لنشرق أو لنغرب لا حضارة للمسلمين إلا في هذا الدين “الإسلام”، الذي كان ولا يزال ملهمهم الأول. لنشرق أو لنغرب لا حضارة للمسلمين إلا في هذا الدين “الإسلام”، الذي كان ولا يزال ملهمهم الأول.
إلا أن تقديمه مجزأ مفككا كأي مواد تدريسية جافة كما تقررت علوم الدين في التاريخ، والحرص على إبعاد الفلسفة عنه والتي وحدها من يمكنها اكتشاف غاياته ومقاصده الكلية، سيبقى كأي كنز لا يستفاد منه على أكمل وجه. فالعربة مفككة الأجزاء قد تحتفظ بقيمتها إلا أنه لا يستفاد منها كما ينبغي.
فالإسلام كما أفهمه أنا لا يمكن تعريفه في اتجاه معين إلا القول إنه حياة، منهاجا وسلوكا، لا منهاج فقط أو مدونة سلوك فقط، حيث يلتقي الله والإنسان في تجانس بديع لا تعارض فيما هو إلهي وما هو بشري.
هو أكبر من أن يكون مجرد طقوس وعبادات، أو لاهوت في تصورات الله والإنسان والوجود، أو تشريعات جافة لتنظيم الحلال والحرام، أو حتى الاجتهاد لاكتشافه كنظرية فلسفية مجردة للحياة.
صحيح أنه أكثر بساطة من المدارس الفلسفية المادية في فهمه للإنسان والوجود، إلا أنه أكثر عمقا وواقعيه منهما في ذلك الفهم، وفيما يقدمه من نصائح مباشرة للإنسان، والتي تهتم وبشكل أكبر لإصلاح النفس “الفرد والمجموع” كمحل لإرادة أفعالهما وتصوراتهما عن الوجود، لا التقرير عنهما بشأن النظرية أو الطريقة المثلى للحياة.
والنفس هنا كما أقصدها أنا هي حاصل مدخلات القلب والعقل عبر الإرادة “الضمير”.
لكل أمة تجربتها الخاصة، فإن كانت المدارس الفلسفية الغربية هي نتاج لتجارب الأوروبيين “المسيحين” وتحولاتهم الاجتماعية والسياسية والفكرية، وفي عمقها الموقف من الدين المسيحي التاريخي، مع أو ضد، حيث الضد نفسه ليس إلا على الضد من ذلك الدين.
فإن فلسفة إسلامية هي الأنسب لفهم أعمق للمجتمع الاسلامي وأمراضه التاريخية والراهنة، والتي يتضح أن الدين أو التصورات عنه بالأصح ما تزال هي من تشكل محور الارتكاز لأغلب تلك الامراض والعلل.