كورونا يعطل مراكز مكافحة السل في اليمن
يمن مونيتور/ اندبندنت عربية
يشكل مرض السل إحدى المشكلات الصحية في اليمن، إذ يقر الوضع الوبائي للمرض القديم بأن هناك 25 حالة سل رئوي معد من بين كل 100 ألف نسمة من السكان، بينما بلغ معدل الإصابة الكلي لجميع أشكال المرض 73 حالة سنوياً لكل 100 ألف.
وبلغت حالات السل المكتشفة في المحافظات اليمنية خلال العام الفائت 8900 حالة، تصدرتها محافظات أمانة صنعاء والحديدة وإب وعدن.
وبحسب مدير البرنامج الوطني لمكافحة السل الدكتور عبدالناصر عياش أحمد، استطاعت وزارة الصحة العامة والسكان من خلال مركز مكافحة السل، إنجاز عدد من الأنشطة في مجال المكافحة، من خلال تنفيذ عدد من الفعاليات الصحية والتوعوية على المستوى المركزي والوسطى والمديريات الطرفية في 23 محافظة.
وقام البرنامج بتقديم الخدمات التشخيصية والعلاجية في كل محافظات الجمهورية عبر شبكة خدمات الرعاية الصحية الأولية في 333 مديرية، وتدريب منسقين للمديريات وفنيي مختبرات يعملون في 270 مختبراً، في إطار شبكة الرعاية، إضافة إلى قيام البرنامج بتدريب عمال الرعاية في 2551 وحدة رعاية.
ومن خلال تلك المواقع الصحية يتم تقديم خدمات فحص البصاق المباشر والزراعي، بواسطة أجهزة الـ “جين اكسيرت”، وتقديم العلاج لمرضى السل مجاناً.
مراكز السل
وتوجد أربعة مراكز رئيسة لمكافحة السل في كل من صنعاء وعدن والحديدة وتعز، تم تشييدها بدعم من حكومة اليابان، ويتم إخضاع جميع حالات السل المكتشفة للعلاج المجاني المتوافر في معظم مديريات الجمهورية، حيث كانت نتائج المعالجة للحالات المسجلة في العام 2019 وعددها 9518 حالة، بمعدل نجاح بلغ 88 في المئة من الحالات، تحت المعالجة، مع وجود معدل انقطاع عن العلاج 5.9 في المئة بسبب الحرب في بعض المحافظات.
السل المقاوم للأدوية
ويوضح مدير البرنامج أن اليمن كغيرها من بلدان العالم يوجد فيها السل المقاوم للأدوية، وبحسب الدراسات التي نفذها البرنامج أخيراً، فإن معدل الانتشار لهذا المرض بين حالات السل الجديدة بلغ 14.1 في المئة، بينما بلغ في الحالات القديمة 14.14 في المئة، إذ إن عدد الحالات المتوقع حدوثها سنوياً هي 135 حالة سل مقاوم، محذراً من أنه “إذا لم يتم مكافحة هذا النوع من المرض، فسيتحول إلى مشكلة صحية كبيرة في المستقبل، تؤثر في البلاد اقتصادياً واجتماعياً”.
ويمضي في شرح هذا النوع من المرض قائلاً “إن هذا النوع من السل تكون فيه بكتيريا مقاومة للأدوية المضادة للسل من الخط الأول، وقد بدأ ظهور هذا النوع كنتيجة للممارسات الخاطئة في استخدام الأدوية، وبالتالي اكتساب البكتيريا مقاومة لها، لذا قام البرنامج بتأسيس قسم خاص في معالجة السل المقاوم للأدوية في العام 2013، وإنشاء أربع عيادات سل مقاوم للأدوية في كل من معهد السل في صنعاء، ومركز الدرن في الحديدة، ومركز الدرن في تعز”.
ولفت إلى أن المركز الإقليمي لمكافحة السل في عدن، ومنذ العام 2013، تمكن من اكتشاف وعلاج 286 حالة حتى نهاية 2020، وقد بلغ معدل نجاح المعالجة بين هذه الحالات 70 في المئة. وتكمن صعوبة مكافحة هذا النوع من السل في أن فترة علاجه طويلة جداً (نحو سنتين)، والأدوية المستخدمة في علاجه مكلفة جداً، وتتسبب بأعراض جانبية كبيرة للمرضى. وفي عام 2020 دخلت أدوية جديدة مع عدم استخدام الحقن في المعالجة، ويعمل البرنامج الوطني على دعم هذه الفئة من المرضى لمواصلة العلاج بانتظام، مع صرف دعم غذائي لهم وأدوية من الخط الثاني مجاناً.
تحديات ومعوقات
ويستعرض عياش التحديات والمعوقات التي يواجهها البرنامج الوطني لمكافحة السل، وأهمها ضعف المشاركة المجتمعية في جهود مكافحة السل، واعتماد البرنامج على الدعم الخارجي فقط في تنفيذ الأنشطة، وعزوف الكادر الصحي عن العمل مع مرضى السل بسبب غياب التحفيز، وعدم توافر أقسام تنويم للمرضى وخصوصاً مرضى السل المقاوم، إضافة إلى تهاون العاملين في مهماتهم، وخصوصاً في وحدات الرعاية الصحية الأولية، بسبب الظروف الأمنية المتردية بعد اندلاع الحرب، وتدمير ونهب عدد من المنشآت الخاصة بمكافحة السل من ميليشيات الحوثي، وأهمها مركز الدرن تعز، ونزوح عدد من المرضى من أماكن سكنهم إلى محافظات أخرى بسبب الحرب، وعدم كفاية الدعم المقدم من الصندوق العالمي لتغطية الأنشطة الأساسية للبرنامج الوطني، مثل تدريب الكوادر الصحية بمختلف الفئات، وأنشطة التثقيف الصحي، وإشراك القطاع الصحي الخاص ومنظمات المجتمع المدني في مكافحة السل.
التوصيات
يأمل المركز الوطني لمكافحة السل برفع معدل اكتشاف الحالات إلى 11000 حالة في العام 2021، وتحقيق معدل نجاح المعالجة بنسبة 90 في المئة على الأقل، ومن أجل تحقيق ذلك يوصي مدير المركز بالعمل على ضمان جودة التشخيص وتقوية شبكة المختبرات على مستوى المديريات، والتوسع في استخدام الأجهزة الحديثة مثل جهاز “جين اكسيرت” في المحافظات، وتدريب الكوادر الطبية في القطاع الحكومي والخاص في كل محافظات الجمهورية، وإشراك منظمات المجتمع المدني والجمعيات الخيرية في أنشطة البرنامج، وإجراء الفحوص للفئات الأكثر عرضة للإصابة بالسل، مثل المخالطين للمرضى والنازحين واللاجئين، وفي السجون ومرضى الإيدز، وتوفير الأدوية الكافية للمرضى لكل الفئات والمحافظات، وخصوصاً تلك التي تواجه مشكلة الحرب، واكتشاف وعلاج 70 في المئة من حالات السل المقاوم للأدوية المتوقع حدوثها في عام 2022.
ويقترح عياش تقوية القدرات الفنية والإدارية لبرنامج مكافحة السل على المستوى المركزي ومستوى المحافظات، بواسطة تقوية نظام الرصد والتقويم، وتطوير البحوث العلمية في مجال السل، وتوفير المعدات والإمكانات اللازمة لتطوير العمل، وإعطاء اهتماماً أكبر للمناطق التي تعاني الحرب، وتقديم كل الخدمات الأساسية لمنع انتشار مرض السل فيها.
“كوفيد-19”
يشير عياش إلى أن انتشار “كوفيد-19” أثر سلباً في نشاط برنامج مكافحة السل، من خلال توقف عدد من المرافق الصحية عن العمل، وعدم مزاولة العاملين الصحيين لأعمالهم بسبب الحظر، وتخوفهم من العمل نظراً لقلة توفر وسائل الوقاية وقلة عدد المرضى المترددين على المرافق الصحية بسبب الحظر، وكل ذلك أدى إلى ضعف معدل اكتشاف حالات السل، وخصوصاً في الربع الثاني من 2020.