الأخبار الرئيسيةكتابات خاصة

جنيف..عاصمة السلام والمال

مأرب الورد

هل خطر في بالك يوما هذا السؤال:لماذا تُعقد محادثات السلام وتوقع الاتفاقيات الخاصة بإنهاء الأزمات الدولية في مدينة جنيف السويسرية أكثر من غيرها؟
هل خطر في بالك يوما هذا السؤال:لماذا تُعقد محادثات السلام وتوقع الاتفاقيات الخاصة بإنهاء الأزمات الدولية في مدينة جنيف السويسرية أكثر من غيرها؟
أيا كان جوابك سنتشارك معا الرحلة إلى هذه المدينة عبر هذا المقال الذي حاول كاتبه تعريفك بما يدور بخلدك وأكثر عن جنيف واستغرق من وقته ساعات في القراءة على أمل تقديم معلومات تشبع رغبة القارئ الكريم وهاوي الثقافة ومحب السلام.
تقع جنيف جنوب غربي سويسرا، وتمتد بشكل هلالي حول بحيرة تحمل اسمها، حيث ينبع نهر الرون الذي يصب في جنوب شرق فرنسا، وهي عاصمة إقليم جنيف، وتبلغ مساحتها نحو 16 كيلومترا مربعا.
يبلغ عدد سكان المدينة نحو مائتي ألف نسمة -حسب إحصاء 2015- يمثل المهاجرون منهم نحو 45%، ويشيع استخدام الفرنسية والألمانية والإيطالية.
ويقسمها نهر الرون إلى قسمين، قديم وجديد، يقع القديم جنوب النهر، وبه شوارع ضيقة متعرجة والكثير من المعالم البارزة مثل جامعة جنيف وقاعة المدينة.ويقع الجديد شمال نهر الرون وبه فنادق كبيرة وقصر الأمم المتحدة في أوربا,ويضم مقارا لهيئات ومنظمات عالمية.
وتلقب بعاصمة السلام لاستفادتها من سياسة بلادها الخارجية التي تقوم على مبدأ”الحياد”,ورفض التدخل في أي نزاع أو الاشتراك بعمل عسكري خارج حدودها.
وذاع صيتها بهذه التسمية مع استضافتها مؤتمر توقيع اتفاقية جنيف، التي تضمن حماية حقوق الإنسان في حالات الحرب,فضلا عن استضافتها مؤتمر نزع السلاح عام 1978، ومعاهدة جنيف الخاصة باللاجئين، التي ساعدت الملايين من الرجال والنساء والأطفال الفارين من الاضطهاد والحروب.
وتعد اتفاقية جنيف من أشهر الاتفاقيات في العالم وهي عبارة عن أربع اتفاقيات دولية تمت صياغة الأولى منها سنة 1864 وآخرها سنة1949 تتعلق بحماية حقوق الإنسان في حالة الحرب،وانضمت إليها 190 دولة ما جعلها أكثر الاتفاقيات قبولا, كما نصت الاتفاقية على تأسيس منظمة الصليب الأحمر الدولية.
ولحياد سويسرا الخارجي,توافق كثير من الدول التي تربطها نزاعات مع غيرها بعقد محادثات في جنيف كما تقبل ذلك الجماعات والأحزاب في النزاعات الداخلية لاعتقادها أنها في بلد محايد.
ومن أشهر الاتفاقيات التي وقت مؤخرا في قضية ذات شأن دولي هو اتفاق إيران مع الدول دائمة العضوية بمجلس الأمن زائد ألمانيا والذي يعالج الخلاف على البرنامج النووي الإيراني,ويعد مؤتمر جنيف1 الذي عقد بين ممثلي المعارضة والنظام السوري الإطار المقبول لأي تسوية قادمة بين الطرفين,وسبق أن استضافت محادثات بين الفلسطينيين والمحتلين الاسرائيليين.
وحاليا تتجه أنظار اليمنيين إلى جنيف التي تستضيف منتصف الشهر الجاري مؤتمرا للمرة الثانية بعد المؤتمر الأول الذي عقد منتصف يونيو الماضي بين وفدي الحكومة الشرعية والحوثيين وحزب صالح برعاية أممية,على أمل أن ينجح “جنيف2”,في وضع نهاية سياسية للحرب الدائرة في البلاد.
وعلى الرغم من إعلان المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ فرض التعتيم الإعلامي على مكان انعقاد المحادثات بهدف انجاحها,إلا أنها ستعقد على الأرجح في مقر الأمم المتحدة.
