معهد دراسات “إسرائيلي”: رغم الجمود أربعة عوامل ستغير قواعد اللعبة في الحرب اليمنية
يمن مونيتور/ ترجمة خاصة:
نشر “معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي” (INSS) تحليلاً جديداً عن الحرب في اليمن وقال إنه وعلى الرغم من الجمود منذ عامين فإن أربعة عوامل رئيسية ستغير قواعد اللعبة.
وقال المعهد التابع للاحتلال الإسرائيلي إنه وبالرغم من الجمود الظاهر في النزاع في اليمن، فهو لا يزال عرضة للتغييرات في اللعبة والتي يمكن أن تغير الديناميكيات ومسار الحرب في نهاية المطاف.
والتحليل يشرح الاتجاهات الحالية في المسرح اليمني والتي قد تستمر في المستقبل المنظور من وجهة نظر “إسرائيلية”، كاشفاً عن المخاوف الإسرائيلية في تغير قواعد اللعبة في البلاد لصالح الحوثيين وإيران، وتأثيره على الاحتلال الإسرائيلي للأفضل أو للأسوأ.
إنهاء السعودية للحملة
وقال المعهد الصهيوني إن العامل الأول يتمثل في “إنهاء السعودية للحملة ضد الحوثيين” في اليمن، نظراً لتكاليف الحرب الباهظة التي تنفقها السعودية في الأرواح والأموال والسمعة.
وأضاف: قد يقرر ولي العهد السعودي الأمير “محمد بن سلمان” أن عام 2021 يعد وقتا مناسبا لتقليص تدخل الرياض في اليمن بدلاً من اتخاذ هذه الخطوة بشكل متأخر أي بعد أن تسبب قضية اليمن ضررا بالفعل للعلاقات مع إدارة “بايدن”. ولذلك قد تستبق الرياض الاشتباك مع واشنطن وتقرر تعزيز التعاون مع البيت الأبيض من خلال إنهاء الحملة وتقديم إنجاز مبكر لفريق “بايدن”.
وتابع: قد يتم اتخاذ القرار السعودي مقابل وعد أمريكي بمساعدة السعوديين في الدفاع ضد الضربات الصاروخية والطائرات المسيرة التي يطلقها الحوثيون. وستخلق هذه السلسلة من الأحداث التي تبلغ ذروتها بانسحاب الرياض فراغًا في القوة ومن المرجح أن تكون بداية مرحلة جديدة من الحرب اليمنية بدلاً من أن تؤدي إلى نهاية الصراع.
ويشير معهد الدراسات الصهيوني إلى أنه “لأكثر من عامين، لم يحقق التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن مكاسب عسكرية أو دبلوماسية كبيرة؛ وتظهر خطوط المعركة الحالية تقريبًا سيطرة التحالف على ما كان جنوب اليمن قبل عام 1990 وسيطرة الحوثيين على ما كان شمال اليمن قبل عام 1990. وحاليا، يجري معظم القتال بين قوات التحالف والحوثيين في محافظة مأرب الغنية بالطاقة والتي تعد آخر موطئ قدم للتحالف في شمال اليمن”.
وبالرغم من تراجع الفائدة من حملتها العسكرية في السنوات الأخيرة، لا تزال الرياض غير مستعدة للانسحاب تحت ضغط هجمات الحوثيين على البنية التحتية السعودية باستخدام طائرات بدون طيار متطورة وصواريخ دقيقة قدمتها إيران. وفي محاولة لوقف تصعيد الصراع، تحولت السعودية من استراتيجية “بدء القصف” إلى استراتيجية “رد الفعل” على هجمات الحوثيين.
انهيار اتفاق الرياض
العامل الثاني كما يقول المعهد “الإسرائيلي”: يمكن أن ينهار اتفاق الرياض، بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي، مع عودة الاشتباكات المسلحة بين الجانبين. وفي هذه الحالة، يمكننا أن نرى إعادة تشكيل شبكة التحالفات والعداوات داخل اليمن.
