في مثل هذه الأيام من شتاء كل عامٍ، يكون “سوق العسل” بمدينة عتق، عاصمة محافظة شبوة، شرقي اليمن، على موعدٍ مع عسل “السِدر”، الذي يبدأ موسمه مع بداية فصل الشتاء. يمن مونيتور/ شبوة/ من إبراهيم حيدرة:
في مثل هذه الأيام من شتاء كل عامٍ، يكون “سوق العسل” بمدينة عتق، عاصمة محافظة شبوة، شرقي اليمن، على موعدٍ مع عسل “السِدر”، الذي يبدأ موسمه مع بداية فصل الشتاء.
ويشهد سوق العسل بالمدينة هذه الأيام إقبالًا لتجار ومنتجي العسل الأصلي من مختلف المحافظات لاسيما المحافظات الشرقيّة والجنوبيّة، حيث تشتهر مناطق محافظة شبوة بإنتاج أجود أنواع العسل اليمني، الذي تُصدّر كميات كبيرة منه إلى المدن الرئيسيّة في اليمن، وإلى دول الخليج وشرق آسيا، خصوصاً ماليزيا واندونيسيا، ودولة أجنبية أخرى.
لكن الحرب والظروف الصعبّة التي تعيشها البلاد منذ نحو تسعة شهور؛ ألقت بظلالها على “النحالين”، منتجي العسل، وكبدتهم خسائر فادحة، الأمر الذي أدى إلى تراجع كميات الإنتاج لهذا العام، مقارنة مع الأعوام الماضية.
يقول “مبارك محمد اللقيطي”، أحد النحالين من أبناء مديرية بيحان، غربي شبوة، “إن الأوضاع التي تمر بها اليمن حالياً أثّرت بشكل كبير على النحالين وانعكس ذلك سلباً على كميات الإنتاج لهذا العام”، مشيرًا أن “انعدام المشتقات النفطية وارتفاع تكاليف النقل، أعاقت تنقل النحالين إلى المناطق المفضلة لإنتاج العسل الأصلي، سواء من أبناء المحافظة أو القادمين من المحافظات المجاورة”.
ويضيف “اللقيطي”، لـ”يمن مونيتور”، “إن النحالين فقدوا نحو 70 في المائة من خلايا هذا العام بسبب الأزمة، حيث عجز الكثير منهم عن تحمل تكاليف النقل إلى المجنى حيث إنتاج العسل”، إضافة إلى المواجهات الدائرة في بعض المناطق بين مسلحي الحوثي والمقاومة الشعبية التي تزامنت مع موسم إنتاج العسل، في شبوة هي الأخرى أضرّت بالنحالين”.
وتعد مهنة تربية النحل وإنتاج العسل، من المهن المتوارثة في محافظة شبوة، منذ قرون، وتسهم في توفير فرص عمل للعديد من أبناء المحافظة، وهي أيضًا مصدر دخل رئيسي لبعض الأسر في المحافظة.
كما أن كارثة إعصار “تشابالا” الذي ضرب المناطق الشرقيّة والساحليّة من محافظة شبوة، مطلع نوفمبر الجاري، دفعت بالكثير من النحالين إلى استخراج العسل قبل موعدة؛ خوفًا من العاصفة”.
وقال “صالح المشلشل” أحد تجار العسل في شبوة، “إن بعض النحالين في المحافظة استخرجوا العسل قبل وقته خوفًا من الإعصار، بينما البعض الآخر تأخروا إلى بعد الإعصار بأسبوع أو عشر أيام، لكنهم حصلوا على عسل أجود من الذين سبقوهم، أو وقت الإعصار”.
وأشار “المشلشل” في حديثه لـ”يمن مونيتور”، “أن مميزات العسل الأصلي يكون ثخينًا لدرجة اللزوجة، وقبل هذا يكون ذو رائحة قويّة على حسب نوعية المجنى”، إضافة إلى نسبة السكر التي يجب أن تكون طبيعيّة، كون هناك نوع من العسل تكون نسبة السكر فيه عالية أكثر من نسبة رحيق السدر”.
وفيما يتعلق بكميات الإنتاج لهذا العام، قال “المشلشل”، “إن كميات العسل هذا العام قليلة جدًّا مقارنه بالعام الماضي والأسباب قلة الأمطار في فصل الخريف والصيف ونقص المشتقات النفطية، وإن وجدت فهي بأسعار غالية جدًّا لا يستطيع بعض النحالين شراءها، وأن اشتراه يزيد من تكاليف النحل، ويمكن أن يتعرض للخسارة، حتى وإن حصل على عسل ربما لا يغطي نفقاته”.
ويبدأ موسم إنتاج “عسل السدر” في محافظة شبوة، والذي يسمى محليًا بـ”البغيّة” من الـ15 من شهر سبتمبر/ أيلول، وهذه الفترة يبدأ فيها النحل ببناء أقراص العسل من ثمر أشجار “السدر” التي تنتشر بكثافة في مناطق المحافظة، وخاصة في مديرية “جردان” التي ينسب إليها العسل “الجرداني” ذائع الشهرة، وبقية المناطق التي لا يقل عسلها شهرةً عن عسل جردان.
ويستمر النحل في البناء لمدة خمسين يومًا أو أكثر بقليل، ومن ثمّ يبدأ موسم جني عسل السدر “الدبسة”، من الخلايا في الخامس من نوفمبر/ تشرين ثاني، وقد يستمر الموسم في بعض المناطق إلى نهاية ديسمبر/ كانون الأول.
ويعتمد النحالون في محافظة شبوة على طرقٍ تقليديّة، لاستخراج العسل من الخلايا، قبل توزيعه في عبوات مختلفة الأحجام، ثم عرضها في الأسواق.
وتتراوح أسعار عسل “السدر” بحسب جودته، حيث يصل سعر العبوة (خمسة ليترات) ذات الجودة العالية إلى (120,000) مئة وعشرين ألف ريال يمني (550 دولاراً).
أما الطريقة الأخرى لحفظ العسل التي ما تزال معتمدة حتى اليوم، هي وضع الأقراص ذات الشمع الأبيض الممتلئة بعسل السدر الخالص في أواني معدنية، أو غيرها من الأواني المخصصة لحفظ العسل وكل اناء داخله قرصان، بحيث تبقى هذه الأقراص طازجة، وهو ما يعرف بـ(القروف)، ويصل سعر القرف الواحد إلى (25,000) ريال يمني.