الأمم المتحدة.. 5 دول تحتكر قرارها و “غالبية” تنتظر إصلاحها
يمن مونيتور/الأناضول
منذ عقود ترتفع الأصوات الداعية إلى إصلاح الأمم المتحدة، ومنحها صلاحيات أوسع، تواجه بها التحديات والأزمات في العالم، وفي مقدمتها الاعتداءات بين الدول، والفقر والأوبئة، وعدم الاستقرار الناجم عن تزايد الأعمال الإرهابية.
فمنذ تأسيسها في 24 أكتوبر/تشرين الأول 1945، ترتبط الأمم المتحدة في الأذهان العربية بالقضية الفلسطينية، فبعد عامين من قيامها، وتحديدا في 29 نوفمبر/تشرين الثاني 1947، أصدرت الجمعية العامة قرارها رقم 181 بإنهاء الانتداب البريطاني على فلسطين.
ومنذ ذلك التاريخ، وحتى نهاية ديسمبر/كانون أول الماضي، أصدرت الأمم المتحدة نحو 990 قرارا، بمعدل 13 قرارا في السنة، لم ينفذ منها قرارا واحدا، سواء الصادرة من قبل الجمعية العامة أو مجلس الأمن.
ويرجع السبب في عدم تنفيذ قرارات الأمم المتحدة، إلى افتقاد جميع القرارات لمؤازرة الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن (أمريكا، وروسيا، والصين، وفرنسا، وبريطانيا) باعتبارها القادرة على التنفيذ، وكونها تمتلك حق نقض أي مشروع قرار “الفيتو”.
وفي 28 سبتمبر/أيلول الماضي، شدد وزراء خارجية 12 دولة، بينها تركيا، على ضرورة إصلاح مجلس الأمن الدولي، التابع للأمم المتحدة، لجعله “هيئة أكثر ديمقراطية وتمثيلا ومساءلة وشفافية وكفاءة”.
** نجاحات وإخفاقات
فشل الأمم المتحدة في إيجاد حل لقضية فلسطين، لا ينسحب بالضرورة على كل القضايا الأخرى التي أنشئت المنظمة الدولية من أجلها، إذ شاركت في تسوية نزاعات إقليمية من خلال نشر 15 قوة حفظ سلام بمناطق مختلفة من العالم.
كما أشرفت المنظمة، على الانتخابات في 45 بلدا على الأقل، وساهمت في نشر ثقافة حقوق الإنسان، والحد من الانتشار النووي، وإصدار أحكام قضائية في النزاعات الكبرى بين الدول، وتوفير المساعدات الإنسانية في مناطق الصراعات المسلح.
في المقابل، ظهرت إخفاقات الأمم المتحدة بشكل أوضح، فإلى جانب قضية فلسطين بالطبع، فشلت المنظمة في إيجاد حل للأزمة السورية، والحرب في اليمن، والأزمة في إقليم دارفور غرب السودان.
كما فشلت في محاصرة الإرهاب بمنطقة الصحراء الإفريقية ودول الساحل، والحرب في أفغانستان، والعراق، وأخيرا، وليس آخرا، عجزها عن تنفيذ 4 قرارات أصدرتها في عام واحد (1993) بشأن انسحاب أرمينيا من إقليم قرة باغ الأذربيجاني.
** مفتاح الحل
وبعد 75 سنة من إنشائها، يتمثل التحدي الأكبر الذي يواجه الأمم المتحدة، في ضرورة إعادة تنشيط جمعيتها العامة، المكونة من 193 دولة، ومنحها صلاحيات أكبر، وإصلاح أساليب العمل بمجلس الأمن الدولي.
الأزمة أن الإصلاحات لن تتم إلا بموافقة الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن، التي ترفض أي مقترح ترى أنه ينتقص من مصالحها، ما يجعل مفاوضات إصلاح مجلس الأمن وتنشيط الجمعية العامة تنتقل من سنة لأخرى، دون أي تقدم.
وتعتبر اللجنة التي شكلها الأمين العام الاسبق للأمم المتحدة كوفي عنان، والمؤلفة من 16 شخصية لوضع مقترحات الإصلاح، دليل على وجود رغبة ضرورية لإصلاح المنظومة الأممية.
وخلصت اللجنة في تقرير مطول، تضمن 101 مقترحا، إلى ضرورة توسيع مجلس الأمن، بحيث يضم 24 دولة بدلا من الدول الخمس عشرة التي يضمها حاليا.
ومنذ بداية ولايته، قدم الأمين العام الحالي أنطونيو غوتيريش، مقترحات لإصلاح الأمم المتحدة، ولتحسين إنجاز المنظمة.
إلا أن المبادرتين، لم تلقيا استجابة واسعة من الدول الخمس دائمة العضوية بمجلس الأمن، رغم تبني أمينين عامين للمنظمة لهما.
** ميثاق جديد
ويبدو أن السبيل الوحيد لإصلاح هذا الخلل، حسب مراقبين، هو تحقيق حلم العديد من الدول الأعضاء، التي تندرج تحت خانة الدول النامية والفقيرة، أي صياغة ميثاق جديد.
على أن يكون ذلك الميثاق، بديلا عن الذي تم توقيعه في 26 يونيو/ حزيران 1945 في سان فرانسيسكو في ولاية كاليفورنيا الأمريكية، في ختام مؤتمر الأمم المتحدة الخاص بنظام هيئتها الدولية، وأصبح نافذا في 24 أكتوبر/ تشرين الأول 1945.
ويصطدم وضع ميثاق جديد، يعكس طموحات وآمال الشعوب النامية والفقيرة، مع ضرورة موافقة الدول الخمس، وهذا ما يجعل الكثير من المراقبين يعتبرون فرص الإصلاح ستبقى محدودة رغم تأييد الغالبية.
وترجع محدودية الأثر، إلى أن القوى العظمى، وفي مقدمتها الولايات المتحدة، لن تقبل المساس بصلاحياتها ومكانتها في مجلس الأمن والمنظمات الدولية الأخرى.
ويبلغ عدد أعضاء منظمة الأمم المتحدة 193 دولة في الوقت الحاضر، مقابل 51 دولة عندما تأسيسها عام 1945، ورغم تضاعف عدد الأعضاء، والتغيرات التي شهدتها الساحة الدولية منذ ذلك الحين، لم تعرف المنظمة إصلاحات تراعي مصالح غالبية الدول الأعضاء. –