طالبان تستولي على مدينة “مزار شريف” شمال أفغانستان
يمن مونيتور/ (رويترز)
سيطرت قوات حركة طالبان على مدينة رئيسية في شمال أفغانستان اليوم السبت مما أدى إلى فرار القوات الأفغانية واقتراب طالبان بشكل أكثر من العاصمة كابول حيث سارعت الدول الغربية لإجلاء مواطنيها من المدينة.
وأكد مسؤول محلي سقوط مدينة مزار الشريف في سيطرة جديدة على مدن رئيسية من قبل المسلحين المتشددين الذين اجتاحوا البلاد في الأسابيع الأخيرة مع انسحاب القوات التي تقودها الولايات المتحدة.
وتعد الآن كابول وجلال أباد بشرق أفغانستان المدينتين الكبيرتين الوحيدتين اللتين لم تسقطا في يد طالبان.
وبدأت الولايات المتحدة وبريطانيا في إعادة قوات لأفغانستان لإجلاء رعاياهما وسط مخاوف من إمكان اجتياح كابول.
وقال أفضل حديد رئيس المجلس المحلي بإقليم بلخ لرويترز إن قوات الأمن من مزار الشريف هربت باتجاه الحدود.
وأضاف “طالبان سيطرت على مزار الشريف”، مضيفا أن المدينة سقطت على ما يبدو دون قتال. وقال إن الجنود تركوا العتاد وتوجهوا نحو المعبر الحدودي.
وتابع قائلا “جميع القوات الأمنية غادرت مدينة مزار” رغم استمرار الاشتباكات المتفرقة في منطقة واحدة قرب وسط المدينة.
وفي وقت سابق اليوم استولى مقاتلو طالبان على بلدة جنوبي كابول تعد إحدى بوابات العاصمة.
وفر أفغان كثيرون من الأقاليم إلى العاصمة بسبب القتال والخوف من عودة الحكم الإسلامي المتشدد مع انهيار مقاومة القوات الحكومية الأفغانية.
وقال أحد السكان إنه مع حلول الليل اليوم السبت تجمع المئات في خيام أو في العراء في المدينة أو على جوانب الطرق أو في مواقف للسيارات. وأضاف “يمكنكم أن تروا الخوف في وجوههم”. وقال سكان إن كثيرين في كابول يخزنون الأرز وغيره من المواد الغذائية والإسعافات الأولية.
وعقد الرئيس الأفغاني أشرف غني محادثات عاجلة مع زعماء محليين وشركاء دوليين اليوم السبت مع اقتراب مقاتلي حركة طالبان من العاصمة كابول بالسيطرة على مدينة رئيسية تقع إلى الجنوب منها وتعد أحد مداخل المدينة.
وقال غني في كلمة مقتضبة نقلها التلفزيون “بصفتي رئيسكم، ينصب اهتمامي على الحيلولة دون تفاقم انعدام الاستقرار والعنف وتشريد شعبي”. وأضاف أنه يجري مشاورات مع الحكومة والزعماء المحليين والساسة والزعماء الدوليين.
لم يعطِ غني أي إشارة تحمل ردا على مطالبة مقاتلي طالبان له بالتنحي من أجل إجراء أي محادثات حول وقف إطلاق النار والتسوية السياسية، وقال إن الأولوية تتمثل في إعادة دمج قوات الأمن والدفاع “وثمة إجراءات جدية تُتخذ في هذا الصدد”. وقالت قطر، التي تستضيف محادثات سلام لم تحقق نتيجة حاسمة حتى الآن بين الحكومة الأفغانية وطالبان، إنها حثت طالبان على وقف إطلاق النار خلال اجتماع مع ممثليهم اليوم.
*الإطباق على كابول
في وقت سابق، سيطرت طالبان على مدينة بل علم عاصمة إقليم لوجار التي تقع على بعد حوالي 70 كيلومترا جنوبي كابول، حسبما قال عضو مجلس إقليمي محلي لرويتر شريطة عدم نشر اسمه.
لكن مسؤولي الشرطة نفوا التقارير التي أفادت باقتراب طالبان بشكل أكبر من كابول من بل علم وهي نقطة انطلاق لهجوم محتمل على العاصمة.
وتأتي سيطرة طالبان على المدينة، التي يمكن شن هجوم منها على العاصمة، بعد يوم من سقوط ثاني وثالث أكبر مدن أفغانستان في أيدي مقاتلي الحركة. وتقول طالبان إنها على وشك الاستيلاء على بلدة ميدان شهر القريبة من كابول.
وأكد مسؤول بالحكومة الأفغانية أمس الجمعة سيطرة طالبان على قندهار المركز الاقتصادي الواقع في جنوب البلاد وذلك في الوقت الذي تكمل فيه القوات الدولية انسحابها بعد حرب استمرت 20 عاما.
