ينظر الإيرانيون إلى اليمن على أنها محافظة تابعة لهم ضمن جغرافيا “الثورة الإسلامية”,وليس دولة مستقلة ذات سيادة لا تربطها بهم حتى جوار حدودي,ويعتبرون الحوثيين فرعا من قوات”الباسيج”,وظيفتهم حماية”حدود الثورة الإسلامية”,وليس فقط جماعة يمنية موالية لهم.
ينظر الإيرانيون إلى اليمن على أنها محافظة تابعة لهم ضمن جغرافيا “الثورة الإسلامية”,وليس دولة مستقلة ذات سيادة لا تربطها بهم حتى جوار حدودي,ويعتبرون الحوثيين فرعا من قوات”الباسيج”,وظيفتهم حماية”حدود الثورة الإسلامية”,وليس فقط جماعة يمنية موالية لهم.
ولهذا تمثل الحرب الحالية التي يخوضها وكلاؤهم الحوثيين وصالح بالنيابة عنهم مصيرية لبقاء مشروعهم في بلد عربي مهم في الجزيرة العربية,ومن أجل استنزاف السعودية بإطالة أمد الحرب ورفض الحل السياسي في الوقت الراهن,وإشغالها بهذه المعركة كي لا تنتقل بعد الانتصار فيها لمواجهة إيران في سوريا.
هذا يحتم على السعودية سرعة حسم المعركة في اليمن واستثمار عامل الزمن وغياب الضغوط الدولية بسبب الانشغال بقضايا ساخنة أخرى سواء محاربة تنظيم الدولة الإسلامية بالنسبة لأمريكا وحلفائها الغربيين أو دعم نظام الأسد كحال إيران وروسيا,ومن جهة أخرى تجنب أي تدخل محتمل للروس في حال اشتد الخناق عليهم بسوريا وتحسن الوضع الميداني للمعارضة.
حرب إيران في اليمن تختلف عن سوريا من حيث كونها غير مكلفة ومريحة,ففي الأولى تحارب بأدوات محلية دون تدخل مباشر باستثناء تواجد للخبراء والمستشارين,وتواجه السعودية بعمقها وتهدد أراضيها بالصواريخ والقذائف,ولا تخسر أموالا,كحال وضعها بسوريا الذي تتحدث تقديرات عن خسائر بلغت 20 مليار دولار منذ 2011,فضلا عن خسائر بشرية تجاوزت 400 جندي وضابط,وحضور عسكري مباشر سواء بالحرس الثوري أو قوات الباسيج,وبعيدا عن حدود المملكة.
ومن هنا كلما تقدمت قوات الجيش الوطني والمقاومة على الأرض وواصل طيران التحالف تدمير القدرات العسكرية للحوثيين وقوات صالح,كلما شعرت إيران بالخطر والخوف على نهاية مشروعها الذي كانت تحلم بالتمكين له لتتحكم في القرار السياسي بالبلاد,كما تفعل بالعراق ولبنان,ولم يعد معها إلا الحفاظ على وكلائها كقوة عسكرية رافضة تسليم أسلحتهم.
الحوثيون هم جزء من قوات “الباسيج”,في اليمن مثل وكلاء إيران الآخرين في سوريا والعراق وافغانستان وباكستان ولبنان,كما صرح اللواء محمد علي جعفري قائد الحرس الثوري الإيراني في(21 يناير الجاري).
يحدد جعفري وظيفة الحوثيين ومئتين ألف مسلح موزعين في هذه الدول بحماية”الثورة الإسلامية”,أو حدود إيران الممتدة من البحر الأبيض المتوسط وشمال أفريقيا مرورا بهذه الدول,كما قال قبل أيام العميد حسين سلامي,نائب قائد الحرس الثوري.
ولمن لا يعرف ما هي قوات “الباسيج”,والتي تعني”التعبئة الشعبية”,فهي قوات شبه عسكرية تتكون من متطوعين من المدنيين ذكور وإناث، أسسها الخميني في نوفمبر 1979,وتتبع الحرس الثوري(الباسدران) الذي يتبع بدوره سلطة المرشد الأعلى.
وبما أن اليمن امتداد لجغرافيا إيران أو الثورة الإسلامية – كما يقول سلامي – فقد شكلت طهران لجنة رسمية لدعم الحوثيين تحت مسمّى”لجنة دعم الشعب اليمني”,يرأسها قائد الشرطة الإيراني المقال إسماعيل أحمدي مقدم،والذي قدم الاثنين(11 يناير الجاري)تقريرا لبرلمان بلاده عن الوضع في اليمن,ودعا لدعم وكلائهم وإقراره بالموازنة العامة التي لم تُقر للآن.
وأحمدي قائد سابق بالحرس الثوري الإيراني،حيث تدرج في سلك قيادة هذا الجهاز خلال حرب الخليج الأولى (العراقية – الإيرانية) من سبتمبر 1980إلى أغسطس 1988، وكان له دور كبير في قمع “الانتفاضة الخضراء” بالقوة وقتل المتظاهرين عام 2009، وحدثت في عهده فضيحة اغتصاب المعتقلين آنذاك بسجن كهريزك.
الإيرانيون يدركون أنهم خاسرون لا محالة في اليمن,ولهذا يحاولون قدر الإمكان الإبقاء على الحوثيين كمليشيات مسلحة تحتفظ بقوتها ونشاطها العسكري كحال حزب الله حتى لو تحولت إلى حزب سياسي مستقبلا وهذا مستبعد.
وليس غريبا أن يرفض الحوثيون تسليم أسلحتهم كما ينص قرار مجلس الأمن(2216)أو تحولهم من مليشيات إلى حزب سياسي,لأن هذا هو قرار إيران التي تعارض ذلك كما تداولت تسريبات عن مقترحات بهذا الشأن.
وتحسبا لهزيمتهم في الحرب التي ستفرض نتائجها إجبارهم على إنهاء الحوثيين كمليشيات مسلحة,يواصلون تجنيد مقاتليهم بالجيش والأمن,حيث كشفت وثيقة قبل أيام عن تجنيدهم 30 ألف بالداخلية وربما ضعف العدد بوزارة الدفاع.
لا خيار غير القضاء على القدرات العسكرية لفرع قوات”الباسيج”,أي حسم عسكري سريع بالتزامن مع بناء الجيش الوطني تجنيدا وتدريبا وفق أسس وطنية لتمكين إعادة الدولة لفرض سلطتها على كل ربوع اليمن وحماية مصالح شعبها وجيرانها ومنع التهديد المستقبلي للخارج من قبل وكلاء يعملون بتوجيهات من طهران.