خلال الانتخابات الأمريكية الأخيرة كان ملف اليمن حاضراً في البرنامج الانتخابي للرئيس بايدن وكذلك في خطابه الرئاسي بعد فوزه، بالتأكيد على ضرورة إنهاء الحرب وإحلال السلام بعملية سياسية، ولتأكيد الاهتمام تم تعيين مبعوث أمريكي إلى اليمن، إضافة للمبعوث الأممي، وخلال الحديث عن الملف اليمني أثناء الانتخابات وبعدها لم يكن خافياً على المتابعين تلك التلميحات الظاهرة والمبطنة للسيد بايدن والإعلام الداعم له، التي تلقي بمسؤولية الحرب أو المشكلة اليمنية بكل جوانبها وتبعاتها على المملكة وتحملها وحدها مسؤوليتها، في تجاهل متعمد للأسباب الحقيقية للمشكلة، ولكل المبادرات التي رعتها المملكة للحوار بين الأطراف اليمنية للوصول إلى حل سياسي سلمي للمشكلة منذ بدايتها.
الآن، وبعد إطلاق إدارة بايدن يد الحوثيين برفعهم من قائمة المنظمات الإرهابية، وإصابتهم بحالة سعار بتصعيد هجماتهم على المملكة نتيجة ذلك، ورغم تقليم مخالبهم في جبهات عديدة من قبل الجيش اليمني المدعوم بالتحالف، قدمت المملكة مبادرتها الجديدة لحلحلة الوضع المتأزم عبر حزمة من البنود تمهد لتفاهمات سياسية تؤدي للوصول إلى نهاية تنقذ اليمن من أوضاعه المتردية. وقد رحبت الحكومة الشرعية والأمم المتحدة ودول كثيرة منها أمريكا بالمبادرة، لكن الحوثيين بادروا إلى رفضها فور إعلانها.
هنا لا بد أن نقول ما فائدة الترحيب الدولي وخصوصا الأمريكي بالمبادرة عندما ترفضها المليشيا الحوثية. بل لا بد من سؤال الرئيس بايدن تحديداً ألم تكن تريد حلاً سلمياً للمشكلة اليمنية، وتتحدث بالغمز واللمز عن دور أو مسؤولية المملكة عن ذلك، رغم ما في هذا من تجاهل كبير للحقائق المرتبطة بأسباب المشكلة والطرف الذي يتحمل المسؤولية الرئيسية. ها هي المملكة تقدم مبادرتها من منطلق الحرص المتواصل والأكيد على سلامة اليمن وشعبه ومستقبله، واستمرارها في تقديم كل ما هو ممكن للوصول إلى هذه الغاية، لكن الحوثيين رفضوا المبادرة منذ لحظة إعلانها، فما هو موقفكم إزاء هذا الصلف والاستهتار والتحدي.
أنت تعرف يا فخامة الرئيس أن العقدة الأساسية لكل محاولات الحلول السلمية في اليمن هي إيران، الوصية على الحوثيين التي تملي عليهم مواقفهم، إيران التي تتوددون لها الآن من أجل الملف النووي بينما هي تمارس معكم التمرد وترفع منسوب همجيتها وتخريبها في المنطقة، فأي سلام يمكن تحقيقه في اليمن وهي من تملك القرار وتمليه على الحوثيين. المملكة تصرفت بمسؤولية أخلاقية وشجاعة كدولة حريصة على اليمن الشقيق وقدمت هذه المبادرة الجديدة، وطالما فخامتكم قلق على اليمن فماذا أنتم فاعلون إزاء الرفض الحوثي/ الإيراني.
*نشرت أولاً في “عكاظ” السعودية