يمن مونيتور/ الأناضول
كأنها تكافح من أجل البقاء في مواجهة الاندثار، تقف صناعة الفخار باليمن شاهدا على عصور تاريخية لعبت فيها دور البطولة في تشكيلات الأواني والتماثيل قبل حلول الماكينات التكنولوجية.
ولا تكاد تذكر صناعة الفخار اليمنية إلا مقرونة بمدن “حيس” و”زبيد” و”الجراحي” و”بيت الفقيه” في إقليم تهامة جنوب مدينة الحديدة، يليها عدة مناطق في محافظة حضرموت والعاصمة صنعاء.
ويرسم الفخاريون بأناملهم تشكيلات فنية للأواني المستخدمة في الطعام والشراب والتماثيل والديكورات، ويزخرفوها بألوان زاهية، في محاولات دؤوبة للحفاظ على المهنة التاريخية من الاندثار.
وتواجه صناعة الفخار باليمن جملة من التحديات أبرزها الركود الشديد في رواجها جراء تدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية لليمنيين طوال سنوات الحرب والحصار.
وتمتد صناعة الفخار في اليمن إلى آلاف السنين، إذ يعود تاريخها إلى عام 2600 قبل الميلاد، بحسب اكتشافات البعثة الإيطالية في المرتفعات الوسطى بالبلاد.
*تحديات الركود
في منطقة مذبح بالعاصمة صنعاء، يقف الستيني صالح الزبيري داخل معمل صغير، حاملا على كاهله خبرة أكثر من 50 عاما في صناعة الفخار.
ويعد الزبيري من أقدم وأمهر الحرفيين اليمنيين في صناعة الفخار، كما يعتبرها مصدر دخله الوحيد وأرث أجداده الذي يأبي التنازل عنه تحت ضغوط الركود والتهديد بالاندثار.
ويقول الزبيري لوكالة الأناضول: “نصنع جميع أشكال الأواني الخاصة بالطعام والشراب والطهي في الأفران وأحيانا التماثيل والتحف والديكورات”.
ويضيف: “تمر الأيام دون بيع ما يكفي لدفع تكاليف المعمل من أجرة العمال وقيمة استئجار المكان، بسبب الركود التجاري وغزو الأواني البلاستيكية والمعدنية المستوردة من الخارج للأسواق اليمنية”.
ويمضي قائلا: “لا يوجد في هذه الصناعة سوى العناء واستمرارنا فيها من أجل الحفاظ عليها وعلى تراثها التاريخي من الانقراض (..) افنيت فيها 50 عاما من عمري دون أن اتمكن من بناء منزل لأولادي”.
وخلال ساعات تواجد مراسل الأناضول في معمل الزبيري، لم يتردد عليه سوى زبون واحد لشراء تنور فخاري (فرن لصناعة خبز التنور) دون الرغبة في اقتناء شيء آخر.
*شراء من أجل البقاء
بدوره يقول محمد الأدور، مشتر لأوان فخارية من صنعاء، إن اقتناء الأواني المصنوعة من الفخار تعد الأنسب بسبب نقص الغاز في اليمن، إضافة إلى طهي الطعام بشكل صحي وأكثر جودة في المذاق.
ويضيف الأدور للأناضول: “أنصح الجميع بشراء الأواني الفخارية للحفاظ على المهنة التاريخية من الاندثار في اليمن”.
وتتسم الأواني الفخارية بانخفاض أسعارها مقارنة بمثيلاتها من الزجاج أو المعدن، لكن انخفاض القدرة الشرائية لدى معظم اليمنيين يحول دون رواجها في الأسواق الشعبية بالبلاد.
ومنذ نحو 7 سنوات، يشهد اليمن حربا أودت بحياة أكثر 233 ألفا، وبات 80 بالمئة من السكان البالغ عددهم نحو 30 مليون نسمة يعتمدون على المساعدات للبقاء أحياء، في أسوأ أزمة إنسانية بالعالم، وفق الأمم المتحدة.
ومنذ عام 2014، سيطر الحوثيون على العاصمة اليمنية صنعاء، وباتت الحرف اليدوية بشكل عام وبالأخص صناعة الفخار مهددة بالاندثار بسبب سنوات الحرب والحصار.
وللنزاع امتدادات إقليمية، فمنذ 2015، ينفذ تحالف عربي بقيادة الجارة السعودية، عمليات عسكرية في اليمن دعمآ للقوات الحكومية، في مواجهة الحوثيين المدعومين من إيران.