كتابات خاصة

ابشروا بعزّ عدن!

عدن المدينة التي ظلمت كثيرا، ولا تنتظر اعتذار، فالتاريخ ينصفها، في صفحاته دون حكاياتها، روايات تتداولها الأجيال، جميلة عشقها القهر والكمد، بسنين من الاقصاء والتهميش، من قهر الإنسان، ومقولة أحد الباعة في هون كونج (سعر القلم هذا لن تجده حتى في عدن)، انظر لهون كونج، وحال عدن اليوم، الفرق بينهما بسيط ببساطة، كلمة الكفاءة والحماقة، حماقة أثقلت كاهل عدن وابنائها.

عدن خلقها الله، لتتوسط العالم، بموقع و ساحل وميناء، تحرسها سلسلة جبال شمسان وقلعة صيرة، ونحتت يد الانسان صهريج الطويلة، لتكن خيرا للبشرية، وحضنا دافئا لكل الأعراق والأطياف والعقائد، تشكل فسيفساء متلألئة تنتشر أشعته لتضيء الجزيرة، بكل احراشها و هضابها وصحاريها وجزرها، قال لي صديقي الذي ترك والده عدن ما بعد الاستقلال  (ثائر عدني من جبهة التحرير)، وعاش في الكويت، ان الكويت تستقبل القادم من عدن بشغف، ماذا تحتوي حقيبة سفره من جديد العالم، وكانت أول سفينة تجارية رست على سواحل الكويت، ويحتفظون بها في متاحفهم الوطني، صنعت في عدن، و اشتراها تاجر كويتي، هذه هي عدن، التي رفدت دول جزيرة العرب بكوادر من أبنائها الذين طردوا من مسقط رأسهم ، وتم تسريحهم بقرار جماعي، واستطاعوا ان ينهضوا بخبراتهم وملكاتهم صحاري قاحلة واحراش، اليوم اجمل مدن الجزيرة.

تجمد الزمن في عدن، ببرودة الفكر الواحد، وهشاشة استيراد هذا الفكر وغرسه في بيئة ليست بيئته، حتى وان كان الفكر يحمل معنى جميل، فلم يستوعبه العقل القادم من هضاب العصبية وصحاري البدو والرحل، فكر لم يثمر بدون عقل وكادر وخبرات وكفاءات، غير صراعات وغثاء تلاشى في لحظة سقوط المركز.

صبرت عدن واحتملت كل عيوب الجهل والتخلف والعصبية وونكران الجميل، نكران ان أهلها وناسها، بعقولهم المتنورة، صالوا وجالوا في بقاع الأرض الوعرة، وانعدام سبل الحياة فيها، ليقدموا علم ومعرفة، ونور والتنوير، واليوم تجازى بالتجهيل والتعطيل.

صبرت عدن على امل انها منطقة حرة، ليعود الزمن وتعود عدن، منطقة حرة تنافس بقوة موقعها ومينائها وسواحلها الغنية بالثروة السمكية، فجن جنون اعدائها رعاة الإبل، جنون يفضح زيف ما صنعوه بديلا لعدن، وينجذب نحوها العالم، وهذا ما يهدد مصالح ذلك الزيف، امنيتهم ان تبقى عدن في سبات، ولازالت تقاوم السبات وأدواته العفنة.

أبت عدن إلى ان تكون منبر للنضال السلمي، منبر تنوير للعقول، من عدن ثار الشرفاء، قالوا لكل العالم ولأبنائها المكلومين والمطرودين.. بشروا أبنائكم بعز عدن، وما مضى من عبث وحروب وصراعات هي اخر الألم، وستنطلق من عدن ثورة تنهض باليمن، وتقتلع قلاع الاستبداد في المنطقة والاقليم، من عدن ستكون بداية الحياة الجديدة، حياة الحب والخير والحرية والسلام والإنصاف، سينعم الثكالى والايتام بعز عدن، وينعم أهلها ومحيطها بعز مينائها وموقعها الاستراتيجي وسواحلها الجذابة، شعرت عدن بإحساس العز باقتلاع لوحة شركة دبي، لتنتهي صفقة الغدر، وبيعة دبرت في ظلام حالك، شعور تحطيم القيد وتحرر من الارتهان والتبعية.

ولازالت عدن تصارع، صناعة قيود من أبنائها ومحيطها، تصارع التحرر والاستقلال، من خبث دسائس الإقليم ومؤامرة الاشقاء، وغباء الاهل والاقارب، أدوات التدمير والتعطيل، تحطم قيود الاجندات، رغم حجم المؤامرة وادواتها، حجم الشحن والتحريض والمزايدة، حجم الأموال التي تنثر، تشتري النفوس الضعيف، وتغزوا الضمائر، وتخدر العقول بالأوهام، وهي تعمل ليل ونهار دون كلل في دس السم والفتن بين قبائل محيط عدن، فخخت عدن بكل أنواع الأسلحة و واشكال المليشيات، بل دعمت حتى اللصوص والقتلة والناهبين والباسطين، لتكن منصة لحروب عبثية،حتى لا يبقى في عدن متنفس اقتصادي وسياسي، وبيئة صالحه للاستثمار, وعودة عزها وخيرها لأبنائها وأهلها وناسها، لتبقى عدن تتوسل راتب، وديزل وبترول، وشربة ماء نظيفة، وحياة كريمة، وتهلل وتشكر الجلاد، تعبد الاصنام، وفيها اقزام يتراشقون بالسلاح والمقذوفات من اجل ارض سكني تجاري، وتعطيل ما يمكن تعطيله من تعليم وأدوات العدالة،حتى لا تنهض عدن، ولازال النضال يتواصل، وستنتصر عدن على كل حثالة في هذا الزمن ، صبرا يا عدن عزك قادم، بأبنائك الشرفاء، وهم يهتفون لك في الساحات والشوارع اليوم، ستعود عدن، وتعود لها روح الدولة، والالق والحياة، والخير ويعود ثغرها باسم .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى