ارتفاع ايجارات المساكن يعمق معاناة المواطنين في تعز (تقرير خاص)
يمن مونيتور/وحدة التقارير/ من مختار شداد
شهدت إيجارات المساكن في مدينة تعز (وسط اليمن) ارتفاعًا كبيرًا في السنوات الأخيرة لاسيما وأن المدينة باتت ملجأ آمنًا للأسر النازحة من مناطق القتال أو الهاربة من تعسف وبطش جماعة الحوثيين في المناطق التي تحت سيطرتها، إلى ذلك شكل تدهور العملة اليمنية عاملًا آخر لارتفاع الإيجارات.
وفي التقرير الذي صدر مطلع العام 2019 عن مركز الإعلام الاقتصادي ذكر أن العقارات والأراضي ارتفعت بنسبة 100% وشهدت الإيجارات زيادة بنسبة 67% في مختلف المدن اليمنية، وفي تعز ارتفع الإيجارات بنسبة 50% خلال السنوات الأخيرة.
وأصبح ارتفاع الإيجارات همًا مقلقًا لدى الموظفين والعمال وذوي الدخل اليومي المحدود وعلى المقبلين على الزواج الأمر الذي انعكس سلبًا على حياة المواطنين المعيشية إذ أن بعض الأسر تخلت عن الكثير من احتياجاته لتوفير ايجار المنزل حتى لا يجدوا أنفسهم مرميون في الشارع.
معاناة النازحين
وفقًا لإحصائيات مكتب وزارة التخطيط والتعاون الدولي التابع للحكومة اليمنية، فإن عدد النازحين في مدينة تعز وصل إلى 210 آلاف و314 نازحًا، يتوزعون على 16 مديرية، ويشير المكتب في تقريره إلى أن أعداد النازحين في تزايد مستمر.
“عاصم أحمد” أحد المواطنين الذين أجبرتهم الحرب على ترك منزله في القرية وتكلف تبعات السكن في المدينة، تنقل “عاصم” وأسرته المكونة من سبعة أفراد من منازل كثيرة وذلك إما بسبب الايجار المرتفع أو لقرب المنزل من جبهات القتال.
يعمل “عاصم” بوابًا في أحد المراكز الطبية داخل المدينة ونتيجة للحصار المفروض على المدينة، اضطر “عاصم” على ترك منزله والانتقال للمدينة مع اسرته.
يتحدث “عاصم” لـ”يمن مونيتور” عن معاناته مع المؤجرين قائلًا:” تعبنا ونحن نتنقل من مكان إلى آخر، الإيجار زاد من معاناتنا والراتب الذي أتقاضاه لا يكفي لتوفير متطلبات الأسرة الأساسية”.
ويضيف “عاصم” قوله:” اضطررت أن أسكن في منزل قديم بمديرية صالة التي مازالت تحت قصف جماعة الحوثيين لأن ايجار المنزل مناسب نوعا ما، ولكن المنزل يحتاج إلى ترميم عاجل”.
أما “عصام الشرعبي” فقد اضطر على ترك اسرته في القرية بسبب ارتفاع الإيجارات وارتفاع الأسعار، فراتبه المنقطع منذ أشهر لايكفي لتحمل تبعات السكن في المدينة وتوفير متطلبات الأسرة.
يقول في حديثه لـ”يمن مونيتور” أنه بات يعيش كمغترب في الخارج وذلك بسبب الحصار المفروض على المدينة، والذي جعله يتكبد عناء السفر لثماني ساعات متواصلة مرة كل خمسة أشهر ليرى أسرته في القرية.
وفي بداية الحرب نزحت الكثير من الأسر من المناطق التي كانت تدور فيها الاشتباكات، تركوا منازلهم لينجوا بأنفسهم، وبعد تحرير تلك المناطق عادوا ولم يجدوا أمامهم سوى الركام.
اقتصاد الحرب
الصحفي المهتم بالشأن الاقتصادي “وفيق صالح” قال في تصريح لـ”يمن مونيتور” أن ارتفاع أسعار العقارات يعود بالأساس إلى ظهور طبقة جديدة من الأثرياء والقيادات التي استفادت من الحرب، سواء في مناطق الحوثيين أو الشرعية، وأدى تهافت هؤلاء على القطاع العقاري إلى ارتفاع أسعاره بمعدلات خيالية، عند حد قول “وفيق”.
وأشار إلى أن ارتفاع أسعار العقارات في مناطق سيطرة الحوثين تأتي ضمن خطة منظمة لإحداث عملية تغير “ديموغرافي” بحيث تكون القدرة على التملك العقاري محصورة بيد فئات محدودة تسيطر على مفاصل الدولة والقطاع التجاري وهي بالأساس قيادات وعناصر تنتمي للجماعة، منوهًا إلى أن الجماعة فرضت قيود على التملك العقاري، “حيث تحتكر عملية البيع والشراء كوسيط بين البائع والمشتري ما يمكنها من الاستيلاء على أكبر قدر من العقارات والأراضي”.
وأضاف “وفيق” قوله: “تعود ارتفاع ايجارات الشقق والمنازل في تعز إلى تدهور أسعار الصرف واستمرار الحرب على تخوم المدينة، وكذلك تسبب زيادة الطلب للحصول على شقق سكنية نتيجة النزوح من مناطق تشهد حروب، إلى زيادة أسعارها بشكل مضاعف تفوق قدرة دخل الموظف أو المواطن”.
وقال “عبدالله الفتيحي” محاسب في إحدى الشركات العقارية بمدينة تعز أن من الأسباب التي ساهمت في ارتفاع أسعار العقارات، زيادة الطلب مع قلة العرض، بالإضافة إلى الحصار المفروض على المدينة منذ سنوات الأمر الذي جعل التجار يدفعون مبالغ مضاعفة على المواد مما يجعل المستثمر بالعقارات يدفع قيمتها مضاعفة، مشيرًا إلى أن طمع المستثمرين واستغلال حاجة الناس إلى العقارات قد تكون أحد الأسباب.
وأضاف “عبدالله” في تصريحه لـ”يمن مونيتور” قوله: “ازدحام المدينة بالسكان وزيادة الطلب على الشقق السكنية وخاصة في المناطق الآمنة شجع المستثمرين على معاودة نشاطهم”.
يومًا بعد آخر يتدهور الريال اليمني أمام العمالات الأجنبية، الأمر الذي يؤثر على كافة القطاعات الخدمية في مناطق سيطرة الشرعية، منها قطاع العقارات، وبسبب ذلك اعتمد بعض التجار وملاك الأراضي والشقق السكنية التعامل بالدولار أو الريال السعودي بدل من العملة المحلية، وكل ذلك انعكس بصورة سلبية على حياة المواطنين، ويبقى السؤال الذي يطرح نفسه متى تلتفت الجهات المعنية إلى معاناة المواطنين وتعمل على الحد منها…؟