اخترنا لكمكتابات خاصة

معركة الوعي يا متعلمين

أحمد ناصر حميدان

نحتاج أن نصنع وعي يرتقي بالمجتمع، ليصطف مع تطلعاته بالدولة العادلة وقوة القانون، لا قانون القوة .
نحتاج أن يتطهر الفرد والمجتمع من عصبيات ما قبل فكرة هذه الدولة، ويترفع عن الـ”أنا” المتهالكة والانانية.
وعي يحتاج للمثقف العضوي، أكثر من احتياجه لحملة الشهادات الورقية، التي لا ترتقي بأصحابها لمستوى ثقافي وفكري يجعلهم جزء من تطورات العصر ومتغيراته، فالأمم تنهض بمفكريها ومثقفيها، لا بحجم الشهادات الورقية التي تصدرها جامعات تحت سلطة فاسدة تستأثر حتى في المؤهلات، ومخرجاتها في نتاجها على الأرض، فاقد الشي لا يعطيه.
وهذا ما يؤكد المقولة أن الجهل يرافق المتعلم الذي لم يجعل من علمه ثقافة تتمثل في رقي حضاري وإنساني، وأبقى علمه محتجزاً في قوقعة الأنا المتملكة، تثير لديه النزعة الفردية والجماعية في دائرة مغلقة، بعصبية أو أيدلوجية أو عقيدة .
من بؤس واسئ واقعنا افتقاره للمثقف العضوي، ان وجد يتعرض لهجوم شرس، لمواقفه النقدية للواقع بحيادية وشجاعة، تجعله في دائرة الخطر، خطر قوى اللاوعي المسيطرة، والغارقة بمركزية الـ”أنا” والجماعة والعصبية التي تربطهما، في حرب شرسة بين الوعي والحكمة واللاوعي الخالي من الحكمة.
ما تعرض له المثقف العضوي الإيجابي وزير الثقافة السابق، الشاعر والوطني الغيور الأستاذ خالد الرويشان، لا يخرج عن أطار معركة الوعي كأحد أعمدتها في الوطن .
مثل الرويشان ثقلا في هذه المعركة، في نقد الواقع برقي ومسئولية، دون ان يهاب خطورة ذلك الواقع المسيطر علية العصبية السلالية الاصولية السياسية والعقائدية، وهذا ما يحدث اليوم لكثير من المثقفين وقوى الوعي في الشمال والجنوب .
ستستمر قوى العصبة والأصوليين السياسيين والعقائديين، في تكشير أنيابه ضد قوى الوعي والتنوير اينما تكون وحيثما تحل، شمالا وجنوبا، وترى بوضوح التشفي للقوى الدخيلة على الثقافة، باختطاف الرويشان، هي تفرز سموم العصبية والتطرف، تفرز جهل وتخلف يختفي خلف شهادات ورقية ومؤهلات زائفة، كانت عبارة عن هدايا سياسية لا غير في مرحلة فساد أيدلوجية للمنظومة السياسية.
تعرى كثير ممن يدعون الثقافة، وحملة الشهادات الورقية، في عدن والجنوب، حينما اغمضوا اعينهم، وبلعوا ألسنتهم، وغضوا الطرف عن ما حدث ويحدث لعدن، وكأنه لا يعنيهم، ولم ينبس أي منهم ببنت شفة، لأنهم لو نطقوا حقا، سيدينون عصبتهم وجماعاتهم، وهي بالنسبة لهم ذات اولوية من الوطن والمواطن والحق، بمعنى ادق هي الانتماء الأول، والوطن انتماء ثانوي، يستخدم لغرض الابتزاز، والسكوت عن الباطل هي صفة المبتز المنافق، ولعن الله المنافقين .
للأسف اليوم لا نواجه الجهل والتخلف من غير المتعلمين، بل نواجه من خلال  نخبة من حملة الشهادات العليا  ، وهي من تقف في وجه حملتنا ضد هذا الجهل والتخلف والعصبية، تدعي التعليم وترفع راية الجهل بصورة مزخرفة يرسمها متعلم  يحمل شهادة دكتوره، ويستنير بها الجهلة غير المتعلمون، وهي ثقافة الجهل والاصرار وثقافة الحكم بالمظهر خلت صغار العقول كبار، بل الغت العقل ،ونشرت ظلاما  لتقضي على نور يهدد عصبتها وتعصباتها و اصوليتها، يهدد مصالحها الضيقة، تلك خبرناها في نقد النظام السابق ، وكانوا يحطمون معنويات ذلك النقد، بعبارة (اسكهلك)، واليوم بعد أن تحولوا لثوريين ، يحطمون كل نقد للماضي والحاضر بنفس لغة التخلف والجهل (واسكهلك )، باعتبار ان هذا النقد يكشف عورتهم، وكشف العورة السياسية والثقافية والسلوكية في شرعهم فتنه، بينما النقد يحصن الحاضر من النفوس الامارة بالسوء، وامراض الماضي ليضمن مستقبل امن منها، وهم يبحثون عن مستقبل هم فيه السادة بكل عوراتهم ومساوئهم .
الدولة العادلة، تستند على الوعي، وقواه الحية، على قوة القانون والنظام، لا على قانون القوة والقبيلة ولغة (اسكهلك)، والاحكام القبلية والإرث البالي لما قبل الدولة يا متعلمين يا بتوع المدارس والجامعات.
**المقال خاص بموقع “يمن مونيتور” ويمنع نشره وتداوله إلا بذكر المصدر الرئيس له.
*** المقال يعبر عن رأي كاتبه.
 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى