تقاريرغير مصنف

“شبوة” اليمنية في العام 2015.. نقاط القوة ومكامن الضعف

ودّعت محافظة شبوة العام 2015، واستقبلت العام الجديد وأمامها الكثير من التحديات والمشاكل، فأثار الحرب لم تزل ماثلة، كذلك هو الحال بالنسبة لأثار “إعصار تشابالا” الذي ضرب المديريات الشرقية في مطلع نوفمبر/ تشرين ثاني، وخلّف خسائر مادية جسيمة، كما أن أجزاء من مديريتي “بيحان” و”عسيلان” ما تزال تحت قبضة الحوثيين، فيما تستعد قوات اللواء 19 مشاة، واللواء 21 ميكا لبدء “معركة التحرير” التي انتظرها طويلًا أبناء تلك المناطق. يمن موينتور/ شبوة/ من إبراهيم حيدرة
شبوة، المحافظة النفطية الأهم، وثالث أكبر محافظة من حيث المساحة بين المحافظات اليمنيّة، بعد حضرموت وأبين، شهدت في العام المنصرم 2015، تحولات ومحطات هامة وبارزة، تراوحت أوضاعها بين القوة أحيانا والتراجع أحيايين أخرى، على كل المستويات، السياسيّة، والاجتماعيّة، والقبليّة، والأمنيّة، في ظل الحرب والأوضاع التي عاشتها البلاد خلال عام كامل كان مثقلاً بالأحداث الساخنة.
 
مواقف قويّة
بدأت شبوة مطلع العام المنصرم قويّة في موقفها السياسيّ، بالتزامن مع الأحداث التي تلت استيلاء الحوثيين على العاصمة اليمنيّة صنعاء، واستقالة الرئيس “عبدربه منصور هادي” وقبله رئيس “حكومة الكفاءات الوطنيّة”، “خالد بحّاح”.
 ففي الـ22 من يناير/ كانون ثاني، اتخذت السلطات المحلية قرارًا بعدم استلام أي توجيهات من صنعاء بعد استقالة الرئيس “عبدربه منصور هادي”، وقالت “إنها تدير أمورها من خلال السلطة المحلية والأجهزة الأمنية والعسكرية بالتنسيق والتعاون مع الشخصيات الاجتماعية والقيادات السياسيّة والحراك الجنوبي”.
وقبل ذلك بأربعة أيام أعلن المحافظ “أحمد باحاج” إيقاف عمل الشركات النفطية في المحافظة؛ احتجاجًا على اختطاف “أحمد بن مبارك”، أمين عام “الحوار الوطنيّ” من قبل الحوثيين.
وفي الـ(6 فبراير/شباط) وصف “باحاج” “الإعلان الدستوري” الذي أعلنت عنه جماعة الحوثي، بـ”بالإعلان الانقلابي”، مؤكدًا قطع العلاقات نهائيًا مع صنعاء ورفض أي توجيهات قادمة منها، الأمر الذي قوبل بارتياح وتأييد واسعين من الأطراف السياسيّة الموالية لشرعية “هادي” في كل المحافظات اليمنيّة.
وفور عودة الرئيس “هادي” لممارسة مهامه من مدينة عدن جنوبي البلاد، في الـ(21 فبراير/ شباط)، كانت شبوة حاضرة، وكان المحافظ “باحاج” أول محافظ يبعث ببرقية للرئيس “هادي”، مهنئًا بـ”عودته ونجاته من حصار الحوثيين في صنعاء”، ثم قام بزيارة خاصة مع وفد من مشائخ المحافظة إلى مقر إقامة الرئيس في عدن.
 
العروض القبليّة التي سبقت الاجتياح
في تلك الفترة شهدت محافظة شبوة عروضًا عسكريّة لبعض قبائل المحافظة التي حشدت مقاتليها في فعاليات ضخمة، معلنةً رفضها لـ”انقلاب الحوثيين”، وتأييدها المطلق لشرعية “عبدربه منصور هادي”، مما جعلها حديث الصحافة المحليّة والدوليّة.
واستمر صعود نجومية شبوة إعلاميًا بالتزامن مع اجتياح الحوثيين والقوات الموالية لهم للمحافظة، بدءًا بمديريّة بيحان (غربًا) في يوم الجمعة الـ27 من مارس/ آذار، بعد أن وصلت آليات وعربات عسكرية تابعة للحوثيين و حليفهم الرئيس السابق “علي عبدالله صالح” قادمة من محافظة البيضاء المجاورة، عبر “عقبة القنذع” الرابطة بين المحافظتين.
وقبل وصول الحوثيين ودخولهم مديريّة بيحان غربي المحافظة، اندلعت مواجهات بينهم ورجال المقاومة على أبواب المدينة أسفرت عن سقوط عدد من القتلى والجرحى  من الجانبيين، إلى جانب إحراق عدد من الآليات العسكريّة، لكن القوات الحوثيّة واصلت تقدمها وسيطرت على مدينة “العلياء” مركز المديريّة مع استمرار التعزيزات القادمة من محافظة “البيضاء”، في الوقت ذاته بدأ طيران التحالف العربي يشن غاراته على “عقبة القنذع” محاولًا قطع إمدادات الحوثيين واستهداف أماكن تجمعاتهم في المكاتب الحكوميّة.
 
سقوط “عتق” غيّر الموازيين
وما بين دخول الحوثيين إلى بيحان ووصلوهم إلى مدينة “عتق” مركز المحافظة اندلعت معارك شرسة وجولات من القتال مع إصرار واستماتة الحوثيين والقوات الموالية لهم على التقدم رغم الخسائر الكبيرة في صفوفهم، في الوقت الذي بدأت المقاومة الانسحاب والتراجع إلى مناطق خارج العاصمة عتق التي سقطت في يد الحوثيين في9 أبريل/ نسيان، وسط اتهامات لقيادات عسكريّة وقبليّة بالتواطؤ مع الحوثيين وتسهيل دخولهم إلى عاصمة المحافظة.
وبعد سقوط عاصمة المحافظة “عتق” بيد الحوثيين والقوات الموالية لهم، والتي سبقها بيوم أعمال نهب واسعة للمعسكرات والمقرات الأمنيّة ومطار عتق، وهروب نحو 300 سجين من السجن المركزي بعتق، تغيرت نظرة الكثيرين لمحافظة شبوة، وبدأ الهجوم الإعلامي وانتقادات “لاذعة” لمقاومة شبوة وقبائلها.
ويعزو بعض المتابعين تراجع جبهات القتال في شبوة حينها، “كون المقاومة ورجال القبائل كانوا يقاتلون بطرقٍ تقليديّة أمام ألويّة عسكرية ومقاتلين محترفين من الحوثيين ووحدات من الحرس الجمهوري الموالي لصالح”.
وكانت بعض القيادات الميدانيّة للمقاومة أشارت في تصريحات صحافيّة سابقة إلى أن “أكثر من أربعة ألوية من نخبة الحرس الجمهوري التابع للرئيس السابق علي عبدالله صالح اجتاحت شبوة على فترة متقطعة طيلة الأربعة الأشهر التي خضعت فيها المحافظة لسيطرة الحوثيين”، في حين تشكو قيادات المقاومة “أن دعم التحالف العربي لشبوة ومقاومتها لم يكن كافيًا”.
في الوقت ذاته قام الحوثيون بتعيين العميد “علي محمد الطمبالة” محافظًا لشبوة في الـ13 أبريل/ نسيان، بالتزامن مع سقوط الألوية العسكريّة المرابطة في المديريات الشرقيّة (اللواء الثاني مشاة جبلي واللواء الثاني دفاع ساحلي) المكلفان بحمايّة ” مشروع شركة بلحاف” وخط أنبوب الغاز، بيد أبناء تلك المديريات، وفي نهاية أبريل شهدت مديريّة “نِصَاب” غربي المحافظة معارك مع الحوثيين الذين حاولوا اجتياح المدينة أعقبها هدنة واتفاق أوقف القتال بين الجانبين.
 
رحيل المحافظ “باحاج” وتراجع الجبهات
ومن المحطات الفاصلة في محافظة شبوة، والضربات القاصمة التي تلقتها المحافظة والمقاومة في آنٍ واحد في العام 2015؛ وفاة المحافظ “أحمد علي باحاج” في حادث سير على طريق “العبر” بعد اعتراض موكبه من قبل مسلحين قبليين أثناء توجهه إلى “السعودية” مساء الجمعة الـ22 من مايو/ آيار، بعد معارك شرسة خاضتها المقاومة في “مفرق الصعيد”، وجبهتي “خمر” و”خفعة” (شرق وشمال) مدينة عتق، استطاع الحوثيون بعدها السيطرة على تلك الأماكن بعد انسحاب المقاومة منها.
وشكل رحيل المحافظ “بحاج” خسارة كبيرة ومنعطفا هاماً في المحافظة والبلد عموماً، كون “باحاج” – بحسب مراقبين لسير الأحداث – “أحد الشخصيات السياسية البارزة التي استطاعت استيعاب مختلف الأطياف والقوى السياسية في المحافظة، وتوحيد مواقفهم في الكثير من القضايا التي مرت بها المحافظة، كما أنه أحد الشخصيات الصانعة للأحداث التي شهدتها المحافظة قبل اجتياح من قبل الحوثيين والقوات الموالية لهم”.
وبحسب مصادر خاصة تحدثت لـ”يمن مونيتور”، “فإن المحافظ باحاج كان قبل مقتله بأيام يسعى جاهدًا لتوحيد جبهات المقاومة تحت قيادة موحدة وقد بدأ بزيارات متتالية لجبهات القتال والتقى بقياداتها”.
ومنذ نهاية مايو/ آيار حتى منتصف يوليو/ تموز؛ توسع الحوثيون في مناطق أخرى من شبوة خارج مركز المحافظة مع تراجع للمقاومة في أكثر من جبهة، مع أن البعض فسر تلك الفترة بأنها “استراحة محارب” للمقاومة، رغم أن القتال المتقطع لم يتوقف في بعض الأماكن.
كما أن تلك المرحلة شهدت نوعًا آخر من المواجهة مع الحوثيين، تمثلت بالاستهداف المباشر لمواقعهم والنقاط التي يتمركزون فيها، كذلك استهداف دورياتهم بالعبوات الناسفة والكمائن في أكثر من منطقة، بما في ذلك مدينة عتق معقل الرئيسي لهم، وفي مناطق أخرى بدأت المقاومة ترتب صفوفها وتفتح معسكرات التدريب لأفرادها.
 
معركة السهم الذهبي 
ومع احتدام المعارك وبدء العمليات البريّة للتحالف العربي لمساندة المقاومة في معركة تحرير عدن، ولحج، وأبين، منتصف يوليو/ تموز، والتي عرفت إعلاميًا بـ”معركة السهم الذهبي” بدأت معنويات المقاتلين الحوثيين تتراجع في أكثر من جبهة ومنها شبوة، بحسب مراقبين، الأمر الذي جعلهم يسحبون قواتهم من المناطق التي سيطروا عليها في المحافظة، مساء السبت 15 أغسطس/ آب، واكتفوا بالبقاء في المناطق الغربية في مديريتي “بيحان” و”عسيلان” التي تبعد بنحو (210) كيلوا مترًا عن مدينة “عتق” مركز المحافظة.
وتجلّت نقاط ضعف محافظة شبوة في حربها مع الحوثيين في تشتت مقاومتها ووجود أكثر من جبهة تحت رايات متعددة اتخذت بعدًا قبليًا في الموقع الواحد وغياب القيادة الموحدة، الأمر الذي سهل للحوثيين السيطرة على أجزاء من مناطق المحافظة، بعكس المحافظات الجنوبيّة الأخرى لاسيما في عدن والضالع.
 
عودة الشرعية وآثار الحرب
بعد يوم من انسحاب الحوثيين من “عتق” والمناطق الأخرى، عادت السلطة الشرعيّة ممثلة بالمحافظ العميد “عبدالله النسي”، وبدأت عناصر من المقاومة بالانتشار في المدينة، ثم توالت عودة قيادات المقاومة التي غادرت إلى الرياض.
وعقب وصول “النسي” بأيام، وتحديدًا في الـ22 من أغسطس/ آب أصدر الرئيس “عبدربه منصور هادي” قرارًا بتعيين، العميد “ناصر على النوبة” قائدا للواء 30 مشاة، وقائداً لمحور “عتق”، وترقيته إلى رتبة “لواء”، كما عيّن العميد “مهدي الشكلية” قائدا للواء الثاني مشاة جبلي، في ذات الوقت بدأت المعسكرات باستقبال المجندين الجدد من أفراد المقاومة، المنضمين للمؤسستين العسكريّة والأمنيّة، وفق توجيهات الرئيس “هادي”.
 
أوضاع بعد الحرب
ومنذ تلك اللحظة، انشغلت السلطات المحلية بمحاولة تطبيع الحياة بعد تردي الأوضاع الخدميّة جراء الحرب، لكن دون جدوى، متهمة الحكومة الشرعيّة والتحالف العربي، بـ”بالتقصير وترك شبوة تواجه مصيرها”.
وتشكو السلطات في شبوة، من عمليات التهريب عبر موانئ صغيرة على ساحل البحر في مديرية “رضوم” شرقي المحافظة، مطالبةً الحكومة الشرعيّة ودول التحالف العربي بالوقوف إلى جانبها للخروج من الوضع الراهن الذي تعيشه المحافظة.
 لكن ما يحسب لشبوة التي غابت تمامًا من أي وجود لقوات التحالف أو قوات الجيش الوطني في مدنها الرئيسية “أنها الأفضل بين المحافظات الجنوبيّة من الناحيّة الأمنيّة”، بحسب تصريحات للمحافظ العميد “عبدالله النسي”.
وبين تلك التحولات والأحداث، ودّعت محافظة شبوة العام 2015، واستقبلت العام الجديد وأمامها الكثير من التحديات والمشاكل، فآثار الحرب لم تزل ماثلة، كذلك هو الحال بالنسبة لأثار “إعصار تشابالا” الذي ضرب المديريات الشرقية في مطلع نوفمبر/ تشرين ثاني، وخلّف خسائر مادية جسيمة، كما أن أجزاء من مديريتي “بيحان” و”عسيلان” ما تزال تحت قبضة الحوثيين، فيما تستعد قوات اللواء 19 مشاة، واللواء 21 ميكا لبدء “معركة التحرير” التي انتظرها طويلًا أبناء تلك المناطق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى