تقاريرغير مصنف

مركز الكلى الصناعي يتوقف عن العمل في تعز وسط قذائف الحوثيين

مرضى الفشل الكلوي يفترشون الأرض، في صباح شديد البرودة، وهم عرضة للقذائف الطائشة التي تطال مستشفى الثورة بمدينة تعز اليمنية من حين لآخر.
يمن مونيتور/ تعز/ من وئام عبدالملك

مرضى الفشل الكلوي يفترشون الأرض، في صباح شديد البرودة، وهم عرضة للقذائف الطائشة التي تطال مستشفى الثورة بمدينة تعز اليمنية من حين لآخر.
وتعرض قسم الكلى الصناعي بهيئة مستشفى الثورة العام بتعز، للقصف أربع مرات، منذ أن سيطر الحوثيون وحليفهم صالح على المدينة أواخر شهر مارس الماضي.
وضع المركز
تحول الوضع إلى كارثي في مركز الكلى الصناعي بهيئة مستشفى الثورة بتعز، بعد أن أصبح الدواء غير متوافر، بسبب الحصار الذي يفرضه الحوثيين على تعز.
رئيس الكلى الصناعية بهيئة مستشفى الثورة العام الدكتور فهمي الحناني قال لـ” يمن مونتيور” بأن:” المركز يوم الغد الموافق 26 نوفمبر، لن يكو قادرا على العمل، إذا لم يحصل المركز على بعض المساعدة التي وعدت بعض الجهات الخيرية بتسلميها لهم، ليستأنفوا العمل ثانية، فالمركز لا يجد الدواء ولا الماء، ولا تتوفر مادة الديزل الضرورية لعمل أجهزة الغسيل الكلوي، ولا مستلزمات الغسيل الكلوي”.
وحذر الحناني” من خطورة الوضع في مركز الكلى الصناعي، مؤكدا بأن المركز الآن يقوم بعملية غسيل كلوي لتسعين إلى مائة حالة باليوم، إذ كان لدى المستشفى 300 حالة فقط، بينما أصبح العدد 500 مريض بحاجة إلى غسيل كلوي بشكل دوري، بعد أن توقف مستشفى ” الجمهوري” بتعز عن العمل، وزاد ضغط العمل على المركز، وطالب بإنزال جوي من قبل التحالف العربي لمستلزمات الغسيل الكلوي، ليتم إنقاذ المرضى”.
وتابع:” بأن مرضى الفشل الكلوي لا تحتمل حالتهم التأخير، فكل دقيقة في حياة المريض تعني الحياة، وتوقف المركز الكلى الصناعي يعني موت 500 شخص، فبالنسبة لمرضى الفشل الكلوي تعد الصواريخ والقذائف، أرحم من توقف عملية الغسيل الكلوي لهم، فتوقفه يعني موتهم”.
ويقول الصيدلاني في صيدلية مستشفى الثورة:” بأن الصيدلية خالية من الأدوية بنسبة تزيد عن ال95%، فمخزون أدوية المستشفى نفد، وتخلو كذلك من المحاليل، وأكثر من يحتاجها هم مرضى الفشل الكلوي”.
وأضاف الدكتور الحناني بأن:” المركز طوال فترة الحرب، قائما على مساعدات بعض الجهات الخيرية، كجعمية الحكمة الخيرية، والهلال الأحمر القطري، ورجال أعمال وغيرها “.   
آلية جديدة للعمل
الدكتور الحناني قال:” بأن المركز إن لم يحصل على إغاثة، فإنهم قاموا بالتنسيق مع بعض الجهات، لتوزيع المرضى على مراكز الغسيل الكلوي في محافظات أخرى كمدينة صنعاء وعدن، ولكن هذا سيفاقم حالة المرضى كثيرا، نتيجة الأوضاع الصحية الحرجة للمرضى، والتكلفة المادية الباهظة لسفرهم، والأوضاع الأمنية”.
جميلة عبده خالد إحدى مرضى الفشل الكلوي، قالت لمراسلة يمن مونتيور:” بأنه لن يكون بمقدورها هي والكثير من المرضى التوجه إلى أي محافظة أخرى، لإجراء الغسيل الكلوي، وستنتظر على فراش المرض أن يأتيها الموت، الذي تتمناه أن يكون رحيما، فهي كانت تدفع حوالي 50 دولارا، أجرة السيارة التي تقلها من منطقة” شرعب” بتعز إلى مركز الكلى الصناعي، وهذا فوق طاقتها، إلا أنها بحاجة ماسة للغسيل الكلوي”.
المشي على الأقدام
