفي كتاباتهم تتردد المصطلحات القديمة ذاتها عن “القوى التقليدية” و” اللواء علي محسن” و”الإصلاح”.
لا يزال عدوهم علي محسن والإصلاح وحميد الأحمر، رغم أن عدن دُمرت بسلاح الحوثيين والمخلوع صالح، لا يزال الإصلاح هو المخطط والمدبر الفعلي لما جرى في عدن وللعنف والحرب التي عصفت بعدن وكادت أن تفتك بها تماماً لولا تدخل التحالف العربي الذي يتحمل الإصلاح وزر مباركته لهذا التدخل.
الحضور الإيراني في صلب المشهد الجنوبي لا يمكن تجاهله أبداً، وهذا الحضور يأخذ أبعاداً ميدانية من خلال عملاء يديرون عمليات التخريب في الجنوب ويقفون وراء ما نراه من فوضى وانفلات، وهناك عملاء على المنابر الإعلامية وفي مواقع التواصل الاجتماعي، الذين يغضبون لـ:عبد الله صالح أكثر من غضبهم على من قتلهم هذا الأخير في حربه المدمرة الأخيرة في الجنوب.
الأمل في نجاة الانقلابيين يموت، لكن البعض في المحافظات الجنوبية يستميت في إحياء هذا الأمل، من خلال مواصلة الانخراط في المشروع الانقلابي الفاشل، وبعث الحياة في جسده الميت والمنبوذ.
التنظيمات المتشددة والمسلحة في عدن، تتباين فقط في الزي والمظهر، لكن هدفها واحد، يمكنك أن تسميها “داعش” أو “القاعدة” أو “الحراك”، وكلها أسماء متطابقة في المعنى، ولا عجب، فالممول واحد وغرفة العمليات التي تدير هذه التنظيمات واحدة.
وإلا لماذا تركز عمليات العنف التي تقوم بها هذه الأطراف على القيادات التي قاومت الميلشيا والمخلوع، ولماذا يتم التركيز على المنشآت، وعلى القيادات الأمنية والعسكرية.
إن الذي يحاول أن يدمر كل شيئ في عدن لا يمكن إلا أن يكون صدىً لحقد المخلوع وغيضه وغصته، بفقدان السيطرة على المدينة، لا يمكن إلا أن يكون جزء من مشروع الميلشيا الحوثية الطائفية التي تمتلك من الإرادة ما يكفي لتحطيم اليمن على رؤوس أبنائه إذا لم يكن متطابقاً مع مشروعها الإمامي الكهنوتي الاصطفائي البغيض.
لا يمكن أن تستقر الأمور في المناطق الجنوبية المحررة إلا بعد التخلص من “داء شبوة”..هذا الداء الذي يأتي من اصطفاف لافت لمكونات قبلية واجتماعية مهمة في شبوة خلف المشروع الانقلابي ما جعل من هذه المحافظة ملاذاً آمناً للحوثيين وقوات المخلوع صالح حتى هذه اللحظة.
وهو الاصطفاف الذي كان له دور كبير في التفريط بعدن وتسليمها للمتمردين، لأن محافظ عدن ينتمي إلى محافظة شبوة، ورئيس فرع المؤتمر الشعبي العام في عدن ينتمي لشبوة أيضاً..ولا ننسى أيضاً أنه في شبوة نفسها، سلم قائد عسكري من أبنائها عاصمة المحافظة للحوثيين واستلمها آخر دون قتال..