أطفال تعز حرمان من التعليم ومن الحياة (تقرير)
انتظر مئات الأطفال في تعز أن ينقضي من عمرهم خمس سنوات، ليمتلكوا زياً مدرسيا ً وحقيبة، وليذهبوا إلى المدرسة، لكن كان انتظارهم من أجل أن يعيشوا الحرب، وأن يحرموا من حلمهم، انقضت الخمسة أعوام من عمر الطفل( محمد عبدالغني)، ولم تأتِ المدرسة، كل ما هنالك أن عاما آخر من المعاناة والحرب كان بانتظاره وأقرانه.
يمن مونيتور/ تعز/ من وئام عبدالملك
انتظر مئات الأطفال في تعز أن ينقضي من عمرهم خمس سنوات، ليمتلكوا زياً مدرسيا ً وحقيبة، وليذهبوا إلى المدرسة، لكن كان انتظارهم من أجل أن يعيشوا الحرب، وأن يحرموا من حلمهم، انقضت الخمسة أعوام من عمر الطفل( محمد عبدالغني)، ولم تأتِ المدرسة، كل ما هنالك أن عاما آخر من المعاناة والحرب كان بانتظاره وأقرانه.
فيما طلاب “أطفال” انتظروا بصبر نافذ أن يبدأ عامهم الدراسي الجديد، ليلتقوا بأصدقائهم ومعلميهم، بعد أن اشتاقوا لمدرستهم، لكن ذلك لم يحدث.
وبحسب تقرير لمنظمات مجتمع مدني في المدينة اليمنية التي تقع وسط اليمن، للفترة من 15 مارس وحتى 30 سبتمبر 2015م، فقد سقط أكثر 830 طفل بين قتيل وجريح.
استقبل الطلاب العام الدراسي الجديد في تعز وهم نازحون، أو خائفون من أن يكونوا ضحايا آلات الموت وأصواتها التي تخافها قلوبهم الصغيرة، ولا تحتملها “مثانتهم” فيتبولوا على أنفسهم، كما تقول العديد من الأمهات لـ”يمن مونيتور”.
في ليل تعز الذي يصمت فيه كل شيء، وترتفع أصوات الرصاص والقذائف والصواريخ، يصرخ الأطفال فزعا، لكن آلات الموت تصرخ بصوت أعلى، فتجعلهم يصمتوا ويهربوا منها إلى النوم.
محمد الأسعدي، الناطق الرسمي باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) في اليمن، فيقول في تصريحات صحافية «ستكون هناك صعوبات في العودة للمدارس، والعام الماضي حرم أكثر من مليون و800 طفل من إكمال تعليمهم، في المحافظات التي شهدت صراعات مسلحة، وتوقفت أكثر من 3600 مدرسة، وهذا العام تأخر الطلاب شهرين».
وأضاف: «الوضع صعب، هناك مدارس في تعز وصعدة دمرت، وهناك مدارس تحولت إلى مقر لسكن النازحين، ونحاول أن نقدم البديل لذلك عبر نصب خيام مؤقتة للمدارس، والمساعدة في نقل النازحين إلى مناطق مناسبة لهم».
وقالت إحصائية حصل عليها “يمن مونيتور” عن الانتهاكات بالمؤسسات التعليمية بتعز عن انتهاك (156) مدرسة، منها (59) مدرسة تعرضت للقصف المباشر، ودمرت بشكل كلي أو جزئي، ونهبت محتوياتها، و (35) مدرسة اقتحمت واستخدمت لأعمال عسكرية، و (62) مدرسة استخدمت كمراكز ايواء للنازحين.
وتشير الإحصائية التي أتت ضمن تقرير لنقابة المعلمين في المدينة إلى أن معظم المدارس لم تسلم نتائج العام الماضي، لمكتب التربية في المحافظة.
لن يذهبوا للمدارس
من ناحية أخرى يعتبر محمد الشرعبي وهو أحد المعلمين في المدينة، بأن العائلات في المدينة ترى بأن توفير الغذاء اليوم أهم الأولويات التي يقوم بها إلى جانب المحافظة على سلامة أطفاله، لتكون الدراسة – في نظره ليست ذات أهمية- أمام ضرورة أسباب البقاء عبر توفير الرغيف والهروب من القصف.
يضيف في حديث لـ”يمن مونيتور”: “أنا بلا عمل منذ أشهر، وكل ما يهمني اليوم هو كيف أوفر البُر “القمع” و “الرز” الأرز لأبنائي، عدا الخوف من تعرض أي مدرسة للقصف من قبل الحوثيين أو قوات التحالف”. رافضاً فكرة السماح لأطفاله بالذهاب إلى المدرسة في ظل الحرب حتى لو تمكن من توفير متطالبتهم.
وتقول أم محمد عبد الغني التي سمحت لأطفالها بالعودة للمدرسة ان أطفالها “لا يجرؤون أن يطلبوا من آبائهم قلما أو دفترا، لأنهم يدركوا أن لقمة العيش أكثر أهمية”.
طردت ذاكرتهم أحلامهم، واستبدلتها بالخوف، بالصمت، وبالحرمان من الحلوى، وبالفزع من الأصوات الذي توقظهم من نومهم، بعد أن يستبد بهم البكاء، إما خوفا أو على أهلهم الذين فقدوهم جراء مرض أو آلة موت.
فيما يرى الطفل( أمجد محمد) لـ”يمن مونيتور” الذي كان يكره المدرسة ويخاف معلمته، أصبح يتوق للمدرسة، فهي أكثر رحمة من الحرب.
في صباحات ومساءات أطفال تعز يتذكروا أن مدارسهم قد تحولت إلى ثكنات عسكرية، وقد أصبحت أهدافا عسكرية، أو منهوبة، أو أصبحت سجونا، أو أماكن لتدريب المقاتلين، أو مخازن أسلحة، أمل يمننا القادم يحصلون على شهادات لعام دراسي لا يعلموا كيف انقضى بتلك السرعة، فكيف سيقومون ببناء يمننا الكبير الذي ننتظر ولاته الثانية، وهم لا يتعلموا كما ينبغي.
الطفلة رغد المصابة بمتلازمة داون تقول والدتها:” بأنها تشعر بالعزلة، بعد أن أغلقت المدرسة المتخصصة بذوي الاحتياجات الخاصة أبوابها بسبب الحرب”.
أصبح بعض أولئك الأطفال ضحايا هذه الحرب، وسقطوا بين قتيل وجريح، وأًصبحوا سلاحا في الحرب، اُنتهكت طفولتهم وتم تجنديهم، ونشاهد بعضهم أسرى حرب، أو في النقاط الأمنية يحملون سلاحا أكبر من حجم أجسادهم، وتلفع الشمس وجوههم، وتقتل الطفولة في أرواحهم رويدا رويدا، إذ لا تستطيع أن تقتلها دفعة واحدة، وهم كذلك باعة للوقود في الجولات، لا يتسابقوا ليحجزوا مكانا لهم في مقدمة الطابور المدرسي كما كانوا يفعلوا، بل يتسابقوا ليحصلوا على مكانا جيدا يجذب الزبائن إليهم.
أمل يمننا القادم، يستيقظون كل صباح لعل أهليهم يخبرونهم بأن موعد المدرسة قد حان، لكن ذلك لا يحدث، هم يغادروا المنزل في السابعة صباحا أو قبل ذلك بقليل، ويخيل إليهم أن صوت أستاذهم يتناهى إلى أسماعهم، وهو يرتبهم في صفوفهم في طابور المدرسة، ولكن صوت قذيفة تعيدهم إلى الواقع، فيتوجهوا للعب كرة القدم مع أصدقائهم في الشارع، دون أن يكترثوا لها، وكثيرا ما احتفلت معهم( قذيفة مدفعية) بنصر الفائز في المباراة، واختطفت أبطالهم.