هزاع عبده سعيد أحد مرضى الفشل الكلوي قال:” أخرج من منزلي في منطقة” المسراخ” بتعز في اليوم السابق، لأصل اليوم الثاني إلى المركز، فأنا أقطع مسافات طويلة مشيا على الأقدام، بسبب قطع الحوثيين وقوات حليفهم صالح للطرق، وأنتقل بوسيلة مواصلات، ثم أمشي راجلا، من منطقة” بير باشا” بتعز حتى منطقة” الدحي”، أو من جولة القصر حتى المستشفى، وأعاني كثيرا لأن السموم والسوائل تكون مرتفعة في الجسم قبل الغسيل الكلوي، فأتوقف مرات كثيرة في الطريق، وأمشي في الطرقات وأنا معرض لخطر القنص، والقذائف والرصاص، وبعد أن منعوا دخول المواطنين عبر مداخل المدينة، فأنا في المستشفى منذ أسبوعين، ولا نجد أفرشة أو بطانيات، وننتظر في المستشفى ليقوموا بعمل الغسيل الكلوي لنا في الوقت المحدد”.
وقالت بدرية سيف إحدى مرضى المركز:” بأنها ونتيجة للمشي على الأقدام بسبب قطع الطرقات، تورمت قدميها وساقيها، وبأنها تمشي في الطرقات وهي معرضة لخطر القنص، ولو أنها لم تكن مضطرة للخرج من المنزل لما خرجت”.
بدوره قال محمد عبدالله غالب أحد المرضى بمركز الكلى الصناعي:” بأنه وبسبب قطع الطرق، ومنع المواطنين من دخول المدينة، يجلس في المستشفى وينتظر والمرضى الآخرين تحت الأشجار، بين البرد القاسي والرياح، منذ أسبوعين، حتى وقت تعرض المستشفى للقصف، فلا مكان نختبئ فيه، ثم اضطرتني الظروف إلى استئجار منزل صغير بالقرب من المستشفى، لأتمكن من الخضوع لجلسات الغسيل الكلوي، وأنا بعيدا عن أسرتي التي تركتها خلفي، وقد أموت في المنزل الذي أعيش فيه الآن، دون أن يعرف أحدا عني شيئان يعرف أح”.
أخشى أن أموت
عبدالملك سعيد قال بأنه” يأتي إلى مركز الكلى الصناعي من منطقة” شرعب” بتعز، وبأنه ما يزال يتذكر أحد أبناء منطقة” البرح” بتعز، الذي منعته قوات الحوثيين وصالح من المرور من نقطة بجانب جامعة” تعز”، وكان يحتاج إلى غسيل كلوي، فمات هناك، ولا أريد أن أكون والمرضى في مواجهة مع الموت، إذا لم يتم تقديم الدعم اللازم للمركز اليوم، ففي المركز أبلغونا بأن الأدوية، ومستلزمات الغسيل الكلوي ستنفد اليوم”.
إصابة بشظايا
الممرضة في مركز الكلى الصناعي أميرة راشد قالت:” بأن في إحدى المرات وجراء قصف المركز تعرض بعض المرضى الذين كانوا تحت الأشجار أمام المركز لشظايا، وبعض الممرضين”.
مناشدة المرضى
وأضاف محمد عبدالله غالب:” بأنه إن تأخر عن الخضوع لجلسة الغسيل الكلوي وإن يوما واحدا، فإن السموم تتجمع ويتورم كامل جسده، وإن تأخر أكثر فإنه سيموت”.
وناشد كل المرضى في مركز الكلى الصناعي الجهات الخيرية بتقديم الدعم للمركز، حتى يجدوا الدواء، ويتمكنوا من إجراء الغسيل الكلوي في المركز، فالمركز بحاجة إلى مادة الديزل والمياه، والأدوية، ومستلزمات الغسيل الكلوي.
وفي ظل هذه الحرب، يعيش مرضى الفشل الكلوي المأساة مرتين، ولم يبقَ لهم إلا الله الذي يعلم جيدا حجم معاناتهم، فوجوههم شاحبة للغاية، نتيجة المرض، وبقائهم لأوقات طويلة في باحة المستشفى، وقطعهم راجلين مسافات طويلة بسبب قطع الطرقات، وأوضاعهم المادية صعبة أكثر، وهم يعلمون بأن مركز الكلى إن توقف فالموت أول من سيتلقفهم دون أن يستأذنهم، وفي هذه الحرب لم يفرق الجلادين آلات الموت بين المرضى والآخرين، يُحتجزون في النقاط الأمنية ليلفظوا أنفاسهم الأخيرة على مرأى منهم، دون أن ترتعد قلوبهم لذلك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى