الست العجاف في اليمن.. إعادة رسم المشهد
بعد ست سنوات عجاف، أو كما يسميها “العكفة” ألفي يوم من العدوان والحصار، ليس أمام شعبنا إلا الحقائق الماثلة للعيان، والتي لن تستطيع الهاشمية السياسية بقناديلها وزنابيلها وعكفتها ودعاتها ومروجيها إنكار أو تغيير صورتها في الواقع، إنها حقائق الدمار الشامل للقيم والأخلاق ولكل مكتسبات شعبنا. سقطت مزايدات الدفاع عن الوطن، انتهى الكلام، واختفت لعنة الجرعة المزعومة وتجرع الناس الويلات والغصص، وتشكلت الحدود والحواجز بين كل أجزاء البلاد. فبعد لعنة العنصرية الطائفية الكهنوتية المُسماة بالهاشمية السياسية ظهرت عنصريات جهوية ومناطقية وعرقية همجية تتوهم معرفة بالتاريخ وإدراكاً للجغرافيا والسياسة والجينات. البلد اليوم على طاولة الجزارين، والسبب هو انقلاب الهاشمية السياسية المشؤوم وما تلاه ليست سوى نتائج.
بكل تأكيد لقد خسروا هذه المعركة وكل المعارك القادمة، هذه الأرض لن تقبلهم، وهذا الشعب لن يُصغي لدعوتهم بعد الآن، على الأقل إلى أن تفنى 10 أجيال قادمة، ومعها كل المراجع التي سجلت الآثار الكارثية التي جلبوها معهم كالوباء المدمر.
يمكنهم الآن أن يتستروا بأعذار الحرب وعدوان الخارج، والكثير عن خزعبلات استهداف العالم لهم ولهذا البلد. لكن الحقيقة أن أغلب الجماهير صارت تدرك أنهم وهاشميتهم السياسية بؤرة كل المصائب. أدركت ذلك بالحديد والنار، والرعب، والتسلط، والجوع والاذلال. كل شيء يتداعى وينهار في المنطقة الجغرافية التي يسيطرون عليها. كل الطبقات والشرائح تعاني: الغنية والمتوسطة والفقيرة. الكل صار خائفاً، وعليلاً، ومطارداً في قوته وصميم معيشته. الكل صار مُدركاً أنه لا وجود له إلا في إطار مصالحهم ورغباتهم، وأنه لا مكان لأقل حاجاته فضلاً عن أمنياته أو رغباته.
المواطن المضطهد في مناطق سيطرة سلالة الهاشمية السياسية لا يستطيع أن يقرر حريته حتى في الانجاب وتنظيمه، وهي أخص خصوصيات الفرد والأسرة، فوسائل ذلك مصادرة لأعمالهم المشبوهة. المواطن المسحوق هناك لا يملك خياراته، ولا يأمن حتى في أن يحفر تحت بيته قبواً ليختبئ ويخبئ أطفاله منهم، أو لأمواله ومقتنياته العزيزة عليه والتي كسبها بعرق جبينه. إنهم يلاحقونه حتى إلى صلواته، فهم أوصياء على دخوله في عبادته وقصده باب ربه إلا بدفع ضريبة العبور ، ضريبة يدفعها من كرامته في الشارع ، وإرسال أبنائه إلى الجبهات. إنهم أوصياء على رزقه وأنفاسه.
خسروا جوهر شعاراتهم الخرافية، وسقطت الهالة القدسية التي يدعونها لفكرتهم، فالناس لا يرون الحسين ولا زيد ولا علي وفاطمة، ولا بيت ولا آل. الناس لا يرون إلا سوق بني هاشم السوداء لكل شيء؛ لمرتباتهم، ووظائفهم، وعيالهم، وشرف بناتهم، وأشلائهم، وحتى عظامهم في قبورهم. هذه الأخيرة مكون أصلي في الخزعبلات التي اختلقوها وابتدعوها لمن غرروا بهم، فالقبور هم من يحددون طبقات ساكنيها، إما لقنديل هاشمي درجة أولى ثانية ثالثة إلخ إلخ، أو لزنبيل قبيلي من حق مطلع أو من حق منزل، مزين، جزار قعدان، أو جزار مواشي، أو جزار دجاج .. إلى أخر سلم الطبقات الملعون الذي كرسته سلالتهم الهالكة في اليمن. كما أنه من حق الهاشمية السياسية ومشرفيها نبش تلك القبور لاستخدام رفاتها لأغراض دعائية أو طقوس كهنوتية، أو مزايدات منظماتية.
ست عجاف من تمريغهم لدعوتهم في المظالم، والدم، والبشاعة التي تلاحقهم، جعلت من المستحيل أن تجد لها طريقاً إلى قلوب وعقول الناس. لن تجد إلا اللعنات، والذكرى الممرغة بالعار، والفشل والكراهية. مبروك عليكم كل هذا البغض الشعبي، لو فعل خصومكم أقصى جهدهم ما وصلوا لما فعلتموه أنتم بأنفسكم ولفكرتكم المختلقة.
لا بأس، يمكنكم تجميع الأموال، وفرض الأمر الواقع، وإعادة تغيير الأزياء، والاختفاء مجدداً بين الأنقاض والزوايا كما فعلتم سابقاً. لكن اختفاء شخوصكم ليس المهم فدعوتكم ستظل مُطَاردة باللعنات، وحقائق كل هذا العصر المظلم، والدمار، والخراب، والأسى الذي صنعتموه في كل زاوية وبكل فرد على حده.
غدا تسقطون، لا بواكي لكم، حتى أفرادكم سيهللون لذلك، فالعنصرية التي تعاملون بها بعضكم صارت مُشينة، مُهينة، وبشعة لدرجة أنهم صاروا يكرهون كل هذه الدعوة، وأصولها المختلقة ومحدداتها المبنية على الزيف والوهم والتي جلبت لهم العار والشنار والدمار. فلتحتفلوا بست عجاف أو بألفي يوم من إغراق دعوتكم بالغضب، والبغض، والرفض، والفناء المستقبلي. اذهبوا غير مأسوف عليكم.