ما موقف سلطنة عمان من تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية؟! (تحليل خاص)
يمن مونيتور/ تحليل خاص:
طوال سنوات الحرب الست في اليمن التزمت سلطنة عُمان، بالحياد -إلى حد ما- في سياستها تجاه الأطراف اليمنية، وافتتحت مكتباً لجماعة الحوثي المسلحة الذي لعب دوراً أساسياً في لقاءات الجماعة المسلحة بالدبلوماسيين والمسؤولين الأجانب، وتقديم وجهة نظرهم تجاه الحرب التي يوقدون شعلتها في البلاد منذ 2014م.
وأعلنت الولايات المتحدة تصنيف جماعة الحوثي المسلحة منظمة إرهابية، وسيدخل القرار حيّز التنفيذ في 19 يناير/كانون الثاني الجاري، أي قبل يوم واحد من تسليم إدارة دونالد ترامب البيت الأبيض لإدارة الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن.
لم تعلق سلطنة عُمان بَعد على القرار الأمريكي.
يختبر التصنيف الأمريكي للحوثيين الحياد العُماني، وهي اختبارات متلاحقة للسياسة العُمانية في اليمن منذ بدء العمليات العسكرية للتحالف الذي تقوده السعودية في اليمن منذ 2015م، إذ رفضت السلطنة الدخول مع باقي دول الخليج في الحرب ضد الحوثيين، لكنها ما زالت تعترف بالحكومة اليمنية كحكومة شرعية للبلاد.
ولم يكن الموقف العُماني غائباً في اجتماعاته مع المسؤولين الأمريكيين منذ كشف نيّة إدارة ترامب تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية في نوفمبر/تشرين الثاني 2020م.
الموقف العُماني المُعلن
في ديسمبر/كانون الأول الماضي زار مساعد وزير الخارجية الأمريكية لشؤون الشرق الأدنى ديفيد شينكر منطقة الخليج لمناقشة تصنيف الحوثيين كجماعة إرهابية، واستكشاف بدائل للتصنيف. وخلال لقاءه بوزير الخارجية العُماني بدر البوسعيدي في مسقط، شكك البوسعيدي بجدوى تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية في دفعهم إلى إحياء محادثات سلام مع الحكومة اليمنية الشرعية.
خلال الحرب بين الحكومة الشرعية والحوثيين كانت سلطنة عُمان منطقة المفاوضات الخلفية، وعادة ما رعت مفاوضات بين الحوثيين والسعودية على سبيل المثال، وكانت منطقة لقاء وزير الخارجية الأمريكي الأسبق جون كيري بالحوثيين. ولقاءات عديدة بين الحوثيين وسفراء ودبلوماسيين تابعين لدول الاتحاد الأوروبي، ولقاءات المسؤولين التابعين للأمم المتحدة.
في الشهر ذاته (ديسمبر/كانون الأول) تحدث البوسعيدي في مؤتمر حوار المنامة في البحرين بالقول: لا أعتقد أن هناك حلا يستند إلى تصنيف أو حجب أحد أطراف هذا النزاع، وإبعادهم عن طاولة التفاوض.
وأضاف: تساؤلي حيال (أي تصنيف أميركي) هو: هل سيحل هذا القرار الصراع اليمني، مع الأخذ في الاعتبار أن هذه الجماعة طرف مهم؟ أم أنه من الأفضل دعم ما يحاول مبعوث الأمم المتحدة فعله بدعوة الجميع إلى الطاولة بمن فيهم هذه الجماعة.
الإرهاب من وجهة النظر العُمانية
في فبراير/شباط 2007 أصدرت سلطنة عمان قانون مكافحة الإرهاب، لا يعرف التنظيم الإرهابي خارج السلطنة. ويقتصر في مواده القانونية على الجرائم داخل الحدود العُمانية، ويعرف التنظيم الإرهابي: “بأنه كل جمعية أو هيئة أو منظمة أو مركز أو جماعة أو عصابة أو ما شابهها، أيا كانت تسميتها أو شكلها، وأي فرع لها، تنشأ لغرض إرهابي. ويكون الغرض إرهابيا إذا كان يهدف إلى إلقاء الرعب بين الناس أو ترويعهم بإيذائهم أو تعريض حياتهم أو حرياتهم أو أمنهم أو أعراضهم أو حقوقهم للخطر، (..) أو تهديد الاستقرار أو السلامة الإقليمية للسلطنة أو وحدتها السياسية أو سيادتها.
بإسقاطه على اليمن فإن الحوثيين يرتكبون ما يشير إليه القانون العُماني، لكن الجماعة المسلحة –حتى الآن- لم تهدد السلطنة أو وحدتها السياسية أو سيادتها، بل يعتبرون السلطات العُمانية صديقة.
تملك سلطنة عُمان علاقة قوية مع الولايات المتحدة في مجال مكافحة الإرهاب –حسب ما تؤكد وزارة الخارجية الأمريكية مراراً، ويقول التقرير القطري للولايات المتحدة حول مكافحة الإرهاب عام 2019: “لا تزال الحكومة العمانية قلقة بشأن الصراع في اليمن وإمكانية قيام القاعدة في شبه الجزيرة العربية وداعش في اليمن بتهديد حدود عمان البرية والبحرية. تواصل المسؤولون العمانيون بانتظام مع المسؤولين الأمريكيين بشأن الحاجة إلى مكافحة الإرهاب، لكنهم نادراً ما يبثون جهودهم لمكافحة الإرهاب علناً”.
في عام 2019 فرضت عُمان عقوبات على كيانات وأفراد مرتبطين بإيران أضافتهم الولايات المتحدة على قوائم الإرهاب.
عُمان- وكذلك بقية دول العالم- ليست ملزمة بالعقوبات وقوائم الإرهاب التي تصنفها الولايات المتحدة، لكن جرت العادة أن تفرض واشنطن عقوبات على الكيانات والأفراد –وأحياناً الدول- التي تتعامل مع الكيانات المصنفة في قوائمها للإرهاب.
ويرفض الكونجرس الأمريكي –ومسؤولون أمريكيون حاليون وسابقون- تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية، وهو ما سيُستخدم لاحقاً من قِبل الدول التي تتواصل مع الحوثيين، إذا ما استخدمت إدارة جو بايدن قرار تصنيف الحوثيين كأداة لفرض العقوبات.
في كل الحالات تحتاج إدارة بايدن إلى سلطنة عُمان في إعادة تهيئة الأجواء والمفاوضات بين الولايات المتحدة وإيران، في ظل الرغبة المُعلنة من “بايدن” بإعادة العمل بالاتفاق النووي الإيراني.
لذلك من المتوقع أن لا تقوم سلطنة عُمان بإجراءات ضد الحوثيين، معتمدة على التزامها بمكافحة الإرهاب وفق قوانينها المحلية والقوانين الدولية المتصلة بمكافحة الإرهاب، ودورها كوسيط خلفي لأي مفاوضات بين الجماعة وحكومات أخرى.