فشلت الدبلوماسية والمؤتمرات في حل الكثير من القضايا التي نمر بها في محيطنا الإقليمي، وأصبح من العسير ترويض بيئتنا الإقليمية دون اللجوء إلى الحلول العسكرية كآخر الإجراءات السياسية في العلاقات الدولية.
فشلت الدبلوماسية والمؤتمرات في حل الكثير من القضايا التي نمر بها في محيطنا الإقليمي، وأصبح من العسير ترويض بيئتنا الإقليمية دون اللجوء إلى الحلول العسكرية كآخر الإجراءات السياسية في العلاقات الدولية.
وكما سبق وأشرنا هناك وفرة موارد ووفرة بشرية ووفرة في الدين في محيطنا، فوجدت الدول الكبرى أن حفظ مصالحها يتطلب استنزاف هذه الوفرات عبر العود للحل العسكري وإقامة الهياكل العسكرية بالوكالة أو بالشراكة أو مباشرة. ومن تلك الهياكل مبادرة اسطنبول للتعاون بين الناتو وبعض دول الخليج.
ومنذ البداية أوضح الناتو أن شراكتنا معهم لن تنتهي بالعضوية في الحلف. كما أوضح أنه يفضل أن يتعامل مع دول الخليج بشكل منفرد، فهو هيكل تعاون مزود بالأمن الناعم Provider Soft Security كالتبادل الاستخباري والتدريب والاستشارات، مما بدد الوهم بالجدوى الاستراتيجية للمبادرة.
ثم عقد اجتماع الحلف في 16 ديسمبر 2015 مع دول الخليج حيث حضرناه ضمن المجموعة الاستشارية للمبادرة فوجدنا أن الناتو في نسخته المتداولة في الخليج غير نسخة حلف شمال الأطلسي الأوروبية، وهو تقييم نتج عن الوقائع التالية:
– لم يتعامل الحلف مع الخليجيين ككتلة واحدة، فضيع فرصة الحصول على رؤية خليجية موحدة، فكيف يجيز الناتو لنفسه أن يكون منظمة واحدة بــ28 دولة ولا يجيز لنا ذلك ونحن 6 دول فحسب!
– فشلت المبادرة بضم السعودية وعمان رغم أن لهما %70 من قوة التسلح الخليجية، لقصور فهم الحلف لدور الرياض في منظومة أمن الخليج كعمقه الاستراتيجي، وفهم جدوى النافذة العمانية على إيران.
– رفض بعض الأعضاء بالناتو التقرب من الخليج ما زال يحكم التعامل معنا، وهناك تنافس مرير بين أعضاء الحلف حيال عقود التسلح والطاقة والمشاريع النووية فشكل ذلك أبواب التعاون الذي يخدمهم.
– أعلن الحلف نفسه مزودا بالأمن الناعم، فانعكست الآية وزودناهم بالمعلومات عن الإرهاب, ودربنا رجالهم واستفادوا من استشاراتنا. بل تحولنا إلى مزود بالأمن الخشن Hard security Provider الذي تهربوا منه، فشاركناهم عسكريا في ليبيا وأفغانستان، ولم يشاركونا بموقف عسكري مواز، ولم نتفق على العدو المشترك إلا بكلمات عامة كالإرهاب والتطرف.
وليكون الحلف قيمة مضافة لأمن الكويت والخليج العربي نقترح:
– وقفة تقييمة للسنوات العشر الماضية، وترقية التعاون Upgrade ابتداء من تغيير اسم الهيكل الحالي الذي يجردنا من خليجيتنا التي توحدنا ويتحاشى ذكر الناتو.
– فليتجاوز الحلف وضعه كمؤسسة لإدارة الأمن Security Management Institution ومنصة للمفاوضات وتحليل السياسات، ولتكن القيادة العسكرية الخليجية الموحدة قناة التواصل لهيكل أمني موحد وفعال.
– تشبه الاستدارة الأميركية عن الخليج انسحاب بريطانيا 1970 حين حلت واشنطن محلها، وهي فرصة ليقوم الناتو بأخذ مواقع الأميركان، فالبنية الأساسية لتواجد الناتو متوفرة في أبوظبي والبحرين. كما وفرت الكويت مكانا للتدريب.
لقد قيل إن نهاية الحرب الباردة قد جعلت حلف الأطلسي بدون مهمة Missionless، فأخذ في جمع الأعضاء الجدد لعل التحديات التي تواجههم تصنع له مهمة تحول دون تفككه. ونحن في الخليج جزء من بيئة «مشاغبة»، فليأخذ الناتو التحديات التي تواجهنا وليخلق منها مهمة بدل خلق الانطباع بالأمن الزائف في الخليج.
العرب القطرية