ومن الأسباب التي جعلت المدينة عاصمة أممية للسلام,الأمن الذي تتمتع به والذي جذب العديد من المنظمات الدولية لتتخذ منها مقرا لها,مثل منظمة الأمم المتحدة، ومنظمة الصحة العالمية، ومنظمة التجارة العالمية، ومنظمة الصليب الأحمر، ومنظمة الملكية الفكرية، ومنظمة العمل الدولية، ومنظمة حقوق الإنسان مقرا يتيح لها ممارسة أعمالها بأمان وحيادية.
وتشير بعض الإحصائيات إلى أن المدينة تحتضن 168 بعثة دبلوماسية لدى الأمم المتحدة،يعمل فيها 8500 موظف،وهو ما يمثل أضخم تجمع لموظفين أمميين في العالم أجمع.كما توجد فيها180 منظمة غير حكومية يعمل فيها 2400 شخص, و150 بعثة دولية،يعمل فيها حوالي 42000 دبلوماسي وموظف دولي.
وتستضيف كل عام أكبر عدد من المؤتمرات الدولية والاجتماعات (2700 تقريبا) بعد نيويورك وتستقبل مائتي ألف شخص. إضافة إلى ذلك، تسجّل المدينة 3000 زيارة ذات طابع مهني أو خاص من طرف رؤساء دول ورؤساء حكومات ووزراء.
في المقابل، توفر “جنيف الدولية” مداخيل بحوالي 2،5 مليار فرنك سنويا لفائدة كانتون جنيف. فيما يزيد عدد الشركات المتعددة الجنسيات المُسجلة في جنيف عن 900 توفر نحو 76000 وظيفة.
وبعيدا عن دورها في صناعة السلام العالمي,فالمدينة معروفة مثل غيرها بصناعة الساعات الفاخرة مثل الكوارتز هاته التي تعد إحدى اكسسوارات الموضة في مختلف بقاع العالم وتـُمثل زهاء 90% من إجمالي المبيعات،تليها الساعات الميكانيكية بـ 50% من قيمة صادرات الساعات السويسرية.
وتُعرف أيضا بعاصمة المال ليس لسويسرا فقط ولكن للعالم كله,وسبق أن صنفها البنك الدولي سنة 2000 بأنّها الأغنى على الإطلاق، وقد حصلت إحدى مدنها” زيورخ” لثلاثة أعوام متتالية، على أفضل مدينة للعيش في الكرة الأرضية.
وتمثل مركزا لأهم وأبرز الأحداث والمؤتمرات الاقتصادية في العالم، وذلك فيما يعرف بمنتدى دافوس العالمي، والذي يستضيف من خلال ندواته كل عام أبرز المشاهير والزعماء ذات الثقافة والرؤية الاقتصادية من العالم.
ويرجع ذلك لتمركز العديد من المؤسسات المالية والبنوك العالمية بها، هذا إلى جانب العديد من المنظمات العالمية التي اتخذت من سويسرا مركزاً رئيسياً لها،بالإضافة إلى سرية النظام المصرفي بها الذي يسمح للبنوك بالحفاظ على سرية المعلومات حول عملائها عن طريق استعمال طرق عديدة منها الأرقام للحسابات المصرفية بدلا من أسماء المودعين الحقيقية.
ومن يزور المدينة لن يفوته السير في الشارع الكبير الذي يضم المكان الذي ولد فيه الفيلسوف والعالم السياسي جان جاك روسو،وسيقصد ساعة الورود الكبرى،وهي أكبر ساعة للورود في الحديقة الإنجليزية ورمز مشهور على المستوى العالمي لصناعة الساعات في جنيف.
ومن الناحية الثقافية,يؤدي الفنانون العالميون عروضهم في المسرح الكبير وفي دار أوبرا جنيف،حيث تحوي المدينة مجموعة منوعة من المتاحف من قبيل المتحف العالمي للساعات الذي هو عبارة عن متحف للساعات بمجموعة من الساعات المرصعة بالمجوهرات وساعات الحائط الموسيقية، وثمة المتحف الدولي للصليب الأحمر والهلال الأحمر، الذي يعطي فكرة عن مجال عمل تلك المنظمات الإنسانية ويدعو ضيوف المدينة إلى زيارتها.
ويفتخر تاريخ المدينة بجامعتها التي تعتبر إحدى أفضل الجامعات على مستوى العالم،تخرج منها مشاهير حصل أغلبهم على جوائز نوبل في شتى الميادين، كإيدمون فيشر ( جائزة نوبل للطب)، كوفي أنان ( جائزة نوبل للسلام)، جونار ميردال ( جائزة نوبل للاقتصاد),ومن معالمها الجاذبة للسياح نافورة جنيف،التي تضخ الماء على ارتفاع يصل إلى 140 متر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى