إذا كان المقاوم في ساحة القتال مشروع شهيد فإن الأديب في وجود الحروب مشروع مجنون ينتظر فقط قشة تقصم ظهر الشعور.
عندما يروي الأدباء قصصا للحب في زمن الحرب..
إذا كان المقاوم في ساحة القتال مشروع شهيد فإن الأديب في وجود الحروب مشروع مجنون ينتظر فقط قشة تقصم ظهر الشعور.
إنه ذلك الإنسان الذي يبتسم للهواء بشغف في لحظة شرود وإذا استفحل الأمر لديه ستجده يطلق ضحكة مخنوقة في عزاء صديق.
فكل رصاصة تطلق في هذا الوطن تخترق قلبه اللاقط للألم .كل دموع الأطفال المعذبين واليتامى في زمن الحرب تغرقه في تدففها .. كل أرملة وثكلى تعني له شيئا خاصا كأنثى زرع في قلبها الحزن بدلا من فرح تستحقه.
يجد نفسه يتقلب بين اليأس والأمل كشارد تتقاذفه الأرصفة أو كهائم في صحاري الوطن المنكوب بالخراب؛ يزور المقابر في خياله ويعقد صداقات مع الموتى أكثر من الأحياء؛ ويعود إلى مبتداه القديم يستلذ البكائيات على اطلال الوطن . فوطنه الضائع بين النزاعات المسلحة و الاختلافات السياسية هو معشوقته التي اقصتها المفاوضات الكاذبة و حرم منها ومنتهى أمله الوصال بها وقد عزالوصال.
بيئة الحرب وإن كانت بأوجاعها خصيبة للإبداع على سبيل المقولة الشهيرة إن الأبداع يأتي من رحم المعاناة إلا أنها بيئة تقتل روح الإنسان الأديب وتحوله إلى كائن سوداوي يتراءى له الجمال في الواقع كسراب إبرة في أكوام من القش المشتعل.
ناهيك أن يجد في وطن مشغول بالقتل من يهتم بجمالية الأدب فبضاعته من الكلام في كساد وإنما هو العصر الذهبي لمن تحلل من الصدق وصار محللا للوضع.
إنه لن يجد من يهتم بهكذا فنون إنسانية في غياب الإنسانية حقا و لن يجد تقديرا في حمى البحث عن الأمان ولقمة العيش.
فتجده يندفع في وجهة مضادة ليصنع بخياله واقعه الخاص ويغرق أحيانا في سفاسف الشعور ليصنع من فتات الحكايات قصور من الملاحم الخالدة لإنتصار الحب ربما هروبا و ربما خلق عالم مغاير وكفى..