وبالرغم أن بعض عمليات إعادة الاصطفاف قد تبدو غير واردة الآن، فقد قيل نفس الشيء عن تعاون الرئيس الراحل “علي عبدالله صالح” مع الحوثيين بعد إجباره على ترك منصبه في عام 2012، بالرغم من أنه خاض ستة حروب ضدهم بين 2004 إلى 2010.
وقد يؤدي التقدم الأخير في تنفيذ اتفاق الرياض لعام 2019، والذي يهدف إلى تحقيق التوازن بين القوة السياسية والعسكرية للحكومة المركزية في مواجهة المجلس الانتقالي الجنوبي، إلى درء الانهيار الداخلي للتحالف المناهض للحوثيين بقيادة السعودية في الوقت الحالي. ومع ذلك، لم يتم حل التوترات بين أطراف الاتفاقية بشكل جذري، ما يعني أنها عرضة للظهور مرة أخرى عاجلاً أم آجلاً.
ويشير المعهد إلى العامل الثالث بالقول إن الحوثيين قد يسعون “إلى زيادة شعبيتهم المتدنية من خلال هجوم على الأصول الإسرائيلية أو على إسرائيل نفسها. ولم يثبت الحوثيون حتى الآن أنهم يمتلكون أسلحة قادرة على الوصول إلى اسرائيل (حوالي 1800 كيلومتر من اليمن)، رغم أنهم نجحوا في ضرب مطار دبي بطائرة بدون طيار متفجرة، مما أظهر القدرة على إصابة هدف على بعد 1450 كيلومترًا تقريبًا.”
التأثير الإيراني
ولفت إلى تقرير حديث لمجلة “نيوزويك” الأمريكية كشف أن إيران زودت الحوثيين بطائرات بدون طيار متفجرة تشبه تلك المستخدمة في هجمات سبتمبر/أيلول 2019 على منشآت “أرامكو” السعودية في خريص وبقيق، والتي يبلغ مداها 2000 إلى 2200 كيلومتر. وقد تزامن هذا مع نشر إسرائيل لبطاريات دفاع صاروخي في إيلات للدفاع ضد هجمات محتملة من الحوثيين. وفي حين أن استهداف حركة النقل البحري من وإلى إسرائيل على طول مضيق باب المندب قد يبدو أبسط، فقد يكون الحوثيون مقيدين من قبل رعاتهم الإيرانيين، لأن التدخل المفرط في التجارة البحرية قد يعقد علاقات طهران مع بكين.
وأشار إلى أن أقدام الحوثيين ترسخت أكثر في “محور المقاومة” الذي تقوده إيران. وتشمل بعض المؤشرات على هذا الاتجاه استمرار الكشف عن أنظمة أسلحة جديدة قدمتها إيران، وآخرها صاروخ “قدس-2” الذي استخدم لضرب منشأة “أرامكو” في جدة، وكذلك وصول سفير إيراني إلى الحوثيين في صنعاء كما أصبح للحوثيين سفير في دمشق.
وبالإضافة إلى ذلك، أبدى الحوثيون اهتمامًا بلعب دور في السياسة الإقليمية إلى جانب المحور الذي تقوده إيران عندما عرضوا إطلاق سراح الأسرى السعوديين مقابل إطلاق السعوديين سراح سجناء حماس. وقد ينذر دور موسع في “محور المقاومة” بتحول الحوثيين بعيدًا عن التحالفات المتقلبة سعياً وراء المصالح المحلية باتجاه نهج أوسع وأكثر إيديولوجية، مما قد يجعل التوصل إلى حل سياسي للصراع أكثر صعوبة.
العامل الرابع -يقول التحليل- إنه وبعد “تحقيق نجاح عسكري كبير من خلال الاستخدام الفعال للطائرات بدون طيار من ليبيا إلى سوريا إلى أذربيجان، قد تقرر تركيا أن المشاركة الأكبر في اليمن يمكن أن توفر لها النفوذ الذي تريده تجاه دول الخليج وكذلك فرص لتوسيع وجودها حول البحر الأحمر والقرن الأفريقي”.
ويشير “معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي” إلى أن حدوث أياً من تلك العوامل ستكون له تداعيات قد تغير قواعد اللعبة أي تغيير التحالفات و/أو موازين القوى في اليمن. ومن الصعب تصور مدى الدقة التي ستحدث بها هذه التغييرات بالنظر إلى الطبيعة المتغيرة للعلاقات في اليمن، ولكن في السيناريوهات التي تنطوي على إضعاف التحالف الذي تقوده السعودية (إما بسبب الانقسامات الداخلية أو سحب الدعم)، من المفترض أن تكون قوات الحوثي المدعومة من إيران المستفيد الرئيسي.
ومع ذلك قد تتسبب هذه العوامل في تغيير قواعد اللعبة بطرق مختلفة، فعلى سبيل المثال، قد يؤدي الانسحاب السعودي إلى بحث الحوثيين عن أعداء جدد لمواصلة “المقاومة”.
استمرارية الأزمة
وفي حين أن الأشهر المقبلة قد تشي بالاستمرارية أكثر من التغيير في اليمن، فمن الجدير أن نتذكر كلمات عالم المستقبليات “هيرمان كاهن” التي تقول إن “المستقبل الذي يبدو أكثر احتمالا قد لا يكون كذلك”.
وتابع: “في حين أن الولايات المتحدة ليست لاعبا مباشرًا في الحرب الأهلية اليمنية، فمن المرجح أن يؤثر تغيير الإدارة على الصراع. ومن المتوقع أن تسحب إدارة “بايدن” دعمها للحملة السعودية وتكثف الضغط على الرياض لإنهائها. ولم يتضح بعد ما إذا كان ذلك سيؤدي في النهاية إلى إجبار السعوديين على الانسحاب أو دفعهم لمزيد من التحوط بتعزيز علاقاتها مع ضامني الأمن البديل أو تجاه كلا الخيارين”.
وقال “معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي” إن “الوضع الإنساني الكئيب في اليمن والصراع بين الفصائل المتحاربة لسنوات قادمة، لكن بعض الخصائص المميزة للنزاع يمكن أن تتغير. إن التفكير في المستقبل في الشرق الأوسط، حيث غالبًا ما يتجاوز الواقع الخيال، قد يبدو وكأنه مهمة حمقاء، لكن الفشل في القيام بذلك يزيد من مخاطر الوقوع في مأزق بسبب واقع دائم التغير.”
وتصاعدت الحرب في اليمن منذ عام 2014، عندما سيطر الحوثيون على صنعاء ومعظم محافظات البلاد ما أجبر الرئيس عبد ربه منصور هادي وحكومته، المعترف بها دوليا، على الفرار من العاصمة صنعاء. وفي مارس/أذار2015 تشكل التحالف بقيادة السعودية لدعم الحكومة الشرعية ومنذ ذلك الوقت ينفذ غارات جوية ضد الحوثيين في أكثر من جبهة.
ويشن التحالف غارات جوية بشكل مستمر على مناطق سيطرة الحوثيين، ويطلق الحوثيون في المقابل صواريخ على المملكة العربية السعودية.
وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى مقتل 233 ألف يمني خلال سنوات الحرب. كما تسبب القتال الدائر في البلاد بأسوأ أزمة إنسانية في العالم إذ يحتاج نحو 24 مليون شخص إلى المساعدة الإنسانية أو الحماية، بما في ذلك 10 ملايين شخص يعتمدون على المساعدات الغذائية للبقاء على قيد الحياة.
المصدر الرئيس
Yemen: Stalemated, Unstable, and 4 Potential Game Changers