صحيفة لندنية: المبعوث الأممي إلى اليمن يبدأ اليوم مهمته رسميا وسط حقول ألغام ناسفة
يمن مونيتور/قسم الأخبار
قالت صحيفة “القدس العربي”، إن مبعوث الأمم المتحدة الجديد إلى اليمن هانز غريندبرغ، يبدأ مهمته رسميا اليوم الأحد وسط حقول عديدة من الألغام السياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية وغيرها والتي عجز ثلاثة من المبعوثيين الأمميين قبله من حلحلة تعقيداتها أو إحداث أي خرق في جدار أزماتها المتلاحقة التي لا تنتهي ولا تصل بالبلاد إلى بر الأمان.
وبحسب الصحيفة: رغم التفاؤل الكبير الذي تعقده الأمم المتحدة وراء تعيينها الدبلوماسي السويدي غريندبرغ في إنجاح مساعي السلام التي ترعاها في اليمن خلال الفترة المقبلة إلا ان الوسط السياسي اليمني لا يعقد أي أمل في ذلك، نظرا لتعقيدات المشهد اليمني وانسداد الأفق أمام كل المحاولات السابقة التي قادها المبعوثون الأمميون السابقون الثلاثة إلى اليمن والذين لا يقلّون كفاء ولا خبرة بملف الأزمة اليمنية والذين كانوا أقرب إليها وأكثر تماسا بها.
وجاء غريندبرغ، الذي من المقرر ان يقدم إحاطته الأولى لمجلس الأمن الدولي الجمعة المقبلة، خلفا للدبلوماسي البريطاني المخضرم مارتن غريفيث الذي تم تعيينه وكيلا للأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، بالاضافة إلى سابقيه الدبلوماسي الموريتاني اسماعيل ولد الشيخ أحمد، والدبلوماسي المغربي جمال بن عمر.
وشغل غريندبرغ منصب سفير الاتحاد الأوروبي إلى اليمن منذ ايلول/سبتمبر 2019 وعمل سابقا رئيسا لبعثات السويد والاتحاد الأوروبي إلى القاهرة وتل أبيب، وترأس مجموعة العمل في المجلس الأوروبي خلال رئاسة السويد للاتحاد الأوروبي لعام 2009 كما شغل موقع رئيس قسم الخليج في وزارة الشؤون الخارجية السويدية.
ويعتقد الوسط السياسي اليمني أن أبرز القضايا العصيبة التي تقف حجرة عثرة أمام تحقيق مبعوث الأمم المتحدة الجديد أي تقدم في مسار وقف الحرب في اليمن، الخلط القائم بين العسكري والسياسي والإنساني، والتي تصر الأطراف المتصارعة على خلط بعضها ببعض والتي لم تستطع كل الجهود الإقليمية والدولية على فكفكة تماسكها وحلحة جذروها للدفع بعجلة السلام ولو خطوات نحو الأمام.
وفي الوقت الذي يرى فيه الانقلابيون الحوثيون أنه لا مجال لأي تسوية سياسية في اليمن قبل تحقيق مطالبهم السياسية والتي يعتبرونها إنسانية، ترى الحكومة الشرعية بقيادة الرئيس عبدربه منصور هادي أنه من الضروري تسوية الوضع العسكري أولا ونزع مخالب الحوثيين العسكرية كشرط لإنجاح أي مباحثات سلام بين الجانبين.
وقال سياسيون يمنيون لـ»القدس العربي» إن «من المستحيل تخلي الحوثيين عن آلتهم العسكرية أو تنازلهم عن أي من المدن والمناطق والمؤسسات الحكومية التي سيطروا عليها في إطار أي تسوية سياسية مقبلة، كما أن من المستحيل أيضا قبول الحكومة بأي حلول سياسية تحافظ على القوة العسكرية للحوثيين وإبقاء سيطرتهم على العاصمة صنعاء وأغلب المحافظات الشمالية الأكثر كثافة بالسكان».
وذكروا أن «أي مبعوث جديد للأمم المتحدة إلى اليمن يصطدم من أول يوم بهذا الواقع الصعب والذي لم يتزحزح قيد أنملة عن مكانه منذ بداية الحرب نهاية العام 2014 والذي يزداد تعقيدا مع استمرار الحوثيين في تثبيت أركان انقلابهم وفرض أمر واقع على المدن والمناطق اليمنية، في حين تمارس الشرعية مهامها الحكومية من المنفى، وهو ما خلق خللا في المعادلة السياسية والعسكرية».
وظلت الأمم المتحدة عبر مبعوثيها السابقين إلى اليمن والوكالات التابعة لها تلعب بالورقة الإنسانية كهامش للحركة في إطار الأزمة اليمنية والتي استخدمتها كورقة ضغط سياسية ضد مختلف الأطراف الفاعلة في الأزمة اليمنية لتحريك مساعيها هناك، غير أن السنوات السبع الماضية من الحرب الطاحنة في البلاد أثبتت عدم جدوى هذه الورقة.
وكشفت الأيام أنها أصبحت اسطوانة مشروخة وغير مؤثرة في مسار مباحثات السلام، كما أنها أصبحت في كثير من الأحيان وسيلة للابتزاز السياسي من قبل الحوثيين ومن قبل الشرعية وكذا من قبل الأمم المتحدة على حد سواء، في حين يعاني المواطن الأمرّين الذي وقع ضحية للحرب الراهنة التي أكلت الأخضر واليابس، فيما يستثمر الكثير من المسؤولين وأمراء الحرب في كل الأطراف استمرار الصراع المسلح لصالح منافعهم الخاصة.
وضاعف من تعقيدات الحرب الراهنة دخول التحالف العربي بقيادة السعودية والإمارات على خط الأزمة اليمنية، بمبرر دعم استعادة الشرعية، غير أن مسار الحرب كشف أن التحالف دخل بأجندة خاصة بعيدا عن هذا الهدف المعلن، بدليل انشاء ميليشيا انفصالية مناهضة للدولة في الجنوب بدعم إماراتي كبير، مماثلة للميليشيا الانقلابية الحوثية في الشمال، وهو ما أسهم في إضعاف موقف الشرعية وتهميش دور الأمم المتحدة، حيث أصبحت مساعيها مقيّدة بنفوذ الآلة العسكرية لسلطات الأمر الواقع على الأرض في الشمال والجنوب، فيما «أصبحت الشرعية ضائعة في الزحمة» على حد تعبير أحد السياسيين اليمنيين لـ»القدس العربي».