كتابات خاصة

وجع ومهدئات

افتخار عبده

تلتف حولنا الآلام كجيش عظيم له بداية وليس له نهاية ، لا نقدر على مقاومتها أبدًا ولا نستطيع تجاهلها مهما حاولنا ذلك جاهدين.

أمراض كثيرة أصبحت تصيبنا خلال هذه الفترة الزمنية التي نعيشها في ظل الحرب والحصار،  وكلما أصابنا مرض أقعدنا والمناعة لدينا قد ضعفت فنظل نسأل أنفسنا: كم تعشقنا هذه الأمراض؟ ألا تمل منا، من أنيننا وبكائنا، من أجسادنا النحيلة ووجوهنا الشاحبة التي زارها الشيب قبل مجيء الوقت، ألا يمل منا هذا الوجع؟ وإن لم يكن كذلك فنحن قد أصبنا بالإحباط الشديد إثره أصبنا بشيء يشبه التعاسة يساوي اليأس وكأنه القنوط الحقيقي.

آلام كبيرة تستوطن أجسادنا المتعبة منذ زمن بعيد وكأن أجسادنا قد أصبحت مرتعًا خصبًا لهذه الأمراض، حتى أننا لم نعد  نقدر على  تحديد مكان الوجع، في أي جهة هو، فالرأس يؤلم والجسد أشد ألمًا من ذلك، أضف إلى أن الخمول لم يدع إنسانًا إلا وزاره ثم يستوطن جسده إلى أجل غير مسمى.

لاشيء يمكننا فعله إزاء هذه الأمراض الكثيرة التي تأتينا زائرة لنا بكل حين، لاشيء نقدر على عمله  كلما أتعبنا الوجع وأحسسنا أنه لابد من علاج  له فنحن  نلجأ فقط إلى المهدئات.

حبات من المهدئ نأخذها تريحنا فترة قصيرة من الزمن ومن ثم يعود الأمر إلى ما كان عليه سابقًا، هكذا هي حياتنا الصحية في زمن الحرب والحصار، وجع ومهدئات.

ليس غريبًا على هذا المواطن أن ينسى نفسه ولا يهتم بها أن يفرط في  استخدام المهدئات وبشكل يومي لأنه لا حل أسهل عليه من هذا، والمهدئات هي سهلة المنال ولهذا تجد الكثير من الناس من يدموننها، يستخدمونها بشكل يومي، بل إن الكثير منهم من  يستخدمونها مرات عديدة في اليوم الواحد، لأن ذلك أسهل عليهم من الذهاب للمستشفيات، لأن الذهاب للمستشفيات والمراكز الصحية أصبح يكلف الكثير من المال وياليته يأتي بالمفيد  لهذا المريض الذي عادة ما يخرج من المشفى محملًا بالشكوك والأوهام

واليوم الناس لا يبحثون عن إزالة حقيقة للوجع لأن ذلك عليهم  بعيد المنال كما أن إصلاح شأن الدولة أصبح  بعيد المنال هو أيضًا فلذلك تجدهم يبحثون عما يسكن لهم الآلام لا أكثر من ذلك يتركون البحث عن الصحة الجسدية  إلى أجل غير معروف، يؤجلون ذلك حتى إشعار آخر وكيف لهم أن يبحثوا عن الصحة في ظل الانفلات الكبير بالجانب الطبي والجشع الذي يتمتع به الأطباء ومسؤولي المستشفيات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى