تداعيات مدمرة لانهيار الريال اليمني والمركزي يضخ كميات جديدة من العملة القديمة (تقرير خاص)
يمن مونيتور/ تعز/ من مختار شداد
واصل الريال اليمني انهياره مقابل العملات الأجنبية مسجلًا أرقامًا قياسية غير مسبوقة في تاريخ البلاد، إذ تجاوزت قيمة الدولار الواحد 1000 ريالاً يمنياً في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة الشرعية، وهو ما يعده مراقبون أسوأ انهيار منذ اندلاع الحرب في البلاد.
وينذر انهيار الريال الأخير وتجاوزه حاجز الـ1000 ريال للدولار الواحد بتداعيات قاسية ومدمرة على كافة المستويات الاقتصادية والمعيشية والإنسانية، الأمر الذي ينذر بدخول اليمن مرحلة مجاعة حقيقية بعد ارتفاع أسعار المواد الغذائية بشكل كبير مؤخرًا خصوصًا وأن 80% من السكان يعتمدون على المساعدات الخارجية على البقاء أحياء في “أسوء أزمة إنسانية في العالم.
وقفزت عمولة الحوالة من مناطق الشرعية إلى مناطق جماعة الحوثي من 50% إلى ما يقارب الـ68% بعد تجاوز الدولار حاجز الألف ريال، وفي الوقت الذي تستمر العملة في مناطق الحكومة الشرعية بالتدهور، يلاحظ استقرارها في مناطق جماعة الحوثيين عند 598 للدولار الواحد.
محلات صرافة بدون تراخيص
انتشرت في السنوات الأخيرة في مدينة تعز والمحافظات الواقعة تحت سيطرة الشرعية محلات الصرافة بصورة كبيرة، معظم هذه المحلات لا تحمل تراخيص من البنك المركزي اليمني، بصورة أو بأخرى تسهم هذه المحلات في تدهور قيمة الريال اليمني مقابل العملات الأجنبية من خلال عملية المضاربة على العملة.
الصحفي المهتم بالشأن الاقتصادي “وفيق صالح” قال في تصريحه لـ”يمن مونيتور”، أن انتشار محلات وشركات الصرافة بدون تراخيص من قبل البنك المركزي ودون وجود رقابة من قبل الدولة تساهم في توسعة نشاط المضاربة في السوق المصرفية والتلاعب بقيمة العملة المحلية.
وأضاف “وفيق”: “تأسيس محلات الصرافة تتطلب شروط معينة منها الحصول على تراخيص من قبل البنك المركزي في عدن ووضع ائتمان مالي في البنك ولكن في السنوات الأخيرة انتشرت محلات الصرافة بشكل كبير دون تراخيص، وهو ما يشجع هذه المنشآت بالمضاربة على العملة دون رقيب أو حسيب”.
وخلال الأيام الماضية نفذت في تعز حملة أمنية واسعة لضبط محلات الصرافة التي لا تحمل تراخيص رسمية تنفيذًا لتوجيهات وكيل نيابة الأموال العامة، وعطفًا على توجيهات النائب العام للجمهورية في محاولة لضبط المتلاعبين بأسعار الصرف.
وفي هذا الشأن يضيف الصحفي الاقتصادي وفيق صالح: “أعتقد أن إغلاق محلات الصرافة الغير مرخصة خطوة في الاتجاه الصحيح من أجل ضبط سوق الصرف وإدارة البنك المركزي للنشاط المصرفي وهو يتطلب خطط واضحة لإدارة السياسة النقدية والاستمرار في فرض الرقابة على النشاط المصرفي”.
بدوره، “مصطفى نصر” مدير مركز الدراسات والاعلام الاقتصادي في تصريح خاص لـ” يمن مونيتور”: “أن انتشار محلات الصرافة وحالة الدكاكينية في العمل المصرفي في تصوري حالة خطيرة وهذا دليل على عملية المضاربة وتسرب العملة وشرائها بصورة أو بأخرى”.
وأضاف أنه كان “يفترض في حال وجود إدارة جادة في هذه المسألة أن تقتصر التعاملات المالية على البنوك وشركات الصرافة الكبيرة التي لديها نظام مالي شفاف ومربوط آليًا بالبنك المركزي حتى يستطيع البنك ضبط عملية التحويلات.
وأشار إلى أن إغلاق محلات الصرافة ليس الحل الكامل أو النموذجي لمشكلة انهيار العملة، قائلًا:” هذه مجرد مسكنات لا تعالج المشكلة الرئيسية، ضبط هذه المسألة أمر ضروري ومهم، ولكن لابد من إجراءات أخرى متعلقة بالسياسة النقدية كإنزال كميات كافية من العملة الأجنبية وضبط مسالة شراء العملة لاسيما من قبل تجار المشتقات النقطية وتجار المواد الغذائية الرئيسية”.
ضعف الموارد
منذ بداية الحرب توقفت حركة التجارة والاستثمار في البلاد بشكل يوصف بأنه شبه كامل، غادر أصحاب رؤوس الأموال إلى الخارج جراء استمرار الحرب، الأمر الذي انعكس سلبًا على الاقتصاد اليمني، خصوصًا في ظل توقف تصدير المشتقات النفطية بسبب الحرب الدائرة وغياب الاستقرار السياسي والاقتصادي في البلاد.
ويعاني اليمن من أزمة في العملات الأجنبية وبخاصة في ظل تراجع تحويلات المغتربين إلى أكثر من 70% والتي كانت اليمن تعتمد عليها اليمن بشكل كبير في توفير العملات الصعبة.
تحذيرات أممية
ومع تجاوز الريال اليمني حاجز الألف أمام الدولار الأمريكي، حذرت منظمة الإنقاذ الدولية من ارتفاع معدلات الجوع في اليمن.
وذكرت المنظمة الأممية في تقرير لها أن نقص العملات الأجنبية تؤدي إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية خصوصًا وأن اليمن يستورد ما يقارب 90% من إمداداته في المواد الغذائية، وأشار التقرير إلى أن القدرة الشرائية للأسر في انخفاض مستمر جراء استمرار توقف الأجور.
ويعيش المواطنين في مدينة تعز على وقع أزمات متلاحقة تؤثر سلبًا على حياتهم المعيشية، ونتيجة لانهيار الريال الأخير تأثرت الأسوق وارتفعت الأسعار بصورة كبيرة، وعلاوة على ذلك يدفع التعزيون مبالغ مضاعفة على أسعار المواد الغذائية بسبب الحصار المفروض على المدينة، الأمر الذي يؤثر على القدرة الشرائية لدى الأفراد.
وبخصوص تأثير انهيار العملة على المواطنين قال “مصطفى نصر” أن تدهور العملة يؤثر بصورة مباشرة على حياة الناس لأن استقرار العملة مقياس مهم لحالة الاستقرار الاقتصادي، وعندما تنهار العملة تؤدي إلى فقدان الناس لجزء من قيمة المال الذي يمتلكونه لاسيما وأنهم يستلمون مرتباتهم وعوائدهم بالريال اليمني وهذا يحدث نتائج سلبية كبيرة، عند حد قوله.
وأردف “نصر”: “أتوقع أن تزيد حالة المجاعة والاحتياج الإنساني بصورة شديدة خلال الفترة المقبلة، إذا ما استمر هذا التدهور في سعر العملة”.
ضخ عملة جديدة من فئة 1000
ومؤخرًا أعلن البنك المركزي ضخ كميات كبيرة من العملة المحلية فئة 1000 ريال (الطبعة القديمة) إلى السوق المصرفية وكافة مناطق البلاد، وأقر في بيان له اتخاذ إجراءات منظمة لخفض حجم المعروض من العملة وابقاءه في المستوى المتوافق مع حاجة السوق لها.
بهذا الخصوص قال “وفيق صالح” :” ضخ كميات من العملة القديمة في السوق المصرفية هي خطوة نحو تقليص فارق سعر الصرف، وانهاء العمولات الكبيرة للحوالات بين المحافظات اليمنية لكنها لن تحل مشكلة أزمة انهيار العملة ولن تعمل على تحقيق تعافي سريع للعملة مقابل العملات الأجنبية”.
وتعليقًا على إجراءات البنك المركزي الأخيرة أشار الصحفي الاقتصادي إلى أن هذه الإجراءات ليس لها علاقة بتحسين سعر صرف العملة المحلية.
ومطلع الأسبوع الجاري طالب 14 برلمانيا يمنيا الرئيس هادي بإقالة قيادة البنك المركزي وترشيد الانفاق العام لإنقاذ الاقتصاد والعملة من الانهيار.
وذكرت الرسالة التي وجهها البرلمانيون إلى الرئيس أن إخفاقات الحكومة في إدارة جميع الملفات الوطنية وعلى رأسها الملف الاقتصادي نتج عنه تدهور سريع للعملة حتى تجاوز الدولار الواحد حاجز الألف الأمر الذي انعكس بشكل حاد على حياة المواطن وضاعف معاناته.