“حرض” اليمنية.. مدينة برائحة البارود
كانت مدينة “حرض”، شمالي اليمن، تسمى قديماً “المدينة التي لا تنام”، لكن الحرب الدائرة منذ أشهر في عموم مناطق البلاد، وتشتد وتيرتها في أجزائها الشمالية، حولتها إلى ما يشبه البيت المهجور، إذ نزح كل سكانها في القرى المجاورة، تاركين كل شيء خلف ظهورهم. يمن مونيتور/ حرض/ وحدة التقارير
كانت مدينة “حرض”، شمالي اليمن، تسمى قديماً “المدينة التي لا تنام”، لكن الحرب الدائرة منذ أشهر في عموم مناطق البلاد، وتشتد وتيرتها في أجزائها الشمالية، حولتها إلى ما يشبه البيت المهجور، إذ نزح كل سكانها في القرى المجاورة، تاركين كل شيء خلف ظهورهم.
قيل إن تسميتها بـ”المدينة التي لا تنام”، جاءت بحكم موقعها الجغرافي المتميز والواقع على الخط الدولي مع المملكة العربية السعودية، لكن الحرب حولتها إلى مدينة أشباح، تفتقر إلى أدنى مقومات الحياة.
تتبع حرض ادارياً محافظة حجة، شمالي اليمن، وتعتبر ثاني أكبر المديريات من حيث عدد سكانها الذي بلغ 93523 نسمة، حسب التعداد السكاني في عام 2004، وهي لا تبعد عن الحدود السعودية سوى بضعة كيلو مترات.
صباح الأحد الماضي، تمكن مراسل “يمن مونيتور” من دخول المدينة، بعد أن اجتاز العديد من نقاط التفتيش التي نصبها الحوثيون في الطريق، حولوا معها “حرض” إلى منطقة عسكرية معزولة، ومنعوا دخول الناس إليها.
الخراب طال كل شيء، الأبنية، الفنادق، المزارع، المحال التجارية، والشارع العام الذي بدا خالياً تماماً من المارة.
تستقبلك رائحة البارود وغبار الغارات الجوية وحطام الأبنية، تحولت بفعله مدينة “حرض” إلى بقايا مدينة، خالية إلا من عناصر الحوثي وآلياتهم العسكرية المنتشرة في أغلب الأماكن.
لا يسمح للمواطنين بالاقتراب من المدينة، ولا أحد يجرؤ على ذلك بسبب اشتداد المواجهات والقصف المتبادل.
يطالب الحوثيون الصحفيين بنقل الحقيقة، كما هي، ويصفون الصحفيين أنهم كاذبين ولا ينقلون الوقائع كما هي، في إشارة إلى الأخبار التي تتناقلها بعض وسائل الإعلام منذ أيام بشأن سيطرة قوات الشرعية والتحالف على حرض.
نشر الحوثيون نقاطهم الأمنية على طول الطريق، رغم ان المدينة باتت منطقة عسكرية معزولة لا يجرؤ السكان على الاقتراب منها.
أصوات المدافع والاشتباكات لا تكاد تتوقف باتجاه جمارك حرض، وتعرضت المنطقة لقصف الطيران أثناء تجوالنا هناك، نجونا من الموت بأعجوبة؛ الحوثيون يمتلكون قدرات فائقة على الاختباء والتمويه، وهم من ساعدونا على ذلك، ريثما تهدأ الغارات والقصف.
منفذ حرض، الذي كان يعتبر من أكبر المنافذ اليمنية، حولته الحرب الدائرة هناك منذ أشهر إلى خرابة، وتعرض غير مرة للقصف المدفعي والجوي الذي يستهدف مسلحي الحوثي المتحصنين بداخله.
مواجهات عنيفة تجري في “تبة البلبلة” الحدودية في محاولة من قوات التحالف التقدم نحو مدينة حرض يقابلها استماتة من الحوثيين في رد أي تقدم بالمنطقة.
عمار الجرب، أحد الذين يسمون أنفسهم بـ”المجاهدين”، يقول إنه وصل من مديرية عبس كي يتأكد أن حرض ما تزال في قبضة الجيش واللجان الشعبية (مسلحون موالون للحوثي)، وأن ما يشاع من أن التحالف دخلها هي مجرد “حرب إعلامية”.
يضيف لـ”يمن مونيتور”، “نحن صامدون، وسنقدم دماءنا رخيصة في سبيل الوطن” حد قوله.
ثلاثة مسلحين أحدهم يرتدي زياً عسكرياً لكن يبدو من هيئته أنه لم يسبق له أن كان مجنداً نظامياً من قبل، بدأوا يتهجمون على وسائل الإعلام التي قالوا إنها “مضللة وتنشر الدعايات والمزاعم الكاذبة”، لكن أحدهم وافق للتحدث لنا.
يقول، وهو يسمي نفسه “أحد المجاهدين”، “نحن حاضرون صامدون وسنواجه بكل ما استطعنا، وسنقدم دماءنا رخيصة في سبيل الله والوطن، من أجل الحربة والعدالة والكرامة”.
ويسود توتر كبير مدينة “حرض” الحدودية شمالي اليمن، يصاحبه تبادل مدفعي وصاروخي بين قوات التحالف العربي ومسلحي الحوثي.
وتدور أغلب المعارك في منطقة جمارك حرض اليمنية، المحاذية لمنفذ الطوال السعودي، الذي تتجمع فيه قوات من الجيش اليمني الموالي للشرعية مسنودة بقوات من التحالف العربي، فيما يحشد الحوثيون قواتهم على الجانب الآخر، وفي الجبال المطلة على المنطقة.
ومنذ أيام اندلعت اشتباكات بين الطرفين، وصفت بأنها الأعنف في مناطق الحدود، تبادل الطرفان خلالها إطلاق نار كثيف بالمدفعية الثقيلة وصواريخ الكاتيوشا”، إضافة إلى القصف الجوي والبحري الذي تنفذه مقاتلات التحالف العربي وسفنه الحربية.
ومنذ مارس/ آذار الماضي، تشهد مناطق الحدود بين اليمن والسعودية قصفاً متبادلاً بين التحالف العربي بقيادة السعودية والحوثيين وقوات عسكرية موالية للرئيس السابق، راح ضحيتها المئات، فيما نزح سكان القرى الحدودية بعيداً عن مسرح المواجهات.