عمالة الأطفال في اليمن.. وجوه بريئة تشكو قسوة الحياة وأوجاع الحرب-تقرير خاص
يمن مونيتور/وحدة التقارير/ من شيماء العسكري:
بالقرب من أحد جولات العاصمة صنعاء كان الطفل عمر يبحث عن مكان يستظل تحته هربا من حرارة الشمس وقت الظهيرة، حاملا في يديه ما تبقى من المناديل.
“عمر” الطفل البالغ من العمر عشر سنوات يخرج كل صباح يتنقل من جولة إلى أخرى لبيع مناديل “الفاين”، ثم يعود قبل غروب الشمس وهو يحمل في جيبه قليل من النقود يسد بها رمق أسرته المكونة من أربعة أشقاء وأم، ووالده الذي زجت به الحرب إلى أرصفة البطالة بعد أن توقف راتبه عن الصرف.
اقتربنا من عمر الذي جلس مع أحد الجدران فوجدنا ملامح بريئة غيرتها قسوة الحياة، أطلق نحونا ابتسامة عريضة وأشار إلى مناديله لو كنا نبحث عن فاين فكان لنا أن نجلس معه ونسمع جزء بسيط من معاناته في الأرصفة والشوارع بحثا عن الرزق.
وخلال حديثنا معه نظر إلى أحد الطلاب العائدون من مدرستهم نحو البيت وقال بحسرة ” كان يفترض أنني عائدا من المدرسة لكن للأسف لا أستطيع لأن وقت المدرسة يتوافق مع وقت عملي.
ودعنا عمر الطفل الذي يحمل معاناة الكبار ويكابد في الشوارع أوجاع القهر التي خلفتها الحرب على الآلاف من الأطفال الذين حرموا من كامل حقوقهم وأصبح كل همهم البحث عن لقمة عيش تنقذهم من كابوس الجوع.
وكان لنا أن نواجه قصة أخرى لا تختلف عن تلك التي يعانيها عمر، فأكرم هو الآخر طفل صغير يبلغ من العمر ست سنوات يتنقل وسط طالبات الجامعة وفي يدية صندوق يحمل بداخله شوكولاتة متنوعه.
اتجه أكرم نحو الطاولة التي كنا نجلس عليها وعرض علينا ما عنده من شوكولاته، وكان يشير إلى نوعين منهما بأنه لذيذ ويجب علينا أن نتذوق، وابتسامته البريئة تملء محياه.
نفذنا طلب أكرم وأخذنا بعض من بضاعته البسيطة، وكان لنا ان نسأله عن السبب وراء خروجه للبيع على رغم من صغر سنه، أجاب علينا قائلا: ” من أجل ألا أضطر إلى التسول” وبعدها غادرنا لكي يبيع ما تبقى في صندوقه من الشوكولا.
وخلال سنوات الحرب فزادت معدلات عمالة الأطفال، بسبب فقدان الكثير من العوائل معيلهم بسبب الحرب وفقدان مصدر رزقهم مما أدى إلى تضاعف هذه الظاهرة.
دائرة الفقر الدائمة
في جلسة مجلس الأمن التي انعقدت يوم الإثنين الماضي كانت المديرة التنفيذية لليونيسف هنريتا فور ترفع يدها وتقول “لقد تأثر تعليم الأطفال في اليمن بشكل خطير بسبب الحرب.
وأفادت هناك مليونا طفل خارج المدرسة ولم يعد من الممكن استخدام مدرسة واحدة من كل ست مدارس وثلثا المعلمين – أكثر من 170000 مدرس في المجموع – لم يتلقوا رواتب منتظمة لأكثر من أربع سنوات بسبب الصراع والانقسامات الجيوسياسية.
وأضافت: هذا يعرض حوالي أربعة ملايين طفل إضافي لخطر انقطاع التعليم أو التسرب من التدريس حيث يترك المعلمون الذين لا يتقاضون رواتب التدريس لإيجاد طرق أخرى لإعالة أسرهم.
وتابعت المسؤولة الأممية “الأطفال الذين لم يكملوا تعليمهم يقعون في شرك دائرة الفقر الدائمة. إذا لم يتم دعم الأطفال غير الملتحقين بالمدارس أو أولئك الذين تسربوا مؤخرًا بشكل صحيح ، فقد لا يعودون إلى المدرسة أبدًا.
وبحسب فور “هذه هي الأرقام. لكن الأرقام لا تخبرنا حقًا كيف يكون شعورك أن تكون طفلًا يكبر اليوم في اليمن.
وقالت: “أن تكون طفلاً في اليمن يعني أن تشاهد والديك يكافحان لتوفير ما يكفي من الطعام لأسرتك لتأكله ، والذي بدونه يمكن أن تتضور جوعاً.
وضع أطفال اليمن كارثي
ويرى أحمد القرشي رئيس منظمة سياج لحماية الطفولة أن وضع اطفال اليمن كارثي بكل المقاييس، ولا توجد أي معالجات أو حماية مما ساهم في زيادة معدلات المنخرطين في أسوء أشكال عمالة الأطفال إلى أربعة أضعاف ما كان عليه الحال قبل العام 2014.
وأفاد في تصريح لـ “يمن مونيتور” أن المشكلة تضاعفت في ظل استمرار سيطرة الحوثيين على العاصمة وغالبية مناطق والمحافظات ذات الكثافة السكانية.
ويذهب القرشي إلى أن “انهيار العملة الوطنية، اربع ملايين نازح وأغلبيتهم أطفال، وست سنوات من توقف دفع الرواتب ، أكثر من اربعه ملايين فقدوا حقهم في التعليم” كل هذه العوامل وغيرها دفعت الملايين من الأطفال إلى التسول والعمل في بيئات خطيرة وترك مقاعد الدراسة والتعرض لمختلف أشكال العنف والاستغلال الجنسي.
وزادت معدلات الفقر الى أكثر من 75% حسب تقديرات الأمم المتحدة للعام الماضي مقارنة ب 47٪ في عام 2014.
وبحسب مواد قانون حقوق الطفل في اليمن فأنه يحظر عمل من هم دون سن الرابعة عشر كما يحظر تشغيل الطفل في الأعمال الصناعية قبل بلوغ الخامسة عشرة.
وايضًا موجب القانون يجب على أصحاب العمل إجراء فحص طبي على الأطفال، قبل إلحاقهم بالعمل للتأكد من ملائمة لياقتهم للعمل الذي يلتحقون به.