كفاح يمني نبيل لصنع فرحة العيد
إفتخار عبده
متعبة تلك التفاصيل التي لا يستطيع أحد نسيانها التي تملأ الأجواء من حول الإنسان، هنا في هذه المدينة الجميلة التي منذ أن وجدت على الأرض ودبت فيها الحياة لا تعرف شيئا غير الكفاح، غير التعب والجهد للحصول على مقومات الحياة الكريمة، كم يحاول الناس هنا تناسي هذه التفاصيل المتعبة المتمثلة بأوجاع الحرب من فقد وعذاب، يحاولون جاهدين ولو كان ذلك على حساب حياتهم، يحاولون صنع الفرحة من اللاشي ويبذلون لذلك كل ما بوسعهم فقط ليسعدوا ويفرحوا، وهاهوالشهر الكريم يوشك على الانقضاء وتبدأ مع ذلك بشارات العيد تظهر في الأحياء، الأجواء تتغير من الأجواء الرمضانية إلى أجواء العيد المفعمة بالفرح والسرور، “آنستنا ياعيد” تلك هي المقولة الشهيرة والأغنية الفريدة التي ما إن تدق طبلة الأذن حتى يوحى إليك أن العيد قادم على الأبواب وأن الوقت قد اقترب كثيرًا.
ماذا يريد العيد العيد منا نحن الذين غرقنا بالهم وامتلأت حياتنا بالأوجاع فلم يبق في قلوبنا محل وخز إبرة إلا وأثخن بالأوجاع الويلات، أتعبتنا ياعيد هكذا يقول البعض: ينبغي تغير هذه الجملة من آنستنا ياعيد إلى أتعبتنا ياعيد فقد قيلت تلك القصيدة في الزمن الجميل أيام ما كان الرجل يقوم بشراء ملابس أولاده بسعر قليل لا يثقل كاهله، أيام ما كان المرء يملأ بيته من كل ما لذ وطاب لأجل العيد، أيام يلتم فيها الأهل والأحباب ولا أحد يشكو من الفقد والحرمان ولا سجين غائب عن أهله سنوات ولا مخفي لا يعلم أحد عنه شيئا ولا جريح يأن في زاويا البيت، كل هذه الأوجاع كانت وقتذاك في أدراج الغياب.
تلك الأيام كان الوجع فيها صغيرًا يعاني من قصور في النمو وكان للفرح وللعيد طعم جميل، أما الآن فالمرء مثقل بالأوجاع والمصائب والويلات، مصاب بالعجز الشديد، لا يستطيع شراء كسوة العيد لطفلين فقط فالأسعار في ارتفاع كبير والتجار يزداد جشعهم كلما اقترب عهد العيد كأن هذه الفرصة لن تعود لهم أبدا فينبغي عليهم انتهاز ذلك وإن كان على حساب المواطن المتعب الذي تتلاعب به الأوجاع وتودي به من عناء إلى آخر.
فرحة كبرى تعلو وجوه الأطفال فهم الوحيدون الذين يعدون الأيام والليالي منتظرين موعد العيد لكي يلبسوا الجديد ويلعبوا بالألعاب ويجمعوا ما استطاعوا من هدايا وقتذاك بالإضافة إلى أكل الحلوى والتنزه في الأماكن التي تحلو لهم، فالعيد بالنسبة لهم موسم للفرح الكبير موسم للبهجة وإدخال السرور إلى القلوب.
يريدون الحصول على الأشياء التي يحتاجونها لإسعاد ذواتهم دون أن ينظروا للواقع المعاش؛ لأنهم لم يعرفوا بعد معنى الكفاح فأباؤهم يتعبون كثيرًا لكي يسعدوا ولا يرون العذاب، ولهذا فهم الوحيدون الذين يُشعرون أهلهم بنوع من الفرح عند رؤيتهم فرحين مسرورين فلا يسعهم وقتذاك إلى مشاركتهم فرحتهم تلك بقليل من الابتسام ومحاولة منهم تناسي الهموم واستقبال العيد بفرحة ولو كانت مصطنعة تظهر للناظرين على أن من يحملها يحمل إلى جوارها الهم الكبير.
يستقبل الناس العيد هذا العام محاولين تناسي الأوجاع ولو لفترة قصيرة من الزمن ولو ليوم واحد فقط وكم يعملون جاهدين لأجل ذلك.