وسقطت مدينة هرات التي تقع في الغرب على الحدود مع إيران في قبضة طالبان.
ومثلت خسارة قندهار ضربة قوية للحكومة. وتعد المدينة معقل حركة طالبان التي ظهرت في عام 1994 وسط فوضى الحرب الأهلية 2001، كما تقع بالقرب من بلدة سبين بولداك وهي إحدى نقطتين رئيسين لدخول باكستان ومصدر رئيسي لعائدات الضرائب.
والمدينة الرئيسية الوحيدة التي لا تزال الآن تحت سيطرة الحكومة خارج كابول هي جلال آباد الواقعة بالقرب من الحدود الباكستانية في الشرق.
* إخلاء سفارات
وذكر مسؤول أمريكي طلب عدم نشر اسمه أن قوات أمريكية بدأت في الوصول إلى كابول جوا للمساعدة في إجلاء موظفي السفارة ومدنيين آخرين.
وذكرت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) أن كتيبتين من مشاة البحرية وثالثة من سلاح المشاة ستصل إلى كابول بحلول مساء الأحد، وتضم القوة نحو ثلاثة آلاف جندي. وأضافت أن فريقا قتاليا من المشاة سينتقل أيضا إلى الكويت للعمل كقوة رد سريع لفرض الأمن في كابول إذا لزم الأمر.
وقال شخص مطلع على الوضع إن طالبان طوقت كابول تقريبا وإن أعضاء السفارة الأمريكية يشعرون بقلق من أن 30 ألف جنديا أمريكيا لن يكفوا للقيام بعملية إجلاء إذا قررت طالبان الهجوم.
وقال المصدر الذي طلب عدم الكشف عن هويته “الشيء الوحيد الذي يمنعهم من تهديد المطار ووسط المدينة هو قرارهم بعدم القيام بذلك”.
وقالت جمهورية التشيك إنها قررت إجلاء دبلوماسيّيها الاثنين من سفارتها في كابول اليوم. وقالت إيطاليا إنها ستُخلي سفارتها إذا لزم الأمر.
وذكر دبلوماسيون أن بعض السفارات بدأت في حرق مواد حساسة قبيل إجلاء موظفيها.
وقال سكان إن الكثيرين في كابول يخزنون الأرز والمواد الغذائية الأخرى علاوة على مواد الإسعافات الأولية.
وذكر مسؤولون أن طلبات التأشيرات في السفارات ارتفعت إلى عشرات الآلاف، وطلبت واشنطن من دول أن تؤوي مؤقتا الأفغان الذين يعملون لحساب الحكومة الأمريكية.
وقالت طالبان في بيان في ساعة متأخرة من مساء السبت إن مكاسبها تثبت أنها تحظى بقبول شعبي من الشعب الأفغاني وتسعى لطمأنة الأفغان والأجانب على حد سواء بأنهم سيكونون في أمان. وقالت إن طالبان “تؤكد مرة أخرى لجميع مواطنيها أنها ستعمل كعادتها على حماية حياتهم وممتلكاتهم وشرفهم وتهيئة بيئة سلمية وآمنة لأمتها الحبيبة. ولا ينبغي لأحد أن يقلق على حياته”. وأضافت أن الدبلوماسيين وموظفي الإغاثة لن يواجهوا أي مشاكل.
* إصابة آلاف
وقالت وكالة الإغاثة إن المستشفيات تواجه صعوبة في التعامل مع أعداد الجرحى الذين سقطوا في القتال حيث عولج 17 ألف شخص في يوليو تموز والأسبوع الأول من أغسطس آب في منشآت تدعمها اللجنة الدولية للصليب الأحمر.
وأثار تفجر القتال مخاوف من أزمة لجوء وخسارة مكتسبات في مجال حقوق الإنسان. وقال مسؤول بالأمم المتحدة إن نحو 400 ألف مدني اضطروا لترك ديارهم هذا العام، منهم 250 ألفا منذ مايو أيار.
وقالت كندا إنها ستعيد توطين أكثر من 20 ألف أفغاني من المعرضين للخطر، منهم قيادات نسائية وعاملون في مجال حقوق الإنسان وصحفيون، لحمايتهم من انتقام طالبان.
وأدت سرعة مكاسب طالبان إلى توجيه اتهامات متبادلة حول الانسحاب الأمريكي الذي تم التفاوض عليه العام الماضي تحت إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.
وقال الرئيس الأمريكي جو بايدن قبل أيام إنه غير نادم على قراره بمواصلة الانسحاب. وأشار إلى أن واشنطن أنفقت أكثر من تريليون دولار وفقدت آلاف الجنود خلال 20 عاما ودعا الجيش والزعماء الأفغان إلى التصدي للتحدي.