أوجاع انهيار العملة اليمنية
عندما تم إغلاق محلات الصرافة قبل أيام ، هذا الأمر أحدث ضجة كبرى بين أوساط المواطنين فمنهم من أبدى استياءه إزاء ذلك، ومنهم من انتابه قليل من الأمل إزاء ذلك أيضًا، ولا شك أن الذين تضجروا من هذا القرار هم أنفسهم الذين يتلاعبون بالعملة بين بيع وشراء، أما الناس الذين فرحوا لهذا القرار فهم أولئك البسطاء الذين يحاولون قدر المستطاع توفير مقومات الحياة البسيطة، الذين إذا ما جمعوا قليلًا من المال لأسرهم بعد جهد جهيد- خصوصًا في ظل هذه البطالة الكبرى- لا يستطيعون إيصالها لهم إلا مبتورة من نصفها، علمًا بأن ارتفاع الأسعار له دور كبيرٌ أيضًا في تنكيد حياة هؤلاء المواطنين البسطاء.
المسألة التي طرحت على الرأي العام وأحدثت هذا الضجيج الكبير هي إغلاق محلات الصرافة، هذا ما جعل المتلاعبين بالعملة في حالة من القلق والتوتر، وجعل الناس البسطاء يعيشون آمالًا كبيرة وآحلامًا عظمى يبنونها في مخيلاتهم، من تلك الأحلام توقف هذه السخرية وهذا التلاعب الكبير وانخفاض الأسعار، كذلك اتحاد العملتين اليمنيتين في سعر واحد حتى يهدأ ذلك التوتر الذي يعيشه الشعب، أو قل حتى يرتاح الشعب من بعض ما يؤذيه وينغص عليه الحياة.
لكن هذا لم يدم طويلًا، مر يومان والناس في انتظار الفرج، حتى جاء اليوم الثالث بشيء جديد فاق التوقعات وصدم الكثير، عادت محلات الصرافة لعملها الذي كانت تمارسه قبل ذلك، مع الملاحظة بوجود قرار ملصق على جدار المحل تراه معلقا على الزجاج أمام المواطنين المقبلين على هذه المحلات مفاده أن العمل في الصرافة يكون في الصباح فقط، كذلك بيع وشراء العملة الأجنبية محظور، وهذا ليس إلا كلامًا مكتوبا على ورقة يقرأه المواطنون ولا يراها العامل أثناء مزوالة عمله. والحقيقة أن بيع وشراء العملة الأجنبية مازال مستمرًا والجشع في الإقبال على هذا كبير جدًا.
ترى الناس يصلون وبكل شغف يسألون (بكم الألف السعودي؟) فيجيبهم العامل هناك أنه بـ230 ألفا والعجيب في الأمر أن من يسأل يتضجر كثيرًا لماذا نقص فيقول (لا مش كذا هو كان بـ233 كيف كذا نقص مش معقول أنا مررت على فلان والصرف عنده بـ232) ثم يشمر متضجرًا إلى خارج المحل ليدلف إلى محل آخر بالقرب منه، وإن منهم من يقبل على صرف العملة الأجنبية بشكل كبير يخشى أن تستمر بالنزول أكثر، والعاملون مستعدون كل الاستعداد لاستقبال العملات الأجنبية دون ضمير ولا مسؤولية.
السؤال هنا إلى متى سيستمر هذا الوضع بهذا الانفلات الكبير الذي تضرر منه الناس البسطاء وحدهم، وهل هناك جدوى من إغلاق محلات الصرافة تلك الفترة هل فيه ردع لهذا التلاعب أم أنه مجرد أمر راح وقد انتهى، وأن الأمور ستستمر على ما هي عليه الآن.