تعز تستغيث من «الحوثيين»: «لا تقبروناش»
لم يسلم شيء، حتى المستشفيات، من القذائف العشوائية التي تضرب يومياً مدينة تعز اليمنية المحاصرة من جانب مليشيات الحوثي والمخلوع صالح، والتي كانت قد انطلقت منها شرارة التظاهرات التي خرج فيها اليمنيون إلى الشوارع، مطالبين بالديمقراطية إبان انتفاضة «الربيع العربي»، لكنهم يكافحون فيها الآن من أجل البقاء.
تعز تستغيث من «الحوثيين»: «لا تقبروناش»
صنعاء/ رويترز
لم يسلم شيء، حتى المستشفيات، من القذائف العشوائية التي تضرب يومياً مدينة تعز اليمنية المحاصرة من جانب مسلحو الحوثي وقوات الرئيس اليمني السابق والتي كانت قد انطلقت منها شرارة التظاهرات التي خرج فيها اليمنيون إلى الشوارع، مطالبين بالديمقراطية إبان انتفاضة «الربيع العربي»، لكنهم يكافحون فيها الآن من أجل البقاء.
وتقع تعز ثالث أكبر المدن اليمنية تحت رحمة الآلاف من متمردي الحوثي المتحالفين مع صالح الذي انتفض سكانها ضده عام 2011. ويتهم السكان «الحوثيين» بمنع دخول المساعدات الغذائية وقصف الأحياء السكنية عشوائياً، وهم يحاولون السيطرة على المدينة في الحرب المستمرة منذ نحو سبعة أشهر. وبرغم أن صالح تنحى في 2012، إلا أنه لا يزال يحظى بدعم عسكريين، ويعتقد أهل تعز أنهم يتعرضون لعقاب جماعي على معارضتهم المخلوع في الماضي.
وقال توفيق الشعبي رئيس نقابة المحامين في تعز «كل يوم نعاني من القصف بمدافع الهاوتزر والهجمات بصواريخ الكاتيوشا..ليس فقط على قوات المقاومة ولكن على المناطق المدنية أيضاً والمنازل والمستشفيات والأسواق وصنابير مياه الشرب العمومية»، وأضاف في حديث ل«رويترز» عبر الهاتف «هدفهم هو تركيعنا، لأن أهل هذه المدينة رفضوا القبول بأن تسيطر جماعة مسلحة على السلطة في هذا البلد بالقوة ولأننا كنا أول من انتفض ضد الاستبداد في 2011».
ومن بين أكثر من 5600 يمني قتلوا في الحرب، يقول مسعفون في تعز إن أكثر من 1600 قتلوا بالمدينة التي كانت تعرف في السابق بتعددها الثقافي. ويلقي السكان أشد اللوم على محاصريهم، ويصفون الحوثيين في تعز وغيرها من المناطق في ربوع اليمن بالمرتزقة. ويزعم صالح أنه لا يدعم أي طرف لكن منتقديه يتهمونه بالمساعدة في توجيه الموالين له بالجيش لتصفية حسابات واستعادة بعض من نفوذه القديم.
ولا تزال تعز مقسمة بين قوات الحوثيين وصالح من جهة ومقاتلي المقاومة المؤيدين لشرعية الرئيس عبدربه منصور هادي من جهة أخرى. وتسيطر قوات الحوثيين على مداخل المدينة. ويقول سكان إن نقاط التفتيش التابعة للحوثيين تفتش السيارات القادمة ليس فقط بحثاً عن الأسلحة وإنما أيضاً للبحث عن عبوات الوقود والدقيق (الطحين) وغيرهما من المؤن الأساسية. ويتم تهريب الحطب على ظهور الحمير عبر الجبال التي تحيط بالمدينة لطهي الطعام، وعندما تمكنت شاحنة مياه من تجاوز الحصار الشهر الماضي أطبق عليها العشرات من السكان البائسين بعبوات فارغة.
وقالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر هذا الأسبوع: إنها تفاوضت على مدى أكثر من شهرين من أجل إدخال إمدادات طبية أساسية بما فيها مضخات الأوكسجين، ولكن دون جدوى. وقال عبد الرحيم السامعي وهو طبيب محلي «إن من يصابون في القصف لا يلقون مساعدة تذكر داخل مستشفيات المدينة التي تفتقر إلى الإمدادات وتعرضت لعمليات قصف متكررة». وأضاف «انهار القطاع الصحي بشكل كامل..يرى المرء أناساً يموتون أمام عينيه جراء الآلام من أسوأ الجروح الممكنة ولا يقدر على توفير أبسط سبل الراحة». وأضاف «أصاب 13 صاروخاً مستشفى الثورة الرئيس الأحد. وأمس فقط، سقطت قذيفتا مورتر على البوابات وقتلت رجلين..عندما لا يسلم هدف مثل هذا.. فأنا لا أسمي هذا قصفاً عشوائياً.. بل أسميه متعمداً».
وظهر تسجيل فيديو لصبي في مستشفى الشهر الماضي يعالج بعدما أصيب هو وأصدقاؤه عقب سقوط قذيفة عندما كانوا يلعبون. توسل الطفل فريد شوقي ذو الست سنوات للأطباء وهو يرتعد ألماً قائلاً «لا تقبروناش (لا تدفنوني)». لكن الطفل استسلم لجروحه وفاضت روحه حيث دفن بعد ذلك بأيام، فيما زاد من ضعف الروح المعنوية للسكان الذين يواجهون مشكلات مضنية حتى إذا تمكنت قوات التحالف من تحرير المدينة في نهاية المطاف.
وتواجه تعز حالياً خطر معاناة نفس مصير مدينة عدن الجنوبية التي تم انتزاع السيطرة عليها من الحوثيين في يوليو، لكنها سرعان ما انزلقت إلى بعض الفوضى وتعج حالياً بمسلحين. وقالت ندوى الدوسري وهي محللة يمنية تنحدر من تعز: «يشكل هذا خطراً إذا دام الصراع لفترة أطول»، وأضافت «في ظل غياب الحكومة كل هذا الوقت واستمرار القتال، فمن شبه المؤكد أن يأتي إلى تعز أناس غير مرغوب فيهم في شكل تلك الجماعات المتطرفة».